خطبة عن ( حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر)
مارس 27, 2016خطبة عن (عمر بن الخطاب أميرا للمؤمنين)
مارس 27, 2016الخطبة الأولى ( فضائل عمر بن الخطاب ومناقبه)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي وصحيح بن حبان ( عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ « هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ » وفي سنن الترمذي وابن حبان وعند البيهقي وابن ماجة (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ » ، وفي رواية (عَنْ حُذَيْفَةَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنِّى لاَ أَدْرِى مَا بَقَائِي فِيكُمْ فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى ». وَأَشَارَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ) ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمر بأن الله عز وجل جعل الحق على لسانه وقلبه ،ففي سنن الترمذي ومسند أحمد وابن ماجه وابن حبان (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ »
أيها المسلمون
حديثنا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لنأخذ من سيرته الدروس والعبر ، ونقتدي بأقواله وأفعاله كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كيف لا وهو الرجل الذي قيل عنه بأنه كان ذا عقل وافر ، وسر طاهر ، وتوفيق حاضر ، وصدر منشرح ، وكان أمره عجبا ، وشأنه غريبا ، دعم الدين ، وشيد بنيانه ، ورفع أركانه ، وأنار برهانه ، كان باطنه كظاهره ، وكان من نوادر الرجال ،وإذا كان عمر رضي الله عنه قد عرف بالشدة ، فإن هذه الشدة كانت في الدين ، كانت لله وفي الله ، ومع ذلك فقد كان يقبل النصيحة والنقد ، ويشاور أصحابه في كل أمر يهمهم ، فالإسلام يدعو إلى الشورى بقول الله تعالى : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) آل عمران 159 ،( قام الفاروق رضي الله عنه يوما يخطب فقال: أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومه، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه ) ، ( وكان يقول: أحب الناس إليّ من رفع إليّ عيوبي )، وقال أيضاً: إني أخاف أن أخطئ فلا يردني أحد منكم تهيباً مني )، ( وجاءه يوماً رجل فقال له على رؤوس الأشهاد: اتق الله يا عمر: فغضب بعض الحاضرين من قوله وأرادوا أن يسكتوه عن الكلام، فقال لهم عمر: ( لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها) ( ووقف ذات يوم يخطب في الناس فما كاد يقول: (أيها الناس اسمعوا وأطيعوا) حتى قاطعه أحدهم قائلاً: لا سمع ولا طاعة يا عمر، فقال عمر بهدوء: لم يا عبد الله؟ قال: لأن كلاً منا أصابه قميص واحد من القماش لستر عورته. فقال له عمر: مكانك، ثم نادى ولده عبد الله بن عمر، فشرح عبد الله أنه قد أعطى أباه نصيبه من القماش ليكمل به ثوبه، فاقتنع الصحابة وقال الرجل في احترام وخشوع: الآن السمع والطاعة يا أمير المؤمنين )، وخطب ذات يوم، فقال: لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية، وإن كانت بنت ذي القصة -يعني يزيد بن الحصين- فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فقالت امرأة معترضة على ذلك: ما ذاك لك قال: ولم؟ قالت: لأن الله تعالى قال: ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا )(20) ( (النساء،آية:20). فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ )، وجاء في رواية: أنه قال: (اللهم غفراً كل إنسان أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربع مئة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب وطابت به نفسه فليفعل )، ولما ولي عمر بن الخطاب أمر المسلمين بعد أبي بكر مكث زماناً، لا يأكل من بيت المال شيئاً حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة( حاجة)، لم يعد يكفيه ما يربحه من تجارته، لأنه اشتغل عنها بأمور الرعية، فأرسل إلى أصحاب رسول الله فاستشارهم في ذلك فقال: قد شغلت نفسي في هذا الأمر فما يصلح لي فيه؟ فقال عثمان بن عفان: كل وأطعم، وقال ذلك سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وقال عمر لعلي: ما تقول أنت في ذلك؟ قال: غداء وعشاء، فأخذ عمر بذلك، وقد بين عمر حظه من بيت المال فقال: إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة قيم اليتيم، إن استغنيت عنه تركت، وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف )
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الأولى (فضائل عمر بن الخطاب ومناقبه)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ما أحوجنا في هذا الزمان إلى الاقتداء بهؤلاء الرجال ، الذين طبقوا الدين على أنفسهم قولا وعملا وعقيدة ، ما أحوجنا حكاما ومحكومين إلى السير في طريقهم ، والتماس خطاهم ، فلن ينصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، فالإسلام ليس كلمة يلوكها اللسان ،أو وردا تردده الشفاه ، ولكنه سلوك ومعاملة ، معاملة مع الله ، ومع النفس ، ومع الناس ، وهكذا رأينا مبدأ الشورى في الإسلام ، والانصياع والانقياد للحق ، فالحكم الفردي الذي لا يسمع ولا يسمح للرأي الآخر أو ينكل بالمعارضين له ليس من الاسلام في شيء ،وفي صحيح البخاري (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ – رضى الله عنه – إِلَى السُّوقِ ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَكَ زَوْجِى وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا ، وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا ، وَلاَ لَهُمْ زَرْعٌ وَلاَ ضَرْعٌ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِىِّ ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِى الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – ، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ ، وَلَمْ يَمْضِ ، ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ . ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِى الدَّارِ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا ، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا ، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ ثُمَّ قَالَ اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ . فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا . قَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا ، فَافْتَتَحَاهُ ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِىءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ) ، وجاء لعمر رجل فقال: ( يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعني على فلان، فإنه ظلمني، فرفع عمر الدرة، فخفق بها رأس الرجل، وقال: تتركون عمر وهو مقبل عليكم، حتى إذا اشتغل بأمور المسلمين أتيتموه، فانصرف الرجل متذمراً، فقال عمر علَيَّ بالرجل: فلما أعادوه ألقى عمر بالدرة إليه، وقال، أمسك الدرة، واخفقني كما خفقتك قال الرجل: لا يا أمير المؤمنين، أدعها لله ولك قال عمر: ليس كذلك: إما أن تدعها لله وإرادة ما عنده من الثواب، أو تردها عليّ، فأعلم ذلك، فقال الرجل: أدعها لله يا أمير المؤمنين، وانصرف الرجل، أما عمر فقد مشى حتى دخل بيته ومعه بعض الناس منهم الأحنف بن قيس الذي حدثنا عمّا رأى: … فافتتح الصلاة فصلى ركعتين ثم جلس، فقال: ( يا ابن الخطاب كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، ثم حملك على رقاب المسلمين، فجاء رجل يستعديك، فضربته، ( ما تقول لربك غداً إذا أتيته؟ )، فجعل يعاتب نفسه معاتبة ظننت أنه خير أهل الأرض ) ومازال حديثنا موصولا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء