خطبة عن (عودة الإسلام والمسلمين)
أكتوبر 12, 2023خطبة عن (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ)
أكتوبر 12, 2023الخطبة الأولى (إِنَّ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح مسلم: (عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي فَقَالَ «مَا عِنْدِي». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ». وروى الامام الترمذي في سننه، وصححه الألباني: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَتَحَمَّلُهُ فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ «إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»، وروى ابن حبان في صحيحه، وصححه الالباني عن أبي مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال: ما عندي ما أعطيكه، ولكن ائت فلانا، فأتى الرجل فأعطاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو عامله).
إخوة الإسلام
لقد حَثَّ الشَّرْعُ الحنيفُ المسلمين على فِعْلِ الخيرات، ورغَّبَ فيها، وأعْطَى الثوابَ الجزيلَ لِمَن فعَلَها بنَفْسِه، كما جعَل لِمَن يُرشِدُ إلى الخيرِ أجرًا كأجرِ فاعلِه. فكل خير يدل عليه المسلم فله مثل أجر الفاعل له، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا». وفيه أيضا: (عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهِمُ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ – قَالَ – ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ».
وقد أمرنا الله تبارك وتعالى بالتعاون على البر والتقوى، ومن أكبر ذلك إرشاد الآخرين إلى فعل الخير، وفعل المعروف، قال الله وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2]، فعلى المسلم أن يعمل صالحًا، وأن يفعل خيرًا ،فإن لم يستطع فليكن سببًا في ذلك؛ لأن المتسبب بالعمل الصالح له من الأجر مثل ما ينال الفاعل من الأجر والثواب، دون أن ينقص من أجر الفاعل شيء،
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم « مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ »، تظهر عظمة الإسلام في تشجيع المسلمين على هذه المبادئ الراقية، بأن جعل لمن يدل على الخير أجرا كأجر من قام بهذا الخير، وهكذا يكون التعاون بين الناس، ومن صور الدلالة على الخير في مجتمعاتنا: دلالة طالب العلم: فلو أن طالبا تعسّر عليه حل بعض المسائل ،فسأل صديقه الذي يدرس معه، فأخبره أنه لم يفهم هذه المسألة، ولكنه يعرف صديقا آخرا يفهمها، فدله عليه،
ومن الدلالة: دلالة الأغنياء على الفقراء، فكثير ممن يطلبون المال فلا يجدون عند من يطلبون منهم ،ولكن أحدهم يدلهم على رجل كريم معطاء، فيذهبوا إليه فيجزل لهم مما فتح الله عليه من المال. فقم بدلالة الأغنياء الموسرين على الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين ومحتاجي الزواج من الشباب وغيرهم، أو على المساجد التي تحتاج إلى بناء، أو إلى حفر الآبار في القرى المحتاجة، وإلى بناء المساكن للفقراء، وإلى توزيع زكاتهم في مصارفها الحقيقية.
ومن أوجه الدلالة على الخير، أن تدل العباد على ما فيه نجاتهم من عذاب الله ،ومن ذلك التمسك بالإيمان بالله ورسوله، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (10) ،(11) الصف ،
ومن أوجه الدلالة على الخير : “أن تعد برنامجا للدعوة إلى الله عز وجل كبرامج الأذكار، والأذان، أو برامج لمساعدة المحتاجين والأرامل والأيتام، أوَ برامج لدعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام، أو فكرة في طرق تسهيل حفظ القرآن، وسرعة تذكره، وهكذا .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِنَّ الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن أوجه الدلالة على الخير: أن تدل من يرغب في الزواج، فدله على الفتاة الصالحة (ذات الدين) التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا عرفت من ترغب في الزواج من النساء، فدلها على الرجل (الذي يرضى دينه وخلقه)، وأيضا: دل كل مسلم على ما يتناسب معه: فمن رأيته من أهل الغضب فقل له “لا تغضب”، ومن رأيته قليل الذكر لله، فدله على الإكثار من ذكر الله، ومن رأيته يتخلف عن الصلاة ،أو عن صلاة الفجر ،فدله على الصلاة وعلى صلاة الفجر وهكذا. ومن طلب منك أن تدله على عمل يدخل به الجنة ويباعده عن النار فدله على القيام بالفرائض وترك المحرمات، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم :(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ. قَالَ « تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ ». قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا شَيْئًا أَبَدًا وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا ».
وهكذا فأفعال الخير كثيرة, وعلى كل إنسان أن يعمل جاهداً في طاعة الرحمن، مسارعاً فيها، متخيراً منها ما يستطيعه؛ فإنما هذه الحياة ساعة قريب تمامها، قال الله تعالى : {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} البقرة: 197.
الدعاء