خطبة عن (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)
يونيو 27, 2024خطبة عن النهي عن المسألة ( إِنَّ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ )
يونيو 29, 2024الخطبة الأولى (أين النصر؟) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) محمد (4)
إخوة الإسلام
الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وهو سبحانه لو يشاء لانتصر من الكافرين المعتدين على المؤمنين بغير قتال، ولكنه سبحانه شرع الجهاد، وأمر المؤمنين بمحاربة الكافرين المعاندين المعتدين، ليجعل عقوبتهم في الدنيا على أيديهم بالقتل والتنكيل؛ وليختبر الله صدق المؤمنين، ويتميز قوي الإيمان من ضعيفه، كما قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) محمد: (31).
وكثيرا ما نسمع من يقول: نرى المؤمنين اليوم يُنَكَّلُ بهم، ويصيبهم الأذى، بل وربما القتل، وذلك في شتى بقاع العالم، والله تعالى يقول: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:51]، فأين هذا النصر؟ ونقول: لا بد أن نؤمن أن هذا القرآن هو كلام الله، ونوقِن أنّ وَعْد الله حقّ، وأنه لا يُخْلِف الميعاد، فإذا ما رأى المؤمنون أن النصر قد تأخر، فعليهم أن يتَّهِموا أنفسَهم بالتقصير في تحقيق شروط النّصر، وأنهم بوَضْعهم الحالي ليسوا أهلًا لتحقيق وَعْد الله؛ لأنّ الله وَعَد بالنصر مَنْ كان أهلًا لذلك، ومن تتحقّق فيه شرطه، فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]. فنصر الله لمن ينصر الله بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، ونصر الله لمن ينصر رسوله بالاتباع، ولمن ينصر دينه بالتمسك به والدعوة إليه، فنصر الله تعالى آتٍ لا محالة، ولكننا نستعجل كما استعجل الصحابة قبلنا، ففي صحيح البخاري: (عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ « كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِى الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ،وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».
وقد يتأخر النصر لأن الله يريد أن يصطفي من الأمة شهداء، تُحلِّق أرواحهم في حواصلِ طيرٍ خُضْرٍ في الجنة، شهداء يُغفَر لهم مع أول قطرة دم، شهداء يشفعون في سبعين من أهلهم. وقد يتأخر النصر لتمييز الصف، وظهور المؤمنين من المنافقين؛
ونصر الله قريب، ولكنه ليس لأي أحد، بل للذين ثبتوا حتى النهاية. وللذين صبروا على البأساء والضراء، ولم يحنون رؤوسهم للعاصفة، نعم نحن نريد النصر، ولكننا لم نصل بعد للإيمان الذي يستحق أن ينصرنا الله به. متى يتحقق النصر؟ هذا أمر يختاره الله، ويحدده هو سبحانه، فما يجب علينا ونحن نمر بهذه الظروف الصعبة، إلا أن نصبر ونحتسب، وأن نثبت على المبدأ والطريق، وأن نكون أوفياء لبيعتنا لله ورسوله، وأن ترتبط القلوب بالله، وأن تقوى صلتنا بخالقنا، فبذلك وغيره نمتلك مقومات النصر، ونحقق في أنفسنا ما يؤهلنا لنصر الله. ونحن موقنون أنه إذا ضاقت السبل، وانقطعت بنا الحيل، فليس لنا غير باب الله باب، فهو الذي يكشف الكرب ويدفع الضر. فلْنَثِقْ في وعد الله لنا، ونطمئن لأقداره وقدره، ونتيقن من حكمته، ونتوكل عليه، ونَدْعُه ونتضرع إليه أن يلطف بنا وبإخواننا المجاهدين في ساحات القتال، ولنكن لَبِنات في بناء النصر، ولنحذر أن نكون مِعْوَلَ هدمٍ في جسد الأمة، وليحذر أحدنا أن يكون سببًا في هزيمة الأمة، وليتمسك كلٌّ منا بثغره، ويحارب دونه، لا بد من الثقة التامة في نصر الله تعالى، لأن العقيدة الصحيحة تربِّي في نفوس دعاة الحق الشعورَ بالأمل في الله، والثقةَ في نصره، ومهما توالت المحن وتعاقبت الفتن،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أين النصر؟)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
إن الثقة في الله تطرد اليأس من القلوب، وتدفع أصحابها إلى اقتحام المصاعب مهما اشتدَّت، ومقارعة الحوادث مهما عظمت، وكيف يُصيب اليأسُ صاحبَ العقيدة وهو يقرأ قول الله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ (القصص 5-6). فأبشروا بفرج الله القريب، ونصره الذي يلوح في الافق، وهو نصر أكيد مع الصبر والصمود، الذي يسطره الأحرار في ساحات التضحية والفداء، وإصرارهم البطولي رغم قسوة الظالمين، وبطشهم، من أجل نصرة الدين واسترداد الحقوق المسلوبة، قال تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يوسف (21)، وقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) النور : 55،56، فهذا وعدٌ من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض، أي: أئمةَ الناس، والولاةَ عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، وقد فعل الله تبارك وتعالى ذلك، فلم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليه مكة، وخيبر، والبحرين، وسائر جزيرة العرب، وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مَجُوس هَجَر، ومن بعض أطراف الشام، وصالحه هرقل ملك الروم، وصاحب مصر المقوقس – ، وملوك عُمان، والنجاشي ملك الحبشة، ولما انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، قام بالأمر بعده الخلفاء الراشدون ومن جاء من بعدهم. (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (6) الروم
الدعاء