خطبة عن اسم الله: ( الحَلِيم )
ديسمبر 23, 2017خطبة عن ( الصِّدْق مَعَ اللَّهِ )
ديسمبر 23, 2017الخطبة الأولى ( إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (28) البقرة ،وقال تعالى : (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (15) الانعام، وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (131) :(135) الشعراء ،وروى مسلم في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ..( وذكر منهم ).. وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ…».
إخوة الإسلام
الخوف من الله : هو اضطراب القلب ووجله من تذكر عقاب الله وناره ووعيده الشديد لمن عصاه.. ” الخوف من الله : سراج يضئ في القلب، به يبصر المؤمن الخير من الشر. لذا قال أحد الصالحين ..ما فارق الخوف قلبا إلا خرب”، وقال آخر: “إذا سكن الخوف القلب أحرق مواضع الشهوات منها ..وطرد الدنيا عنها”، وقال ذو النون: “الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلوا الطريق . فالخشية الحقة هي التي تربي القلب حتى لا يفرق بين معصية كبيرة وصغيرة.. فلا ينظر إلى صغر المعصية، ولكن ينظر إلى عظمة من عصاه. والخوف أو الخشية من الله: هي من أعلى المقامات وأشرفها ، وأسمى الصفات وأرفعها، وهي صفةَ من صفات الملائكة المقرَّبين، قال الله تعالى عن الملائكة: ( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) النحل 50 . وهي صفةَ من صفات النبيين ،قال سبحانه عن أنبيائه ورسله : ( الَّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ ..وَيَخْشَوْنَهُ ..وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ) الاحزاب 39.. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم « مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَ اللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ). وهي صفة من صفات العلماء ،قال الله تعالى( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) فاطر 28. وهي صفة من صفات المؤمنين الموحدين ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ) الانبياء 49 ،وقال سبحانه: ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) الملك 12...بل والخوف والخشية هي صفة من صفات الجبال الراسيات ،قال تعالى : ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ.. وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ . وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) البقرة 74.
أيها المسلمون
أن الذي يخشى الله ويخافه، يحجزه خوفه وخشيته عن المعاصي والمحرمات، فلا يأكل مالا حراما، ولا يشهد زورا، ولا يحلف كاذبا، ولا يخلف وعدا، ولا يخون عهدا، ولا يغش ولا يخون ، ولا يمشي بالنميمة، ولا يغتاب الناس، ولا يترك النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يزني، ولا يتشبه بالنساء، ولا يتشبه بالكفرة أعداء الدين، ولا يتعاطى محرما ، ولا يشرب المسكرات ولا المخدرات، ولا يهجر مساجد الله، ولا يترك الصلاة في الجماعة، ولا يضيع أوقاته في اللهو والغفلة، الذي يخاف الله : تجده يشمر عن ساعد الجد، ويستغل وقته كله في طاعة الله، ولهذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ »..
أيها المسلمون
وقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي أَوْ فِي بَيْتِي فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَأُلْقِيهَا ».. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما رأيت رسول الله مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى منه لهواته, إنما كان يتبسم . قَالَتْ : وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ . قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا ، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ . فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ ..عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا ( هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) ». ومن شدة خوف عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يوما: “لو نادى مناد من السماء: أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلاً واحدًا لخفت أن أكون أنا هو”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
(إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) ، إنها كلمات إيمانية نورانية ، يجب أن تتردد دائما في القلوب الحية، والعامرة بالإيمان ، وتخشى الله في الإسرار والإعلان ، حتى لا تقع فيما يغضب الله (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ، يستدعيها القلب على اللسان ، إذا ما حدثته النفس الأمارة بالسوء بمعصية الديان . (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) يقولها كل مؤمن صادق إذا دعته امرأة ، وراودته عن نفسها بعيدا عن الأنظار ، (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ، يقولها كل تاجر صادق إذا وسوس له الشيطان ، بالغش وبخس الكيل ،وتطفيف الميزان ، لأنه سمع الله يقول : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) الرحمن (8) ،(9) ،ويقول سبحانه : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) (1) :(4) المطففين ، (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ، هي على لسان من دُعي لشهادة زور ، أو كذب وبهتان ، وهي على لسان من قدمت له رشوة ، أو عرضت عليه السرقة ،أو الغلول . طاعة للرحمن : (إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) ، يرددها المؤمن ليل نهار ،حتى لا يقع في معصية الجبار .
أيها المسلمون
أما عن جزاء أهل الخوف والخشية من الله ،فتبينها لنا الآيات والأحاديث التالية: قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ..لَهُمْ مَغْفِرَةٌ.. وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) الملك 12.. وعن أبي هريرة عن النبي فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قال: (وعزتي، لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين؛ إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة) رواه ابن حبان في صحيحه… وفي مسند البزار (عَنْ أُمِّ كُلْثُومَ بِنْتِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ أَبِيهَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا اقْشَعَرَّ جِلْدُ الْعَبْدِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ، تَحَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْبَالِيَةِ وَرَقُهَا )
الدعاء