خطبة عن ( التغيير للأفضل والأحسن يبدأ من هنا )
سبتمبر 4, 2021خطبة عن طلب الشهرة ، وحديث ( بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا إِلاَّ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ)
سبتمبر 5, 2021الخطبة الأولى ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الحديث النبوي الكريم ، والذي يحذرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقوع في فتنة الدنيا ، ومن فتنة النساء ، وذلك لما يترتب عليه من الهلاك المحقق ، والخسران المبين ، فقوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ) ، وهو يحتمل معنيين : أحدهما : حسنها للنفوس ، ونضارتها ولذتها كالفاكهة الخضراء الحلوة ، فإن النفوس تطلبها طلبا حثيثا ، فكذا الدنيا ، والمعنى الثاني : سرعة فنائها كالشيء الأخضر في هذين الوصفين ، فذكر رسول ﷺ معنيين اثنين تتعلق بهما النفوس، الأول: من جهة الطعم، والثاني: من جهة النظر، أما من جهة الطعم فلا شك أن النفس تستهويها الأشياء الحلوة، وكان النبي ﷺ يحب الحلوى والعسل، وكان يعجبه ﷺ الحلو البارد، وهو أكمل الناس ﷺ ذوقاً، وأسلمهم طبعاً، فهذه أمور تميل إليها النفوس، وجُبلت على محبتها. الصفة الثانية للدنيا: أنها خضرة، وذلك أيضاً مما تطمح إليه النفوس، ويستهويها وتحبه من جهة اللون، فإن النفس تبتهج بلون الخضرة وتحبه، وتلتذ بالنظر إليه، فهي لذة من جهة النظر، فالمكان الأخضر أو النبات الأخضر، أو نحو ذلك شيء يبهج النفس، فوصف النبي ﷺ الدنيا بهذين الوصفين، وإن كان الخَضِر من النبات قد لا يكون مما يستجاد منه من أنواع البقول ونحوها، وقد تكون رديئة، ولكن المقصود اللون، لونها يعجب الناظرين ، فالدنيا كذلك ليست جيدة في حقيقتها، وليست ذات قيمة تستحق أن يتكالب عليها الناس، وأن يصرفوا أوقاتهم وأنفاسهم وأطماعهم، فتكون هذه الدنيا شغلاً شاغلاً لهم، وفي سنن الترمذي : (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ». والمسلم إذا نظر إلى الكفار وما هم فيه من النعيم والتمكين، وقارن حال أولئك بحال كثير من المسلمين ، فقد يفتن بهم وبدنياهم ، فالنبي ﷺ ينبهنا لهذا المعنى، يحذرنا: الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، يعني: يجعلكم خلفاء للذين كانوا قبلكم، فمن الناس من يغلب عليه الطمع، وحب الدنيا، والتهافت عليها، وتذهب نفسه عليها حسرات، حتى لو لم يكن عنده شيء، ومن الناس من يعطيه الله الكثير، ولكنها في يده وليست في قبله، فليست المسألة مسألة كثرة أو قلة، إنما المسألة هي فقر القلب، وتعلق القلب، فإذا كان القلب فقيراً لغير الله تعالى فإن فقره لا يقف عند حد، وإذا كان القلب فارغاً من محبة الله، والتعلق به، والإقبال عليه فإنه لا يمكن أن يُملأ بشيء، ولو أعطي الدنيا بما فيها، وليس المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم : (اتقوا الدنيا ) أن يتخلى الإنسان عنها ولا يعمرها، وإنما المقصود أن يأخذ المال من حله، ويتصرف فيه بحله، وينفق في حله في وجوه النفقات المشروعة والمباحة فقط، ويؤدي حق الله تعالى فيه ، وفي سنن ابن ماجه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ».
