خطبة عن الصحابي: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ)
ديسمبر 23, 2017خطبة عن (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ) (وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا)
ديسمبر 23, 2017الخطبة الأولى ( أيها الشباب : أنتم مستهدفون فانتبهوا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ﴿ قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ المائدة 100. وقال الله تعالى : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا) 13، 14 الكهف ،وروى الحاكم في مستدركه : (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لرجل و هو يعظه : اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ،وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك)
إخوة الإسلام
نداء ورجاء إلى شباب الأمة من المسلمين في كل مكان : أيها الشباب : أنتم مستهدفون من أعدائنا فانتبهوا ، نعم إننا مستهدفون من أعدائنا فيكم وفي عقيدتنا، وإن أعداءنا لن يرتاح لهم بال، ولن تقر لهم عين ، حتى يشعلوا نار حقدهم في شبابنا وأمل أمتنا، وقد حققوا والله كثيراً من مبتغاهم . فأعداؤكم أعداء الأمة يتربصون بكم ، ويريدون هدم ما انجزه سالف الرجال ، الذين بنوا هذه الأمة ، وشيدوا صروحها ، ووضعوا أساسها وأركانها. وأعداء الأمة الآن يحاولون التأثير عليكم ، ويريدون إخراجكم من دينكم ، وإبعادكم عن شريعتكم ،ويستخدمون في ذلك وسائل عدة ، فعليكم بالحذر ، وعدم السير وراءهم ، ولا تكونوا صيدا سهلا فتقعوا في شباكهم ، تحت مسمى الحضارة الزائفة والكاذبة التي يمررها الأعداء لنا ، بهدف إغراقكم في متاهاتٍ ، والايقاع بكم ،وإبعادكم عن دينكم وصرفكم عن عقيدتكم . وأذكركم بقول رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو يحذرنا من ذلك ، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاَتَّبَعْتُمُوهُمْ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ « فَمَنْ ». فهؤلاء الاعداء يحاولون محاربة الاسلام بكم ، فأصبحوا يُسيرونكم كما يريدون ، فعليكم بالحذر ، والتمسك بدينكم ، وطاعة الله عز وجل ، وطاعة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم
يا شباب الإسلام
يا أحفاد أبي بكر وعمر وعلى بن أبي طالب وعثمان بن عفان ، وخالد ابن الوليد وغيرهم ،وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن سطروا المجد التليد، أسألكم : هل شباب اليوم هم شباب الأمس؟ ، فلماذا هذا التقليد لسنن أعدائكم ؟ ، ولماذا هذا التغريب لعاداتكم ومعتقداتكم وأقوالكم وأفعالكم ولباسكم وتحياتكم ؟ بل لقد قلدتموهم في أعيادهم واحتفالاتهم ، وغنائهم ورقصاتهم ، فأين أنتم يا شباب من سلفكم ؟، وأين أنتم من شباب المسلمين الأول ممن امتلأت نفوسهم همما وإيمانا ، فاتخذوا سبيل الله سبيلا، وتفرقوا الناس فجعلوا محمداً وحزبه مثيلا، يا شباب الإسلام : ها هو علي ( رضي الله عنه ) صبحٌ لا يحجب فلقه ، وقد أسلم وهو ابن تسعَ أو عشرَ سنين، لا يُجارى في خلقه، حياته لم تكن لها صبوةٌ ولا شهوةٌ ولا هفوة، بنور الآيات قضى طفولته، أخذ بنصيبٍ وافرٍ من الوصب والتعب وشدة العيش رضي الله عنه وأرضاه، ومع ذلك ما صده ولا رده عن دين الله، يا شباب الإسلام : يقول علي رضي الله عنه : والله لقد رقعت مدرعتي هذه التي علي حتى استحيت من رقعها ،ولقد قِيل لي ألا تغيرها يا أمير المؤمنين ،قلت أغرب عني،
يا شباب الإسلام : انتبهوا واحذوا من كيد أعدائكم ومخططاتهم ، فإن التشبه بالكفار على شتى مِللهم ونحلهم، في لباسهم ومأكولاتهم وعاداتهم وتقاليدهم يولد الاستئناس بهم ومحبتهم وتقديرهم وتعظيمهم، بل ويتدرج الأمر حتى يصل الحال إلى اِزدراء أهليكم ومجتمعاتكم ،وتحتقرون سلوككم ولباسكم، مستحسنين بذلك عاداتهم ومعتقداتهم، ومستمتعين بها ،ومستقبحين ما عليه الآباء والأجداد، وتبتعدوا بذلك عن دينكم وأخلاقكم ، وعندها تنسوا أصولكم وأمجادكم ، وتنسوا ربكم ودينكم ، وبهذا يكون الاعداء قد حققوا أهدافهم .
