خطبة عن ( خلق الرحمة )
فبراير 8, 2017خطبة عن ( اسم الله ( الرَّقِيب )
فبراير 11, 2017الخطبة الأولى ( إنها الجنة .. أَلاَ ..هَلْ من مُشَمِّر لِلْجَنَّةِ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه وابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أَلاَ هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ؟ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لاَ خَطَرَ لَهَا هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! نُورٌ يَتَلأْلأُ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهَرٌ مُطَّرِدٌ، وَفَاكِهَةٌ كَثِيَرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيَلةٌ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ. فِي مقَامٍ أَبَدًا. فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ. فِي دُورٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ) قَالُوا: نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ (قُولُوا: إِنْ شَاءَ اللهُ).
إخوة الإسلام
الجنة هي الجزاء العظيم ، والثواب الجزيل، الذي أعده الله لأوليائه وأهل طاعته ،وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كدر، وما حدثنا الله به عنها، وما أخبرنا به الرسول – صلى الله عليه وسلم – يحير العقل ويذهله ، لأن تصور عظمة ذلك النعيم يعجز العقل عن إدراكه واستيعابه ، فالجنة هي سلعة الله الغالية التي عَرْضُها السماوات والأرض، وهي التي لا يفوز بها إلا المؤمنون الموحدون، الذين آمنوا بربهم، وعبدوه حق عبادته، ولم يشركوا في عبادته شيئًا، والذين عملوا صالحًا في حياتهم الدنيا، واستعدوا للقاء ربهم في الآخرة. وقد جاء في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية المطهرة الكثير من النصوص الشرعية التي تَصِف الجنة وتُرَغِّب بها، والجنة يدخلها المسلم الذي ثبت على الإسلام وتجنب الكفريات، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البيهقي { إنَّ اللهَ لَمَّا خَلَقَ الجَنَّةَ قالَ لَها تَكَلَمي فَقالَتْ قَدْ أَفَلَحَ المُؤمِنُون } ، فالمؤمن فقط هو الذي يدخل الجنة ، وقد حرمها الله على الكافرين . والجنَّةُ هي دار السلام وسمَّيت بذلك لأنها دار الأمان، وهي موجودة الآن، مُعدَّةٌ ومُهيأةٌ، وقد خلقها الله تعالى، وإلاّ كيف دخلها الرسولُ ليلة الإسراء والمعراج، وقال تعالى: [وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ] {آل عمران:133} ، فهي قد أُعدت، وهُيأت، لذلك يجب الاعتقاد بأنها موجودة الآن، وأن الله أراد لها البقاء إلى غير نهاية، فالجنة باقية بإبقاء الله لها، والنار باقية بإبقاء الله لها، ويجب الاعتقاد بأن الله أعد للمؤمنين من النعيم في الجنة وأنهم يُخَلدون فيها إلى غير نهاية، فلا يموتون ، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ – زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ – فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ – وَاتَّفَقَا فِي بَاقِي الْحَدِيثِ – فَيُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ – قَالَ – وَيُقَالُ يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا قَالَ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ – قَالَ – فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ – قَالَ – ثُمَّ يُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ». قَالَ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا). وأهل الجنة لا يصيبهُم البؤس ولا المرض ولا الخرف، ولا الجنون، ولا التعب، ولا الهمّ، ولا الحُزُن، ولا الحَزَن، ومما أعدَ الله لهم فيها كما ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال فيها: { هي نُورٌ يَتَلألأ } ،نعم هي نورٌ يتلألأ فلا يوجد ظلام في الجنة ،ومما أعده الله للمؤمنين في الجنّة، ما جاء في الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ) » ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ لاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبْزُقُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ أَخْلاَقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى طُولِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا ». وفي صحيح مسلم : (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ » .