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) ،فالمعنى :أن الله تعالى استخلف الانسان في الأرض ليقوم بطاعته ،وأن ينهى نفسه عن الهوى ،ويقوم بما أمره به الله ، ولا يغتر بالدنيا ،وأن يعمر الارض ليقدر على العيش فيها ، والسعي لنشر الاسلام فيها والمبادئ السليمة والاخلاق الرفيعة التي أمر بها الله تعالى والابتعاد عن محرماته . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (فَاتَّقُوا الدُّنْيَا ) ، أي ان الانسان يجب عليه ان يقوم بما أمره الله ويترك ما نهى عنه ولا يغتر بالحياة الدنيا فقد قال تعالى في كتابه العزيز : ” فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ” لقمان:33 ، واحْذَرُوا من الحياة الدنيا لأنَّها تظهر لكُم بمظاهر تستهويكم ، ولكن حقيقتها غير ذلك ، وأنَّها دار مَمَر وعُبُور ، وليست دار مَقَر وحبور ،فعلى المسلم ان يكون في الدُّنيا كأنَّه غريب أو عابر سبيل ، وأما دار البقاء فهي الدار الآخرة ،وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ) ،فالنساء من الدنيا، وقد ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الدنيا؛ لأنها من أعظم فتن الدنيا، فإذا فسدت المرأة، فسد المجتمع، وإذا تبرجت المرأة، واستعرضت بزينتها فقل على المجتمع السلام، قال بعض السلف : لو أعطيت مفاتح خزائن الدنيا لأكون أميناً عليها لكنت أميناً، ولكن لا آمن نفسي على امرأة، وقال آخر : لا تخلونّ بامرأة ولو قلت: أعلمها القرآن. وقوله صلى الله عليه وسلم ” فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ” : أي : إن بني اسرائيل افتتنوا بالنساء فضلوا وأضلوا ، لذلك نرى اليوم أعداءنا وأعداء الاسلام يركزون على النساء وعلى تبرجهن وعلى اختلاطهن بالرجال ، فالواجب على العاقل أن يحذر فتنة النساء لا من جهة الخلوة ولا من جهة إطلاق النظر ولا من جهة تعاطي أسباب الفاحشة، يجب الحذر حتى لا يقع في حبالهن؛ ومن أسباب ذلك: إطلاق البصر، والخلوة بالأجنبية، والاختلاط بالنساء من غير المحارم، كل هذا من أسباب الفتنة، ومن أسباب الحفظ البعد عن ذلك غض البصر وعدم الخلوة، وعدم الاختلاط بالنساء غير المحارم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد أدرك أعداءُ هذا الدين عظيمَ أثر فتنة النِّساء، ودورَها في سقوطِ الأُمَّةِ وانحلالها، فكانَت قضيَّةُ المرأة الخنجرَ المسمومَ الذي طعنُوا به أُمَّةَ الإسلام، فإذا بها تتغيَّرُ معالِمُها وتتشوَّهُ هويتُهَا حتى صارَ المُنكرُ معروفاً والمعروفُ مُنكراً، وصارتِ النظرةُ الغربيَّةُ للمرأة : هي النظرة المثالية، الدالة على المدنيَّةِ والرُّقِيِّ، ورحمَ الله حَسَّانَ بن عَطِيَّةَ إذ قال : ( مَا أُتِيَت أُمَّةٌ قَطُّ إلا مِن قِبَلِ نِسَائِهِم). ولا يصعُب على من يعرف شريعة الله تعالى، إذا نظر في أعمال هؤلاء الفُجَّار أن يستنتج أنَّهم عَمِلُوا على مُناقَضَةِ الشريعةِ ومُعاندَتِها شبراً بشبر، وذراعاً بذراع : فبينما نادَت شريعة الحكيم الخبير بتحريم الزنا وجعلته جريمة من الجرائم الكُبرى التي تُوجِبُ أليمَ العقابِ، جعلها هؤلاء من الحُرِّياتِ الشَّخصيَّة، التي تتكفل قوانينهم بحمايَتِها. وبينما