أيها المسلمون
لقد صُدرت إلينا عبر الإعلام أخلاق مستوردة ،غلفت ببعض القشور ، فأي ذلةٍ أشد وأنكى من أن تستورد الأمة الاسلامية الأخلاق الذميمة من عدوها ،يقول أحدُ زعماء أعدائكم : لقد نشرنا روح التحرر ، وأقنعناهم ( أي شباب المسلمين ) بالتخلي عن دينهم، واستطعنا أن نثبط الشعور عندهم ، حتى أثبتوا الخجل من الإعلان عن تعاليم دينهم ، وأوامره ونواهيه ومزاياه، واستطعنا إقناع الكثيرين منهم بالإعلان جهاراً نهارا بإلحادهم وكفرهم بالله. فأين أنتم يا شباب المسلمين من قول الله جل وعلا : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57]،
يا شباب الإسلام
إن الأعداء هجموا بكل قواهم، وقد شمل هجومهم العقائد والاقتصاد والتعليم والإعلام، كما شمل العقل والنقل والدين والدنيا، وسددوا الطعنات الواحدة تلو الأخرى، وأبرموا المؤتمرات ،وقالوا: إذا أرتم أن تنالوا بغيتكم من الاسلام والمسلمين، فعليكم بفئتين فئة الشباب وفئة النساء.أسمعتم يا شباب الإسلام، إنهم أظهروا الابتسامات الصفراء هنا وهناك ، ويقولون: ننادي وندعو إلى تقارب الأديان ، والله سبحانه وتعالى يقول : ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85]، لقد توجهت إلينا السِهام ، نعم توجهت إلى صدر المجتمع الإسلامي، وهو أنتم يا شباب الإسلام، فيأتي من الشباب من يشارك الكفار ، نعم يشاركهم ويترك الحق الذي عنده، ويتكلم بما عند الكفار سراً وجهارا، فاتقوا الله يا شباب الاسلام فهذه تبعيةٌ ذليلة، تقشر منها الأبدان، وتذرف منها العيون ، واسمعوا يا شباب ماذا قال سفيان الثوري، قال : ( صراط الله لا يقبل الذلة، ويأبى التبعية، ويرفض الخنوع، ويستعصي على الدخلاء )،
يا شباب الاسلام
حذار حذار أن يؤتى الدين من قبلكم، واعلموا أنه إذا هزمت هذه الأمة الاسلامية في عقيدتها فقد غشيتها الذلة، ولم ترفع لها رأسا ، ولم يتحقق لها هدف . فمن أجل عودة صادقة إلى موقع الصدارة لهذه الأمة، ولصد الهجمات الشرسة عليها، لا بد يا شباب من توافر الجهود ،لكي نرد المنافقين الدخلاء على مجتمعاتنا، فكل داعٍ إلى سوءٍ نحاربه سواءً مرأياً أو مقروءً أو مسموعاً. وتوبوا إلى الله وارجعوا إليه، واعلموا يا شباب الإسلام أن الدين هو معين الحياة، واحمدوا الله جل وعلا على أن ديننا الإسلام ورايته كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمدا رسول الله، فالتوبة التوبة يا شباب الإسلام، والبدار البدار قبل فوات الأوان. فالشباب هم القلب النابض، والفؤاد الدافق، وهم أغلى الفئات على المجتمعات؛ وهم عصب الحياة بعد الله جل وعلا وزهرة الأرض ، فاغتنم أيها المسلم شبابك وعمرك وقوتك فيما يرضي الله ،قبل أن تقول ربِّ ارجعون فيقال لك : كلا، فأعدوا يا شباب للسؤال جوابا فو الله ليسألن كل شابٍ عن شبابه فيم أبلاه، وقال الله تعالى في محكم آياته : ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الحجر: 92، 93].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أيها الشباب : أنتم مستهدفون فانتبهوا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
