خطبة عن (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا )
نوفمبر 15, 2022خطبة عن قوله تعالى: (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ )
نوفمبر 17, 2022الخطبة الأولى ( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (4) يونس
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا)، فمن المعاني التي تحملها هذه الآية الكريمة أن المرجع والمآب بعد الموت إلى الله تعالى وحده ليحاسب العباد على أعمالهم، وقد وعد الله بذلك وعدا صادقا، ولن يخلف الله وعده، والإيمان بهذا يدفع العبد إلى المسارعة إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات، والتزود ليوم الحساب، فلا ريب أن الإيمان باليوم الآخر قد ضعف اليوم في القلوب، فظهرت آثاره السيئة على الجوارح، حتى صار بعض المسلمين يعيش للدنيا كل وقته، ويقترف الموبقات، ويسرف على نفسه بارتكاب المحرَّمات من أجل دنياه، ولو فكَّر الإنسان قليلًا في قوله تعالى: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا)، وأنه سيلقى الله تعالى ، لما فعل ما فعل. فالإيمان باليوم الآخر والرجوع الى الله ركنٌ من أركان الإيمان ،وعقيدة من عقائد الإسلام؛ ولكن حدث ضعف لهذا الركن العظيم؛ حيث أصبح عقيدة لا يتبعها عمل، وسبب هذا الضعف: الجهل بالله وبدينه، فمن جهل عظمة ربِّه وجلاله واطِّلاعه عليه لم يستعدَّ للقائه، ومن جهل دينه فلم يعرف متطلَّبات هذا الإيمان، وكيفية تحقيقه، وسبل غرسه في النفس، عاش بعيدًا عن العمل لذلك اليوم، وأصبح همُّه ووقتُه وجهده مصروفًا في خدمة حياته الدنيا، قال تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [الأعلى: 16، 17]، وقول تعالى: ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [النساء: 77].
ولقد خشي رسول الله صلى الله عليه وسلم على أُمَّته أن يؤول حالها إلى هذا التنافُس والانشغال بالدنيا عن الآخرة، ففي الصحيحين : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِهِ فَوَافَتْهُ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ « أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِشَيْءٍ » . قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا ، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ »، فلا بُدَّ أن نستيقظ من ثباتنا، وأن نصحو من رقدتنا، ونفيق من غفلتنا ،ونقوِّي إيماننا باليوم الآخر، فنفكِّر في حقيقة كل من الدنيا والآخرة؛ لنختار لأنفسنا خير الدارين وأبقاهما، وأعلاهما، وأوفاهما، وأزكاهما، وأهناهما؛ قال تعالى: ﴿ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف109]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64].
ومن أراد زيادة إيمانه باليوم الآخر، فليُقبِل على قراءة القرآن قراءةً مُتأنيةً مُتدبِّرةً، وليقرأ سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وينظر في سيرته العطرة؛ ليشاهد معالم التربية الناجحة على الإيمان باليوم الآخر؛ ففي الصحيحين : (قال سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي الْخَنْدَقِ وَهْوَ يَحْفِرُ وَنَحْنُ نَنْقُلُ التُّرَابَ وَيَمُرُّ بِنَا فَقَالَ « اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ ، فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ » فلا عيش يبقى ويُطلب، ويرغب فيه، إلا عيش الآخرة. وفي صحيح البخاري: (يدخل عمر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: (وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ « مَا يُبْكِيكَ » . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ . فَقَالَ « أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ »، وفي سنن الترمذي بسند صححه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ « مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِى الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا »، وفي مسند أحمد : (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِفُلاَنٍ نَخْلَةً وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا فَأْمُرْهُ أَنْ يُعْطِيَنِي حَتَّى أُقِيمَ حَائِطِي بِهَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَعْطِهَا إِيَّاهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ ». فَأَبَى فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ فَقَالَ بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي. فَفَعَلَ فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ النَّخْلَةَ بِحَائِطِي. قَالَ فَاجْعَلْهَا لَهُ فَقَدْ أَعْطَيْتُكَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَمْ مِنْ عَذْقٍ رَدَاحٍ لأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ ». قَالَهَا مِرَاراً. قَالَ فَأَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَتْ رَبِحَ الْبَيْعُ أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا).
أيها المسلمون
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربط أذهان الأُمَّة بأشياء كثيرة حتى لا تنسى اليوم الآخر، والاستعداد له، ومن ذلك: أنه كان يربط القيام ببعض الأعمال الصالحة بالإيمان باليوم الآخر؛ لأن صاحب هذا الإيمان يدفعه إيمانه إلى المبادرة والامتثال؛ ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِى جَارَهُ »، وفيه : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ »، وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ». وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَسْفِكَنَّ فِيهَا دَمًا وَلاَ يَعْضِدَنَّ فِيهَا شَجَرًا)، وفيه أيضا : (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَدْخُلِ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والمتأمل والمتدبر في قوله تعالى: (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ) فمن معانيها أيضا: أنه يخطئ من يظن أن أحدًا من الخلق يملك لغيره من دون الله نفعًا، أو ضرًّا، فمرجعُ كل أمرٍ إلى الله تعالى؛ ﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ البقرة (210) ، فالكل مفتقرٌ إلى الله تعالى، محتاجٌ إليه في كل نفسٍ؛ فإذا كان لا يملك الملك إلا الله، ولا يملك الرزق سواه، ولا يجلب النفع، ولا يدفع الضرَّ غيره، فلم تعرض عن بابه، وتنأى عن رحابه، وترجو غيره، وتخشى سواه؟، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: (دَخَلَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا بِسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا سَالِمُ! سَلْنِي حَاجَةً. فَقَالَ: إِنِّي أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ أَسْأَلَ فِي بَيْتِ اللهِ غَيْرَ اللهِ. فَلَمَّا خَرَجَ خَرَجَ فِي إِثْرِهِ، فَقَالَ لَهُ: الْآنَ قَدْ خَرَجْتَ، فَسَلْنِي حَاجَةً؟ فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا أَمْ مِنْ حَوَائِجِ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ: مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا. فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ: أَمَا وَاللهِ مَا سَأَلْتُ الدُّنْيَا مَنْ يَمْلِكُهَا؛ فَكَيْفَ أَسْأَلُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا؟،
﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ فتأكد أنه لن يغير في قدر الله وقضاءه أحد، ولا يستطيع مخلوق أن يتحكم في ذرة من ذرات الكون إلا بإذن الله، وإن كان بعضهم خدعه الاختبار، وتمادى في الطغيان ، فاعلم أنه مغرور مخدوع ،وإلا فاسأل القبور, فقد سبق إليها الجبارون . فاخضع راضياً مختاراً لحكمه وشرعه وأمره، وبادر إلى ما يرضيه ,ولا تنظر خلفك أو تحت قدمك إلى ما يغتر به كل مغرور، أو ما يفتخر به كل متكبر، أو يتباهى به كل جبار ..فإنما هم وأنت في أيدي الله ، قال الله تعالى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ } آل عمران 109 . فهو المالك لما في السماوات وما في الأرض، وهو الذي خلقهم ورزقهم ويتصرف فيهم بقدره وقضائه، وفي شرعه وأمره، وإليه يرجعون يوم القيامة فيجازيهم بأعمالهم حسنها وسيئها.
الدعاء