سَمَّت الشريعةُ الفواحشَ قاذوراتٍ وأوساخ، فقد سمَّاها هؤلاءِ علاقاتٍ عاطفيَّةً (رومانسيَّةً) ليخفَّ وقعُها على الأسماعِ. وبينما جعلت الشريعةُ الحجابَ علامةَ الإيمانِ وسِمَةَ الطهارة وشعارَ العِفَّةِ والسترِ، وجعلت التبرُّجَ كبيرةً وفاحشةً من أفعالِ الجاهليَّةِ، جعلَ هؤلاء الحجابَ علامةَ التخلُّف والجُمُود والرجعيَّةِ ونعتُوه بأشنعِ الأوصاف، وجعلوا التبرُّجَ تحضُّرَاً ورقياً، وطائفةٌ منهم علِمَت مشقَّة طريق مُحاربة الحجابِ الشرعيِّ، فمسختهُ في صُورةٍ تستهوي فتياتِ العصر، وأملَوا لَهُنَّ : أنَّ الحجابَ لا يتعارضُ مع الأناقَةِ والجمالِ. وبينَمَا حثَّتِ الشريعةُ على الزَّواجِ ويسَّرَت سُبُلَهُ، وضعَ هؤلاء أمامَهُ الحواجِزَ ونصبُوا في طريقِه العراقيلَ، فصارت سُبُل الزواجِ طويلةً وعرةً، وسُبُل الزِّنَا والفاحشةِ مُذلَّلةً ميسورَةً. وبينما جاءتِ الشريعةُ بتحريم النَّظرِ إلى النساء الأجنبياتِ ومُصافحتهنَّ والخلوةِ بهنَّ، وتحريمِ الاختلاط المستهترِ بين الرِّجال والنساء، جاء هؤلاء الفجار بكسرِ كُلِّ حاجزٍ بين الرِّجالِ والنساءِ، فأشاعُوا الاختلاطَ في أماكنِ العملِ والجامعاتِ، وبينما جاءت الشريعة بالحثِّ الأكيدِ على الغيرةِ على الأعراض، وبذلِ الغالي والنفيسِ في سبيل صيانتِهَا؛ عملِ هؤلاء الفُجَّارُ على وأدِ الغَيرةِ من قُلُوب الرِّجالِ، حتى فشتِ الدِّياثةُ، فالفتاة تخرجُ مُتطيِّبة متبرِّجَةً على مرأى أبيها وهو لا يُحرِّكُ ساكناً، والزوجةُ صارت دُميةً يتباهى الرجل بجمالها وزينتها أمامَ أصحابِه، وبعضُ من بلغت به الدياثةُ مبلغها يحاربُ ابنته أو زوجتَهُ إذا التزَمَتِ بالحجابِ الشرعيِّ ويمنعُهَا من الخُرُوج به. وبالجملة : فإنَّ المسلم المعاصر لا يحتاجُ إلى مُكابدَةٍ وعناء ليعلم أنَّها حملَةٌ مسعورةٌ وحربٌ شعواء، يقودُهَا إبليسُ وأولياؤه. والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا كل هذا ؟، والجواب : أن المصدرَ الرئيس لقوة كل أُمَّةٍ هو في تميُّز هويتها عن سائرِ الأمم، وهؤلاءِ يُريدُون منَّا – كما قال مجاهد رحمه الله – أن نكونَ مثلَهُم، نزني كما يزنُون، وإذا صِرنَا مثلَهُم لم تَعُد لنا هوية تُميِّزُنا عنهُم، وضاعتِ أمتنا في دوامة الأُمَم الكافِرَة، نعوذُ بحولِ الله وقوته من ذلك. ثمَّ إن هؤلاء الكُفَّار يُدركُون أنَّ العمل على نشرِ الفواحش والفسقِ هو الوسيلةُ السهلةُ التي يستطيعون بها قيادة الأمة نحو ما يشاؤونَ من أهدافٍ، كما قال قائلهم : ” كأسٌ وغانيةٌ يفعلانِ بالأُمَّةِ المحمديَّةِ ما لا يفعلُه ألفُ مدفع ودبابةٍ، فأغرِقُوها في حُبِّ المادة والشهوات “. ويقول أحد حاخامات اليهود : ” شعبُنَا محافظٌ مؤمن ولكن علينا أن نُشجِّعَ الانحلالَ في المُجتَمَعات غيرِ اليهودِيَّةِ فيعُمَّ الكُفرُ والفسادُ وتضعف الروابطُ المتينة التي تعتبر أهمَّ مقومات الشعوب فيسهل علينا السيطرةُ عليها وتوجيهها كيفما نريد). فهلا رجعنا إلى ديننا والتزمت نساؤنا شرع الله بالمحافظة على الحجاب والعفة وترك الاختلاط، وهلا جعلنا بينا وبين هذه الفتنة سياجا من الفضيلة والعفة يقي الأمة ويلات هذه الفواحش وعقوباتها؟!.
الدعاء