خطبة عن ( نبي الله يعقوب عليه السلام)
أبريل 13, 2016خطبة عن (اليمين الكاذبة (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا )
أبريل 13, 2016( الخطبة الأولى) (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا )
الحمد لله رب العالمين ، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأشهد أن لا إله إلا الله-وحده لاشريك له –وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله-إمام المتقين-وسيد المقربين ورحمة الله للخلق أجمعين –اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) (19 ) : (25) المعارج
إخوة الإسلام
تعالوا بنا نتناول هذه الآيات الكريمة بشيء من التوضيح لنتعرف على ما جاء فيها ونتخلق بأخلاقها . يقول الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) يؤكد الحق تبارك وتعالى في هذه الآية على أن الإنسان مجبول على الأخلاق الدنيئة والصفات القبيحة وغلبة النفس والشيطان والهوى على طباعه، وأن الغالبية العظمى من بنى آدم يسيرون على غير منهج الله وهذا هو الخسران المبين ،لذا يقسم الله سبحانه وتعالى في ( سورة العصر) مؤكدا هذا المعنى .. يقول سبحانه وتعالى :(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) وفى هذه الآية يقول سبحانه (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ) .. ومعنى (هلوعا) أي(جزوعا) والهلع هو الجزع والحزن من شدة الحرص ،وهو عكس الصبر .. فأغلب بنى آدم جبلوا على الهلع والجزع وعدم الصبر عندما ينزل بهم شيء يكرهونه، من بلاء في أنفسهم ،أو في أولادهم أو في أموالهم, وهذا هو عكس ما يريده الله منهم ,من صبر وجلد وقوة تحمل ..( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا )…. أي إذا أصاب الإنسان شر يكرهه من فقر، أو مرض, أو خوف, أو فزع وجزع , انخلع قلبه من شدة الرعب والحزن , واستولى عليه اليأس والقنوط , فتراه ساخطا على ربه ,غير راض بحكمه وقضائه ، ويقوده ذلك إلى معصيته فيتعاطى المسكرات ,والمخدرات, لينسى كما يقولون همومه,.. (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا )… (والجزع) هو شدة الحزن , واليأس والقنوط من رحمة الله,.. (وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا)… أي إذا أعطى نعمة من الله ..كأن يكثر ماله مثلا… بخل بها على غيره, ومنع خيره من الناس ..بل ومنع حق الله في ماله .. وقد روى الإمام أحمد عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ » .. نعم.( وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا )…. أي إذا تيسرت له أسباب الرغد ,فأصبح غنيا موسعا عليه في الرزق , صحيح الجسم ,معافى, نافذ الكلمة ,ذا جاه ومنصب ,..إذا أعطى هذه النعم , كان منوعا ,يمنع الناس رفده, ومعونته, والانتفاع بجاهه, فهو يحسب أن ما أوتيه من الخير وما أعطيه من الرزق والنعم – لم يؤته إلا لكونه مستحقا له بذاته ، لا يفضل الله عليه، لذا… فهو يطغي على الناس ويكفر النعمة ، فلا يشكر الله عليها بل قد يطغى ، ويظلم الناس ويمنعهم حقوقهم ، ( إن الإنسان خلق هلوعة إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا) ، ويسأل سائل،وهل كل الناس علي هذه الحالة وذاك الأخلاق السيئة الدنيئة ؟؟، والإجابة .(لا)..بل هناك أقوام على غير ذلك ، بل على العكس من ذلك كله، إنهم أهل الإيمان والصلاح ،والتقوى.. لذا.. فقد أستثنى الله هؤلاء بقوله : ( إلا المصلين) ،فالمصلون الذين واظبوا على صلواتهم, وتعرضوا لنفحات ربهم, وركعوا معظمين, وسجدوا لله خاشعين, هؤلاء هداهم الله الى الصبر والرضا بحكم الله وقضائه, فهم لا يهلعون, ولا يجزعون, ولا يمنعون الناس حقوقهم, ولا يطغون , ولا يتكبرون ,.. هؤلاء المؤمنون.. إذا أصابهم الشر,صبروا,واحتسبوا عند الله صبرهم,وإذا مسهم الخير,شكروا الله,وتواضعوا,و أنفقوا مما آتاهم الله من فضله ,وهم يعيشون حياتهم بين الصبر على البلاء,والشكر في الرخاء والنعماء ..والصابر والشاكر في الجنة… وقد روى مسلم في صحيحه عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ». كما روى الطبرانى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال: ( من أعطى فشكر ,وابتلى فصبر, وظلم فاستغفر, وظلم فغفر , ثم سكت .. فقالوا :يا رسول الله ما له ،قال (أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) ..( إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ)..أي على صلاتهم محافظون مواظبون ,فهم دائمون الركوع ,والسجود ,خاشعون في صلاتهم ,يؤدونها في جماعة ,.( الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ)..فلا يتكاسلون عنها,ولا يفرطون فيها,بل هم دائمون عليها ,وفى الصحيح عن عائشة (رضى الله عنها) ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( أحب الأعمال إلى الله أد ومها وإن قل ) ،تقول عائشة (رضى الله عنها ) 00 (وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا عمل عملا داوم عليه). نعم ..( إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) المعارج ( 22) ،(23 ) .
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
(الخطبة الثانية (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا)
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافى نعمه ويكافئ مزيده, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل حديثنا عن صفات المؤمنين . فيقول سبحانه وتعالى 🙁 وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ) أي ومن صفات هؤلاء المؤمنين المهديين الموفقين أنهم جعلوا في أموالهم التي انعم الله بها عليهم نصيبا مقررا ومعلوما لذوى الحاجات من الفقراء والمساكين والمحتاجين، وهذا النصيب المعلوم هو زكاة أموالهم التي يدفعونها شكرا لله على نعمه واعترافا بفضله واحسانه …. (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ للسائل والمحروم ).. والسائل .. قيل هو الفقير الذي يتكفف فيعطى ( والمحروم) هو الذي يتعفف فيحرم وقيل (المحروم) هو الذي أصيب بآفة سماوية اجتاحت ماله فأصبح فقيرا بعد غنى وهو يتأفف أن يسأل الناس شيئا رغم فقره واحتياجه إلى المال
الدعاء