واعلموا أيها الشباب أنكم في زمن فتنة وبلاء، وعليكم مسؤولية عظيمة، فنحن نعيش في زمن سلبت فيه أغلى المقدسات ،وتسلط فيه الأعداء، فمتى يفيق النائمون؟! وهل بقي شيء من الذل لم نتجرعه على أيدي أعدائنا ؟! ، فها هو الأقصى السليب يصرخ ويئن ويتوجع ،ينتظر أن يحرره من أيدي الغاصبين ، فما أحوج الأمة اليوم إلى نهضة شبابها، وما أحوج الأمة إلى المجاهدين الصادقين والعلماء المخلصين والدعاة المتجردين. وإنني مازلت متفائلاً ، وسوف أظل متفائلاً ،مهما عظم كيد الأعداء، فالجبار جل جلاله يقول: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) [الأنبياء:18]. وقال الله تعالى : ( وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَالٍ ) [غافر:25]. نعم :من آلامنا تبزغ آمالنا، ومن المحن تأتي المنح ، فالرجال تصنعهم المحن، واعلموا أن ابتسامة الفجر الوليد تبزغ من أشد ظلمة في الدياجي. وإذا كان الشباب هم الذين حملوا مشاعل هذا الدين في الماضي البعيد ، وهم الذين فتحوا البلاد ، وانقذ الله بهم العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، فهم أيضا سوف يحملون هذا الدين في المستقبل القريب ، وقد قال الله جل وعلا حاكياً قصة فتيانٍ سماهم أهل الكهف، كانوا يعيشون بين الملوك، وكانوا من أبناء الملوك، يعيشون في القصور على الحرير والديباج، يأكلون أفضل المأكولات ويلبسون أفضل اللباس، ويسكنون القصور، هؤلاء الشباب وأولئك الفتيان لما علموا أنهم لا يعبدون الإله الحق، تركوا كل زخارف الدنيا وشهواتها ، ورحلوا إلى كهف الإيمان ، ماذا قال الله جل وعلا عن حالهم؟: قال الله تعالى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ ) [الكهف:13] ، فهم فتية من الشباب ، لكن انظر كيف كان شأنهم؟ ، قال تعالى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً ) [الكهف:13-14] ، وسبحان ربي، فإن الإيمان يصنع الرجال ويسمو بهم صعداً، فرأينا منهم من أوقف حياته في سبيل الدعوة إلى الله يجوب الأرض شرقاً وغرباً، ومنهم من فتح الله عليه علماً وفضلاً، فنفع الله به البلاد والعباد، ومنهم من نفر للجهاد في سبيل الله، فسطروا على أرض الجهاد صوراً عظيمة وجميلة للتضحية والفداء، وتلك الأشبال من أولئك الأسود، وليس ذلك بغريب على أمة الجهاد والإٍيمان.
أيها الشباب
أنتم والله عماد الأمم، وقلوبها النابضة، وشرايينها المتدفقة. أنتم جيل اليوم ورجال المستقبل، وبناة الحضارة، وصناع الأمجاد وثمرات الفؤاد، فاعلموا أن صلاحكم فيه منافع كثيرة لكم ولأمتكم، واعلموا أنكم مستهدفون من قبل أعدائكم؛ فاحذروا مكر الكائدين. أنتم في فورة القوة، وزهرة العمر؛ فلا يفوتنكم عمر الشباب، ولا تضيعوه فتندموا ، فالشباب فرصة لتحصيل العلم، وبناء الجسم، وتنمية الثقافة والفكر، وإثراء العقل، فعليكم بكل نافع مفيد، وإياكم والجلوس ببلاهة أمام الشاشات والصور العارية، والأفلام الهابطة، ففيها فساد الخلق والدين.
الدعاء