خطبة عن (اجلال وتعظيم وحب الصحابة للرسول)
أغسطس 27, 2025خطبة عن (مقام الرسول ومنزلته عند ربه)
أغسطس 27, 2025الخطبة الأولى (أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ) مختصرة 1
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (107) الأنبياء، وروى مسلم في صحيحه: (قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» ، وروى الدارمي في سننه: (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُنَادِيهِمْ :«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ».
إخوة الإسلام
لقد بعثَ الله سبحانه وتعالى النبيّ محمدا صلى الله عليه وسلم ليُخْرِجَ الناسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان، فكانَ صلى الله عليه وسلم رحْمةً مُهْداةً للعالَمين، يَحْنو على الكَبيرِ، ويرْحَمُ الصَّغيرَ، ويُواسي الكَسيرَ، يشْعُرُ بمَنْ حوْلَه، ويهْتَمُّ به اهتمامًا بالغًا، ومِن كمالِ رحْمتِهِ صلى الله عليه وسلم انْسابَتْ من فَمِهِ الشَّريفِ هذه الكلِماتُ، التي يقولُ فيها: “إنَّما أنا رَحْمةٌ مُهْداةٌ”، أي: أنا هدية، أهْداني اللهُ للناسِ؛ فجَعَلَني سببًا لأنْ يَدْخُلوا في رحْمته سُبْحانَهُ، ولأَدُلَّهم على سبل النَّجاةِ، وأُجَنِّبَهم مَسالِكَ الهلاكِ؛ فمَنْ قَبِلَ رحْمةَ اللهِ وهَديَّتَه فقد فازَ وأفْلَحَ، ومَنْ رَدَّها فقد خابَ وخَسِرَ، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، فهو ليس رحمةً للمسلمين أو للمؤمنين فقط، بل هو رحمة للعالمين؛ عالم الإنس، وعالم الجن، وعمومُ العالَمين حصَل لهم النفعُ برسالتِه؛ فأتْباعُه نالوا به كرامةَ الدُّنيا والآخِرَة، والمحارِبون له تعجيلُ موتِهم خيرٌ لهم مِن طولِ أعمارِهم في الكُفرِ، وإنَّهم لا يُعذَّبون وهو بين أظْهُرِهم كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال:33]، والمعاهِدونَ له عاشوا في الدُّنيا تحتَ ظِلِّه وعهدِه وذِمَّتِه، والمنافِقون حصَل لهم بإظهارِ الإيمانِ به حَقنُ دِمائِهم وأموالِهم وأهلِهم وجرَتْ أحكامُ المُسلِمينَ عليهم، والأممُ البَعيدةُ عنه رُفِعَ عنها بسببِه العذابُ العامُّ عن أهل الأرضِ؛ أما المؤمنون، فاختُصُّوا بالرأفة مع الرحمة؛ فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:128]. فكان صلى الله عليه وسلم رَحْمةً مُهداةً، وفي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى لله عليه وسلم: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي»
أيها المسلمون
ومن صور رحمته صلى الله عليه وسلم بأُمَّته: ادِّخاره لدعوة مستجابة لأمته يوم القيامة: ففي صحيح مسلم: (قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ ،فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يوم الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ: مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا)، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بأُمَّته: أنه خطب ذات يوم بالناس ،فقال كما في مسند أحمد: (أَيُّمَا رَجُلٍ من أُمَّتِي سَبَبْتُهُ سَبَّةً، أو لَعَنْتُهُ لَعْنَةً في غَضَبِي؛ فَإِنَّمَا أَنَا مِنْ وَلَدِ آدَمَ؛ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ؛ وَإِنَّمَا بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ؛ فَاجْعَلْهَا عليهم صَلاَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بأُمَّته: ما رواه مسلم في صحيحه:( أَنَّ النَّبي صلى لله عليه وسلم تَلاَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّى} [إبراهيم:36] الآيَةَ. وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118], فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ « اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي ». وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ – فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى لله عليه وسلم بِمَا قَالَ – وَهُوَ أَعْلَمُ – فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوؤكَ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ) 1
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن رحمته: ما رواه أحمد: (قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صلى لله عليه وسلم: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا، وَنُؤْمِنُ بِكَ، قَالَ: “وَتَفْعَلُونَ؟ ” قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: “إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ: إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ”، قَالَ: “بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ)، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بأصحابه: أنه كان صلى الله عليه وسلم يحب أصحابه ويحنو عليهم، (فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: (اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ) رواه البخاري ومسلم، وفيهما: (وعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ: (ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ ،وَصَلُّوا فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)
ومن رحمته بالأطفال ما رواه البخاري ومسلم: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَتُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى لله عليه وسلم: (أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ) ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان: ما رواه أبو داود: (دَخَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى لله عليه وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ: (مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟)، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ :(أَفَلاَ تَتَّقِى اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَى إِلَىَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ)، ونستكمل
الدعاء