أيها المسلمون
والسؤال : كيف أكون من أهل الجنة لأفوز بهذا النعيم المقيم ؟ وما هي الطرق والوسائل المعينة والمؤدية للجنة ؟ .. فنقول : هناك طرق كثيرة ليحقق الانسان هذا الحلم في الدخول للجنه والتنعم فيها ومنها : اولا : ان يؤمن المسلم بالله ورسوله ويؤدي الفرائض وان لا يشرك بالله شيئا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا » . فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ . قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ » (رواه البخاري). وفي صحيح مسلم :(جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ لَقِىَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارِ » ، ثانيا : ان نتجنب الكبر فعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلاَثٍ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».. رواه الترمذي ، ثالثا : الابتعاد عن الوقوع في الكبائر ، قال تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) (31) النساء رابعا : الصدق : يجب ان يكون الانسان صادقا مع الله ومع نفسه ، ففي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا ) ، خامسا : التقرب بالنوافل الى الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلاَّ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ». وفي الحديث القدسي كما في البخاري : (وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) ، سادسا : اطعام الطعام وافشاء السلام (فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ » (رواه الترمذي ) ، وايضا كفالة اليتيم ،وزيارة المريض ،وطلب العلم والاذكار والتسبيح ،ففي سنن الترمذي أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ » ولذلك قالوا في الجنة :
لا دار للمرء بعـد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فـإن بناهـا بخير طاب مسكنه وإن بناها بشـر خاب بانيهــــا
لا تركنن إلى الدنيـا و زينتهـا فالموت لا شـك يفنيها ويبديها
واعمل لدار غدا رضوان خازنها و الجار أحمد و الرحمن بانيها
قصورها ذهب و المسك طينتها و الزعفران حشيش نابت فيها
أيها المسلمون
ما الذي دعا حرام بن ملحان أن يقول: فزت ورب الكعبة. فبأي شيء فاز وقد طعن ؟ وما الذي دعا أنس بن النضر أن يقول لسعد: إني أجد ريحها دون أحد. أي شيء يشم وأي شيء وجد ؟ وما الذي حرك حب الشهادة في قلب عمير بن الحمام ؟ ما الذي حمله أن يقول لرسول الله: بخ بخ ثم يقاتل القوم حتى قتل؟! إنها الجنة … إنها لحظة الفوز العظيم ، عندما تفتح أبواب الجنة بابٌ تلو بابٌ، وقد انتشرت الملائكة مستقبلين المؤمنين والمؤمنات، وعندها يسمعون تلك الكلمة التي تلخص لك النعيم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]. إنه الخلود: حيث يذبح الموت أمام الجميع، ثم ينادي المنادي: ( يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ » ،أما سَمِعتم بالخلودْ؟ خلودْ ! لن ننتهي، لن نموت، لن نَهرم، لن نجزع، لن نخاف، لن نبكي، لن ننام، لن نتعب، لن يخذلنا الأصدقاء، لن تموت أمهاتنا، لن يغيب آباؤنا، لن يمتلأ قلبنا بأمنياتْ فَما نتمناه يُحَققْ، لن نخاف الفقر وَالدَينْ، لن تتفطر قلوبنا شَوقاً، لن نَبكي الظلم، لن نبكِي ، وَسنضحك كَثيراً … وَلَكُمُ الْجَنَّةُ … كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام في بيعة العقبة الثانية، كانوا ثلاثة وسبعين رجلًا وامرأتين، ما كانوا يملكون كثير قرآن ولا وافر علم، ولكنهم كانوا يعرفون معلومة واحدة، كانت كفيلة أن يضحوا لها بكل ما يملكون، إنها: الجنة. روى الإمام أحمد في مسنده والبيهقي في السنن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: فَرَحَلَ إِلَيْهِ مِنَّا سَبْعُونَ رَجُلاً حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ في الْمَوْسِمِ فَوَعَدْنَاهُ شِعْبَ الْعَقَبَةِ فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ حَتَّى تَوَافَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَا نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: “تُبَايِعُونِى عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، والنَّفَقَةِ في الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ تَقُولُوا في اللَّهِ لاَ تَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ، وَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ. وَلَكُمُ الْجَنَّةُ”. يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: فَقُمْنَا نُبَايِعُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ، فَقَالَ: رُوَيْدًا، يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْرِبْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الْمَطِيِّ إِلَّا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، إِنَّ إِخْرَاجَهُ الْيَوْمَ مُفَارَقَةُ الْعَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُمْ، وَأَنْ تَعَضَّكُمْ السُّيُوفُ، فَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَصْبِرُونَ عَلَى السُّيُوفِ إِذَا مَسَّتْكُمْ، وَعَلَى قَتْلِ خِيَارِكُمْ، وَعَلَى مُفَارَقَةِ الْعَرَبِ كَافَّةً، فَخُذُوهُ وَأَجْرُكُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِمَّا أَنْتُمْ قَوْمٌ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خِيفَةً، فَذَرُوهُ فَهُوَ أَعْذَرُ عِنْدَ اللَّهِ. قَالُوا: يَا أَسْعَدُ بْنَ زُرَارَةَ، أَمِطْ عَنَّا يَدَكَ، فَوَاللَّهِ لَا نَذَرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ، وَلَا نَسْتَقِيلُهَا. فَقُمْنَا إِلَيْهِ رَجُلًا رَجُلًا يَأْخُذُ عَلَيْنَا بِشُرْطَةِ الْعَبَّاسِ، وَيُعْطِينَا عَلَى ذَلِكَ الْجَنَّةَ ). فانظر أخي إلى تلك الشروط، إنها شروط شديدة على قوم حدثاء الإسلام، الشروط أكثر من أربعين كلمة، والثمن كلمة واحدة: الْجَنَّةُ. وروى الطبراني في المعجم الكبير عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: جَلَسَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَرَفَعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: “مَنْ يُبَايِعُنِي؟”، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا ثوبان، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَدْ بَايَعْنَاكَ مَرَّةً، وَأَنَا أُبَايِعُكَ الثَّانِيَةَ، فَعَلَامَ أُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: “عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا، وَلَكُمِ الْجَنَّةَ”. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ أَنَا بَايَعْتُكَ، وَلَمْ أَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا، فَلِيَ الْجَنَّةُ؟ قَالَ: “نَعَمْ، إِنْ شَاءَ اللهُ”. قَالَ: “لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَسْأَلُ شَيْئًا مَا بَقِيتُ فِي الدُّنْيَا” فانظر كيف كان الصحابة يعيشون في الجنة، وهم ما زالوا على الأرض أحياء؟ انظر كيف كانت الجنة هي النقطة المحورية في حياتهم، فعاشوا سعداء وماتوا سعداء ؟
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إنها الجنة …. أَلاَ هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وماذا من أخبار المشتاقين؟ … روى ابن المبارك في كتاب الزهد عن مولى لأبي ريحانة، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَفَلَ مِنْ بَعْثٍ غَزَا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى أَهْلَهُ، فَتَعَشَّى مِنْ عَشَائِهِ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَقَرَأَ سُورَةً، ثُمَّ أُخْرَى، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مَكَانَهُ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ سُورَةٍ افْتَتَحَ الْأُخْرَى، حَتَّى إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ السَّحَرِ شَدَّ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا رَيْحَانَةَ، قَدْ غَزَوْتَ فَغِبْتَ فِي غَزْوَتِكَ، ثُمَّ قَدِمْتَ إِلَيَّ لَمْ يَكُنْ لِي مِنْكَ حَظٌّ، وَنَصِيبٌ، فَقَالَ: “بَلَى، وَاللَّهِ مَا خَطَرْتِ لِي عَلَى بَالٍ، وَلَوْ ذَكَرْتُكِ لَكَانَ لَكِ عَلَيَّ حَقٌّ”، قَالَتْ: فَمَا الَّذِي يَشْغَلُكَ يَا أَبَا رَيْحَانَةَ؟ قَالَ: “لَمْ يَزَلْ يَهْوَى قَلْبِي فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ فِي جَنَّتِهِ مِنْ لِبَاسِهَا، وَأَزْوَاجِهَا، وَنَعِيمِهَا، وَلَذَّاتِهَا حَتَّى سَمِعْتُ الْمُؤَذِّنَ”. وروى ابن أبي الدنيا في وصف الجنة أن عَطَاءٌ السُّلَمِيُّ قال لمالك بن دينار: “يَا أبا يحيى شوِّقنا”. فقال له: “يا عطاء في الجنة حوراء، يتباها بِهَا أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ حُسْنِهَا، لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ لَا يَمُوتُوا لَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ مِنْ حُسْنِهَا”، فلم يزل عطاء كمداً، أي: حزينًا من قول مالك أربعين يوماً. وعن صالح المري عن يزيد الرقاشي، قال: “بَلَغَنِي أَنَّ نُورًا سَطَعَ فِي الْجَنَّةِ، لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا دَخَلَ مِنْ ذَلِكَ النُّورُ فِيهِ شَيْءٌ. فَقِيلَ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: حَوْرَاءُ ضَحِكَتْ فِي وَجْهِ زَوْجِهَا”. قال صالح المري: “وَشَهَقَ رَجُلٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَجْلِسِ، فَلَمْ يَزَلْ يَشْهَقُ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ” ألا مشمر للجنة ؟ .. هكذا كانت الجنة في حياتهم، فقد علموا أنها سلعة الله، وعلموا أن السلعة غالية، فقدموا الثمن من الأنفس والأموال، لأن الله اشترى وهم باعوا. فهنيئًا لهم، كلما سمعوا وصفها زاد للجنة تشميرهم، وكلما علموا بأخبارها زادوا بالأقوال والأفعال صدقهم، هذا طريقهم فأين السالكون ، وهذا سبيلهم فأين المشمرون ؟!. هذه هي الجنة .. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]”. الحور العين في الجنة: قال تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة:22- 23]. وقال صلى الله عليه وسلم: ” « غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا ، وَلَنَصِيفُهَا – يَعْنِى الْخِمَارَ – خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » رواه البخاري … خيم الجنة: ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً ، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ ، مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ » … أنهار الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: “الْكَوْثَرُ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، مَجْرَاهُ عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ، تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ، وَمَاؤُهُ أَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ وَأَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ الثَّلْجِ” رواه ابن ماجه، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: “أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ تِلَالِ -أَوْ مِنْ تحت جبال- مسك” صحيح ابن حبان وإسناده حسن. … أشجار الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ ، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ) » رواه البخاري ومسلم … طعام الجنة: قال تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا، وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: 22]. جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَفِي الْجَنَّةِ فَاكِهَةٌ؟ قَالَ: “فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ” قَالُوا لَهُ: أَفَيَأْكُلُونَ مِنْهَا كَمَا يَأْكُلُونَ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ “نَعَمْ، وَأَضْعَافًا” قَالُوا: أَفَيَقْضُونَ الْحَوَائِجَ؟ قَالَ: “لَا، وَلَكِنَّهُمْ يَعْرَقُونَ وَيَرْشَحُونَ فَيُذْهِبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ أَذًى” صفة الجنة لابن أبي الدنيا وصفة الجنة لأبي نعيم الأصفهاني… شراب الجنة: قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} [الإنسان: 5]. وَقَالَ: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} [الإنسان:17]. وَقَالَ: {وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 34]. عنب الجنة: قَامَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: فِيهَا عِنَبٌ -يَعْنِي الْجَنَّةَ- يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “نَعَمْ”. قَالَ: مَا عِظَمُ الْعُنْقُودِ مِنْهَا ؟ قَالَ: “مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْغُرَابِ الْأَبْقَعِ لَا يَنْثَنِي وَلَا يَفْتُرُ” صحيح ابن حبان، وهو صحيح لغيره.
قوة أهل الجنة : قال صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أن أحدهم ليعطى قوة مائة رَجُلٍ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ” مسند أحمد، إسناده صحيح، رجاله ثقات. الشهوة والجماع في الجنة: وفي رواية: “دَحَامًا دَحَامًا، وَلَكِنْ لَا مَنِيَّ وَلَا مَنِيَّةَ” رواه الطبراني في الكبير. وذلك لما كَانَ الْمَنِيُّ يقطع لذة الجماع، وَالْمَنِيَّةُ تقطع لذة الحياة، كانا منفيين من الجنة… بناء الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: “لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، مِلَاطُهَا (طينها) الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، حَصْبَاؤُهَا الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ، وَتُرْبَتُهَا الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ، مَنْ يَدْخُلُهَا يَخْلُدُ لَا يَمُوتُ، وَيَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ، لَا يَبْلَى شَبَابُهُمْ، وَلَا تُخَرَّقُ ثِيَابُهُمْ” مسند أحمد، حديث صحيح، … سوق الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً. فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً” رواه مسلم…. حياة أهل الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: “إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون”. قالوا فما بال الطعام ؟ قال: “جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس” رواه مسلم. … الحسنى وزيادة في الجنة: عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]، قَالَ: “إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ: وَمَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا، وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ”.قَالَ: “فَيُكْشَفُ لَهُمُ الْحِجَابُ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ” قَالَ: “فَوَ اللهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ” رواه ابن ماجه في سننه، وصححه الألباني.
أيها المسلمون
تلك هي الجنة ..و هذا بعض نعيمها !! “فيا عجباً كيف ينام طالبها ؟! وكيف لم يستخدم فيها خاطبها ؟! وكيف طاب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها ؟! وكيف قر للمشتاق القرار دون معانقة أبكارها ؟! وكيف قر دونها أعين المشتاقين؟! وكيف صبرت عنها أنفس الموقنين ؟! وكيف صدفت عنها قلوب أكثر العالمين ؟! وبأي شيء تعوضت عنها نفوس المعرضين ؟! تلك هي الجنة .. وذلك هو بعض نعيمها ! وخلودها ! ألا تستحق من أجلها !! أن نصلي، ونصوم، ونزكي، ونحج، ونتصدق، ونقوم الليل، ونقرأ القرآن، ونفشي السلام، ونطعم الطعام، ونصل الأرحام، ونغض أبصارنا عن الحرام ، ونحفظ فروجنا، ونحفظ من الكذب والغيبة والذنوب ألسنتنا، ونكثر من ذكر ربنا، وننقي من الدرائن قلوبنا، ونجاهد في سبيل الله بأنفسنا وأموالنا وألسنتنا وأقلامنا وأوقاتنا، وعلى البلاء نصبر ،وبالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر نقبل، والله إنها لتستحق ذلك كله … ! وكيف لا ؟؟؟ وهي الجنة ؟
الدعاء