خطبة عن الحق والباطل ، ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ )
يونيو 5, 2021خطبة عن العناية بالصحة ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ )
يونيو 12, 2021الخطبة الأولى ( خَلَقْتُ خَلْقًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسنه : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ك لَقَدْ خَلَقْتُ خَلْقًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ فَبِي حَلَفْتُ لأُتِيحَنَّهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرَانًا ، فَبِي يَغْتَرُّونَ ، أَمْ عَلَىَّ يَجْتَرِءُونَ » ، وفي رواية له : « يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ السُّكَّرِ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَبِى يَغْتَرُّونَ أَمْ عَلَىَّ يَجْتَرِئُونَ فَبِي حَلَفْتُ لأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ مِنْهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ مِنْهُمْ حَيْرَانًا »
إخوة الإسلام
يبين الله تعالى في هذا الحديث القدسي الجليل : تحريم المكر ،والخداع ،والنفاق ،والضحك على الناس ،واستخفافهم ، وأن عاقبة الماكرين ، أن الله يبتليهم بفتنه ، محنةً لهم ، جزاءً على أعمالهم الخبيثة. فمعنى الحديث: قال الله : لقد خلقت فريقاً أو جماعة أو بعضاً من خلقي “ألسنتُهمْ أحلى منَ العسلِ، وقلوبُهم أمرُّ منَ الصبرِ” فهذا القول كناية عن لينهم للناس ظاهراً ، وإضمار السوء لهم باطناً مكراً وخداعاً ، فليس في قلوبهم محبة للعباد ، إنما يحبون أنفسهم ، ويخادعون الناس ، بإظهار المودة والمحبة لهم ، لأجل أغراضهم ومصلحتهم منهم. وأما قوله “فبي حلفتُ: لأُتِيحَنَّهُمْ فتنةً تدعُ الحليمَ منهمْ حيرانًا” أي : أقسمت بي وحدي وعزتي وجلالي ، لأقدرن لهم فتنة ، وأبتليهم بنقمة ، وأهيئها لهم ، وأسلطها عليهم وتلازمهم ، حتى تترك الشخص الحليم منهم حيرانا من شدة وقعها بهم ،فلا يهتدون إلى طريق الخلاص منها ، ليجنوا ثمرات سيئاتهم ، ولو أخلصوا لله تعالى لهداهم الله. وقوله “فبي يغترونَ؟ أمْ عليَّ يجترؤونَ؟” أي يغترون بعلمي عليهم ، وتأخير عقوبتي لهم ، أعلىّ أنا يجترئون بانتهاك محارمي ، ومخالفة أمري ، والأستفاهم هنا غرضه التوبيخ والتقريع لهؤلاء العصاة الماكرين. وفي قوله صلى الله عليه وسلم : «يلبسون للناس جلود الضأن من اللين» :فهذا كناية عن تملقهم للناس، وتحسين الخلق في وجوههم، وإظهار البشاشة لهم واللين معهم، وكل ذلك منافقة باللسان، وتكلف وتصنع في الظاهر، وأما في الباطن؛ فهم بخلاف ذلك، ولهذا وصف ألسنتهم بغاية الحلاوة، فقال: «ألسنتهم أحلى من السكر» ، وقال في رواية: «ألسنتهم أحلى من العسل» ، وشبه قلوبهم بقلوب الذئاب؛ لما انطوت عليه من مزيد الخبث والغدر والفجور، ووصفها بغاية المرارة، فقال: «وقلوبهم أمر من الصبر» ، وقد وصفها أيضًا بغاية النتن مع شدة المرارة، فقال في حديث حذيفة رضي الله عنه الطويل : «قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر» ، وفي وصفهم بهذه الصفات الذميمة إرشاد إلى التباعد منهم، وعدم الاغترار بتملقهم وتصنعهم للناس.
أيها المسلمون
إن النفاق مرض خطير وخزي كبير، إنه داء مهلك، ما فشا في أمة من الأمم إلا كان نذير دمارها وخرابها، وسبيل شقائها وعذابها، وما حل في نفس إلا كان دليلاً على مهانتها، وضياع مكانتها وعزتها، وفقدان شرفها وشهامتها، والنفاق عار في الدنيا، ونار في الآخرة، قال الله تعالى : ( إِنَّ المُنَافِقِينَ في الدَّركِ الأسفل مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُم نَصِيراً ) [النساء: 145]. ومن النفاق أن يلقاك بعض الناس بأقوالهم المعسولة، وعباراتهم الخلابة، فترى البعض يلقاك بوجه طليق، ويظهر لك المحبة والمودة، والصدق والإخلاص، ولكنه بخلاف ما يظهر، وعلى عكس ما يبدي، فقد امتلأ قلبه غيظاً وحقداً وحسداً، ونفاقاً و مراوغة، فهو يبيع دينه بعرض من الدنيا، ويهدر كرامته في سبيل نيل بعض اغراضه الشخصية أو حاجاته الدنيوية ، فاتخذ صفات المنافقين له مركباً، وابتعد عن صفات المؤمنين الصادقين. فهم (يختلون) أي يأخذون الدنيا باسم الدين، فيتاجرون به، ويحققون مصالحهم بالدين، لأن الدين يغدو الورقة الرابحة بآخر الزمان ، فيأتي المنافقون ويستغلون الدين ، ويلعبوا بأوراقه ، وينهبون الدنيا باسم الدين ، فالمنافقون يبتسمون في وجهك، ويصافحونك بحرارة، ويعبرون عن أشواقهم إليك، ولكنك لا ترتاح لهم، وتخاف منهم، مع دماثتهم ولطفهم ونعومتهم،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( خَلَقْتُ خَلْقًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد ذم الله تعالى هذه طائفة من الناس ، لاتصافهم بصفة النفاق والمكر ،وهي صفة لا تتفق مع صفات المسلمين الصادقين وقد قال صلى الله عليه وسلم { المكر والخداع في النار } رواه ابن حبان ، فسواء أكان مكرهم بالناس لإضرارهم ، أو كان مكرهم بهم من باب تظاهرهم بالدين ليأكلوا به الدنيا ، فهم من أهل النفاق الذين قال الله تعالى فيهم : (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (4) المنافقون ، فهم خشب مسندة ، لا تغني ولا تفيد ، وكيف تصدر عنهم فائدة ، ولا وزن لدين الله في قلوبهم ، إنما الدنيا عندهم أجل منه ، فهم يسرقون دنيا الناس بالدين فهم” يتاجرون ” به ، وكيف يرجى منهم خير؟ ،وهم يحملون في قلوبهم الغل والحقد للمسلمين ؟!، فلا يرجى الخير ممن لا يرجو الخير للمسلمين . وقد جاءهم الوعيد الالهي من رب العالمين العزيز الغالب مع القسم بذاته المقدسة فقال في الحديث : (فبي حلفت ) لأتيحنهم : أي لأنزلن بهم عذابا ونقمة ،تترك العاقل ذا الرأي منهم لا يدري ماذا يعمل ، وكيف يتخلص من البلاء النازل به وبذويه . ( فبي يغترون ؟ أم علي يجترئون ؟ ) … إن كان قد غرهم حلمي عليهم ،وامهالي لهم ، فاغتروا وتجرؤوا على عصياني ، وإضرار عبادي ، فما أجهلهم بالله في خلقه وتدبير لكونه
الدعاء