خطبة عن (الصراط المستقيم) مختصرة
مايو 19, 2021خطبة عن حديث (دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ) مختصرة
مايو 19, 2021الخطبة الأولى ( إِنَّهُ أَوَّابٌ )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (30) ص، وقال الله تعالى مخاطبا نبيه أيوب 🙁 إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (44) ص ،وقال الله تعالى :(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (17) ص،
إخوة الإسلام
من أحب العباد إلي الله : العبد الأواب ، والعبد الأواب: هو العبد الدائم الرجوع الي الله ،بالذكر والتسبيح والاستغفار والتوبة ، فالمؤمن بربه المحب له أوَّاب إليه، أي: كثير الرجوع إلى طاعته ،فكلما شرد أو ابتعد أو ضعف في هذه الحياة، بموجب النقص البشري فيه، تذكر، فسارع بالرجوع إلى الطاعة والتوبة والأوبة، وذلك على سبيل الهيبة والتعظيم لربه، وقد مدح الله عز وجل بعض أنبيائه عليهم السلام بأنهم أوَّابون رجَّاعون إليه؛ فقال الله تعالى في حق نبيه داود (عليه السلام): (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص:17؛ كما مدح الله تعالى نبيَّه سليمان (عليه السلام)؛ لأنه اتَّصف بسرعة أوبته ورجوعه إلى الله عز وجل، فقال الله تعالى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص:30؛ وقال الله تعالى مخاطبا نبيه أيوب 🙁إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (44) ص ،وحينما يذكر الله عز وجل هذه الصفة في بعض أنبيائه، ويُسجِّلها في كتابه، فإنما هي دعوة لجميع المؤمنين للتحلِّي بهذه الصفة الجليلة، فالرجوع إلى الحق فضيلة ،والأوبة إليه من محاسن الأخلاق، أما الإصرار على الذنب ، وعدم الأوبة والتوبة والرجوع إلى الله تعالى فهي من أخطر الأحوال والمآل، فمآله إلى عذاب أليم، فالموفق من حمد الله تعالى ؛ وسأله أن يكون من الأوابين ،من الذين أثنى الله تعالى عليهم بقوله تعالى 🙁نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ،وهذه الصفة ليست هي لكل الناس، وإنما هي لصنفين، الأول: من ابتلي بالضراء فرجع لربه وذكر حكمته ،وكمال علمه وقدرته وحسن تدبيره، فصبر؛ متأسيا بفعل نبي الله أيوب(عليه السلام)؛ حين ابتلي بالمرض والفقر وفقد الأبناء والأحباب؛ فعلم علم اليقين أن هذا اختيار الحكيم ،وأنه خير له؛ فصبر عليه ،ففاز بثناء الله تعالى ،كما في قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص:44] والثاني: من ابتلي بالنعماء فرجع لربه ،وذكر إحسانه وبره وهبته وكرمه وجوده ولطفه، فشكر؛ متأسيا في ذلك بنبي الله سليمان (عليه السلام)؛ الذي أوتي ملكا لم يؤته أحد قبله ولا بعده ،وسُخر له الريح تجري بأمره، وكانت الشياطين طوع أمره، وفي خدمته؛ فلم ينسب النعمة والفضل له ،ولم يغتر بما وهبه مولاه ، وسخر هذه النعم لخدمة الدين ،ودعوة بلقيس وقومها للتوحيد، فاستحق قول الله تعالى وثناءه عليه: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص:30]. ولم يقص الله لنا خبرهما عبثا وإنما ليهتدي بهداهما السالكون ،قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام:90]؛ فيسير العبد المُوفّق إلى ربه؛ بين (الصبر ،والشكر)؛ ليحقق هدفه المنشود، وأمله الموعود، مجددا عهده بمولاه وسيده، بتوبة نصوح ،وإنابة وذل وانكسار، مُقراً بالوحدانية التي من أجلها خُلق، مقتفيا آثار الحبيب وخطاه صلى الله عليه وسلم، فهذا زاده في رحلته للدار الآخرة ليكون : {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.وقد وصف الله عباده المؤمنين الصالحين بالأوابين فقال الله تعالى: {رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25] ،وبشر الأوابين بالمغفرة العظيمة ، فمن آب إلى الله من ذنبه ،ورجع إليه، تكررت المغفرة له مع كل أوبة ،وكذلك جعل دخول الجنة جزاء لكل أواب حفيظ، فقال الله تعالى: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظ) [ق: 32]، فهو حفيظ لكل ما قربه إلى ربه: من الفرائض والطاعات ،والذنوب التي سلفت منه؛ بالتوبة منها والاستغفار، كما يتصف هذا الأواب الحفيظ بأنه كثير الخشية لربه، قال الله تعالى :(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيب) [ق: 33]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّهُ أَوَّابٌ )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والسؤال: كيف تكون عبدا أوابًا؟،بداية نقول : لقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) رواه الترمذي والخطَّاء: هو كثيرُ الخطأ والزَّلَل، وكثير الوقوع في الذنوب والمعاصي، فالعبد لا بد أن يجري عليه ما سبق به القَدَر من وقوعه في فعل الذنوب والخطايا؛ ففي الحديث المتفق عليه: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ)، ولكن كما ذكر أهل العلم أن العبد لا يُؤتى من فِعْل المعصية وإنْ عظمت ؛ وإنما يُؤتى من ترك التوبة والأوبة وتأخيرها، فالله عز وجل غفور رحيم يحبُّ التوَّابين الأوابين، ويحبُّ الذين يعترفون بخطئهم، ويعودون إلى ربهم تائبين، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].
فالواجب على العبد أن يعترفَ بذنبه عند ربِّه، ويعودَ إليه، حتى لو تكرَّر منه الذنبُ؛ ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ». قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى لاَ أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ « اعْمَلْ مَا شِئْتَ »
الدعاء