خطبة عن حديث (طُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ)
أبريل 22, 2025خطبة عن (مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)
أبريل 23, 2025الخطبة الأولى (أَنْوَاعُ الْجِهَادِ)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (41) التوبة، وقال تعالى: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) (95) النساء، وقال تعالى: (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (88) (89) التوبة.
إخوة الإسلام
إن الجهاد في سبيل الله لهو من أفضل القُربات، ومن أعظم الطَّاعات، فقد قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (10): (13) الصف، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ»،
وقد بين العلماء أن الجهاد في سبيل الله له أنواع كثيرة: فقد يكون الجهاد بالمال، وقد يكون بالنفس، والجهاد بالمال أنفع وأكثر، والجهاد بالنفس أغلى وأشرف، ولهذا قدَّم الله الجهاد بالمال فقال: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وفي آياتٍ كثيرات، وذكر النَّفس أولًا في آيةٍ واحدةٍ، فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة:111]. فالجهاد بالنفس أعلى ما عند الإنسان، جهاده بنفسه، ثم الجهاد بالمال، لكن قدَّم الله المال في مواضع كثيرة لأنه أعمّ نفعًا، فبالمال يُشترى السلاح، وبالمال يُشترى الطعام، وبالمال يُستأجر المجاهدون والجنود، وبالمال تُحصّن الثُّغور، وبالمال يُستأجر مَن ينفع المسلمين في حمل حاجاتهم. فالمال له جهات كبيرة، ولكن بالنفس -أي: أن الشخص المعين كونه يطيب بنفسه ويُقدِّم نفسه- هذا أفضل من المال، وإذا لم يستطع جاهد بالمال، فإن استطاع بهما جميعًا؛ جاهد بهما جميعًا.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الكفار ويقاتلهم، كما كان يدعو المؤمنين ويذكرهم، فكل ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم الذي يتعين على المسلم متابعته فيه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عرض الإسلام والدعاء إليه قبل القتال، ففي صحيح البخاري: (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ – رضي الله عنه – سَمِعَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ». فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى فَقَالَ «أَيْنَ عَلِىٌّ». فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ فَدُعِيَ لَهُ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ فَقَالَ نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ « عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ».
أيها المسلمون
وقد ذكر العلماء أنواعا مختلفة للجهاد، فذكروا أنه يطلق على مجاهدة النفس والشيطان والفساق والكفار، فأما مجاهدة النفس فعلى تعلم أمور الدين، ثم على العمل بها، ثم على تعليمها والصبر على ذلك، وأما مجاهدة الشيطان فعلى دفع ما يأتي به من الشبهات، وما يزينه من الشهوات، وأما مجاهدة الكفار فتقع باليد والمال واللسان والقلب، وأما مجاهدة الفساق، فباليد ثم اللسان ثم القلب، ومن إطلاق الجهاد على الدعوة إلى الله قوله تعالى: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) {الفرقان:52}، ومن إطلاقه على الدعوة والقتال قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) {التوبة:73}.
فكل عمل وجهد يبذله المسلم ابتغاء مرضاة الله ولإعلاء كلمة الله، فإن صاحبه يعتبر سالكا لطريق الجهاد، ونرجو ان ينال شرف الجهاد في سبيل الله، ويدخل في هذا التدريب العسكري لما فيه من إعداد العدة ، فقد أمر الإسلام الأمة المسلمة بإعداد القوة على اختلاف صنوفها وألوانها وأسبابها، وذلك للحفاظ على حياة المسلمين من جهة، ولترهيب أعداء الإسلام فلا يفكرون في الاعتداء على المسلمين من جهة أخرى، ولحماية دعاة الإسلام الذين يسعون في إيصال كلمة الله للناس في أطراف العالم حتى يتحقق المقصود، وهو أن تكون كلمة الله تعالى هي العليا، ودليل هذا قول الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) الأنفال :60
ويدخل في الجهاد أيضا: حفظ القرآن، وطلب العلم الشرعي حتي يقوم العالم بجهاد الحجة والدعوة الي الله على بصيرة، كما قال ابن القيم: أمر الله تعالى نبيه بالجهاد من حين بعثه، وقال تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) {الفرقان:52،51}. فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار، بالحجة، والبيان، وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين، إنما هو بتبليغ الحجة، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) {التوبة: 73} فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة، وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عددا فهم الأعظمون عند الله قدرا.
ومن الجهاد ما تحتاجه الأمة من العلوم النافعة فقد قال أهل العلم: إن دراسة العلوم الدنيوية كالهندسة والطب والرياضيات والتكنولوجيا والفيزياء والكيمياء والميكانيكا والبناء والملاحة والحاسوب، وغيرها، مما تقوم عليه مصالح الناس فرض كفاية يجب أن يتخصص فيها بعض الناس، لأنها إذا تركت بالكلية فستضيع المجتمعات، ويتعطل القيام ببعض العبادات، والمصالح العامة. فالحكمة ضالة المؤمن وهو أحق الناس بها وعليه أن يطلبها. فطلب هذه العلوم من أعظم العبادات وأنفع القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وقد تتعين على بعض الطلبة فيكون تحصيلها فرض عين عليهم إذا توجهوا إليها، وكانوا مؤهلين لتعلمها، وكانت الأمة محتاجة إليها، ولم يوجد مؤهل للقيام بها غيرهم.
