خطبة عن (وداعا رمضان)
مايو 7, 2021خطبة عن : هل لك في بيت في الجنة ( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ )
مايو 15, 2021الخطبة الأولى ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (51) ،(52) الدخان ، يقول الامام الطبري في تفسيرها : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الذين اتقوا الله في الحياة الدنيا ، بأداء طاعته, واجتناب معاصيه ، هم اليوم في الجنة ، في موضع إقامة آمنة, فهم آمنون في ذلك الموضع ، مما كانوا يخافون منه في الحياة الدنيا ، من الأوصاب والعلل ، والأنصاب والأحزان . فالمقام الأمين هو الجنة ، وقد أمنوا فيها من الخروج منها ، أو انقطاع أو زوال هذا النعيم ، فقال الله تعالى : (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ) (27) :(33) الواقعة ، كما أمنوا فيها من الموت ، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضى الله عنه – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، ثُمَّ يُنَادِى يَا أَهْلَ النَّارِ ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ ، فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ) ، وروى الطبراني : (عن جابر ، رضي الله عنه ، قال : سئل نبي الله – صلى الله عليه وسلم – : أينام أهل الجنة ؟ فقال : ” النوم أخو الموت ، وأهل الجنة لا ينامون ” .
أيها المسلمون
فأهل الجنة في مقام أمين ، آمنين من كل هم وحزن، ومن كل جزع ،وتعب ، ونصب ، وهم في مقام أمين ، آمنين من الشيطان وكيده ، وآمنين من سائر الآفات والمصائب ، قد حل عليهم الرضا والرضوان ، من الرحيم الرحمن ، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضى الله عنه – قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ . فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ . فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ . فَيَقُولُ أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا » فالمتقون هم الذين أخلصوا لله الدين ، وثبتوا وصبروا على التكاليف ، وعلى مضايقات أعداء الله , واتقوا الله ففعلوا المأمور ،وانتهوا عن المحظور , فجزاهم ربهم مقاماً أمينا ، فيه من أنواع النعيم المقيم الأبدي ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ،وهم خالدون في هذا النعيم أبداً ، فائزون برضوانه أبداً ، وأي فوز أعظم من الفوز برضوان الله , ذلك لمن أمن بالله ، واتبع رسوله في الدنيا ، وانتظر وعد الله , وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَدًا »
أيها المسلمون
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ) ، فهم الذين خافوا الله في الدنيا ،فرزقهم الله الأمن يوم القيامة ،وهم في (مَقَامٍ أَمِينٍ ) مقام المكانة العظيمة ، والمنزلة الكريمة ، مقام الأمن والأمان من كل سوء وهلاك . هم في مقام أمين : بالتمتع بالنظر لوجه الله الكريم ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ – قَالَ – يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ – قَالَ – فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومازال حديثنا موصولا عن قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (51) ،(52) الدخان ، والمؤمنون المتقون هم في مقام أمين : بمجاورة أشرف المرسلين ، قال الله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) {النساء: 69}. ومن السبل لمرافقة النبي صلى الله عليه وسلم ،والقرب منه في الجنة : كثرة السجود ، وكفالة الأيتام ، وكثرة الصلاة عليه ( صلى الله عليه وسلم ) ، وحسن الخلق ، وغيرها من الأعمال الصالحة ، فكل من أطاع الله ورسوله، فإنه يكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في دار الكرامة، يستمتع برؤيته ،والحضور معه، وإن تفاوتت درجاتهم، حسب أعمالهم ، فلن يحرم من هذا الفضل مؤمن، ولا يحول بينه وبين ذلك اختلاف منزلة النبي ودرجته عن غيره ، فمقاييس الآخرة غير ما نتصوره نحن اليوم في الدنيا، ففي صحيح سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ فِي الْغُرْفَةِ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الشَّرْقِيَّ أَوِ الْكَوْكَبَ الْغَرْبِيَّ الْغَارِبَ فِي الأُفُقِ أَوِ الطَّالِعَ فِي تَفَاضُلِ الدَّرَجَاتِ ». فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُولَئِكَ النَّبِيُّونَ . قَالَ : « بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ وَأَقْوَامٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ » وهم في مقام أمين بالجلوس بجوار الصحابة والمتقين ، وهم في مقام أمين ، بالرضا التام من رب العالمين ، ففي سنن ابن ماجه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ فَإِذَا الرَّبُّ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. قَالَ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ (سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) قَالَ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَلاَ يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ وَيَبْقَى نُورُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ ».
الدعاء