أيها المسلمون
ومن أنواع الجهاد: الجهاد بالنفس: فيذهب المؤمن بنفسه ويقاتل أعداء العقيدة وأعداء الدين، والجهاد بالنفس أعلى مراتب الجهاد وأعظمها قدرًا وأعلاها شأنًا، وهل يملك الإنسان أغلى من روحه فيجود بها في سبيل الله، وفي صحيح البخاري: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ».
ومن أنواع الجهاد: الجهاد بالمال: فالمسلم القادر يجهز نفسه ويجاهد فيكون قد جمع بين فضيلتين عظيمتين الجهاد بالنفس والجهاد بالمال، وقد يكون غير قادر جسميًّا على القتال، ولكنه قادر ماليًّا فينفق من ماله لمساعدة المجاهدين بالنفس. وفي عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان المجاهد المسلم يجهز نفسه بعدة القتال وبمركب القتال وبزاد القتال، ولم تكن هناك رواتب يتناولها القادة والجند وإنما كان تطوعًا بالنفس وتطوعًا بالمال.. وهذا شأن العقيدة حينما تفتقر في القلب وفي المجتمع، إنها لا تحتاج إلى أن ينفق عليها لتحمى من الأعداء وإما يتقدم القادة ويتقدم الجند متطوعين ينفقون هم عليها. وكان كثير من الفقراء المسلمين الراغبين في الجهاد والذود عن منهج الله وراية العقيدة لا يجدون ما يزودون به أنفسهم ولا ما يتجهزون به من عدة ومركب فيلجئون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلبون منه الوسيلة التي تحملهم إلى ميدان المعركة البعيد الذي لا يبلغ على الأقدام، فإذا لم يجدوا ذلك حزنوا، قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) (91)، (92) التوبة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَنْوَاعُ الْجِهَادِ)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن أنواع الجهاد: المساعدة على الجهاد: وذلك بالإسهام في كل عمل من شأنه التمكين من أسباب النصر: ويتحقق هذا بمضاعفة الجهد في الإنتاج الحربي، سواء كان ذلك بالصناعة، أو الزراعة أو التجارة، وبالمساهمة في جلب المعدات الحربية، أو العمل على إنتاجها وترقية مستواها لتضارع أرقى الأسلحة وأقواها. ويتحقق الجهاد أيضًا بإعداد الجنود إعدادًا دينيًّا تربويًّا وخلقيًّا وعسكريًّا، ومن ثم تدريبهم على أحدث الأسلحة وأجودها، حتى يكونوا مسلمين مجاهدين، فالتربية والخلق مطلب ديني حري أن يتحقق، والخلق قبل التدريب على حمل السلاح ،وقبل التحام الجيشين للقتال، لأننا نحن المسلمين نقاتل من أجل عقيدة لها قيمها، ولها مبادؤها ولها مثلها، وإذا أردنا أن ننتصر على قوى الشر، فعلينا أن نقف على قاعدة صلبة من الإيمان والتقوى والخلق، فإننا بهذه المثل نستطيع أن ننتصر، والله سبحانه ينجز وعده للمتقين، الذين يحيون بالعقيدة ومن أجلها، أما أولئك الذين يتركون العبادات، ويفعلون المنكرات، ويرتكبون ما حرم الله، ففيم يريدون أن يجاهدوا.. فهؤلاء فاسقون يجب جهادهم أولًا.. وهم في حقيقة الأمر ليسوا جنودًا للإسلام، وإنما هم جنود للأهواء والشهوات، فالجندي المسلم هو الذي يحمل المصحف بيد، ويحمل السلاح باليد الثانية، هذا المجاهد حقًّا، وهذا الذي وعده الله بإحدى الحسنيين: إما النصر، وإما الشهادة والجنة.
ويتحقق الجهاد بالتبرع بالدم كما يتحقق بالتبرع بالمال سواء بسواء، ويتحقق أيضًا بحراسة أجهزة الدولة العامة من تخريب العدو، وبالتصدي لدعايات العدو وإشاعات المنافقين والمغرضين، ومن ثم كشفها والرد عليها بالكلمة الواضحة.
ويتحقق الجهاد بالعمل البناء لإقامة التضامن الإسلامي، وتكتيل جهود المسلمين، وتوطيد أواصر المحبة بينهم، وتوجيه قواهم المادية والمعنوية لمقاومة العدو المتربص بالمسلمين الدوائر.
وعلى المؤمنين أن يحفظوا أسرار المجاهدين، كي لا تتسرب إلى العدو، وأن يعملوا على رعاية أسر المقاتلين والشهداء، ففي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا»، وفي الصحيحين: (عَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ «إِنِّي أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي».
الدعاء