خطبة عن (فوض أمرك لله) (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ)
سبتمبر 30, 2017خطبة عن الصحابي : ( حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ)
سبتمبر 30, 2017الخطبة الأولى ( اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعوَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الدارمي في سننه( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ موقوفا ، قَالَ : ( اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعوَا ، فَقَدْ كُفِيتُمْ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ )
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ( من أحدث رأياً ليس في كتاب الله ولم تمض به سنة من رسوله – صلى الله عليه وسلم – لم يدر ما هو عليه إذا لقي الله – عز وجل ) وقال: (عليكم بالاستقامة والأثر، وإياكم والبدع )
إخوة الإسلام
نعم (اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعوَا ، فَقَدْ كُفِيتُمْ )، فهذه هي وصية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للتابعين ولمن جاء بعدهم ، نعم ، اتبعوا رسولكم وصحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم، واقتدوا بهم، ولا تحدثوا في الدين ما لم يأذن به الله، ولا تشرعوا ما لم يكن في الشريعة ، ولا تكونوا من الذين قال الله فيهم (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21) ، فالله تعالى أكمل الدين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا حاجة إلى بدع تضاف إلى هذه الشريعة، ومنهج السلف الصالح الذين طبقوا هذه الشريعة كان منهجاً كاملاً، فلستم بحاجة إلى أن تخترعوا أشياء جديدة ، فمثلاً: في باب الأذكار ،نجد أذكاراً مبتدعة؛ ونحن لسنا بحاجة إليها ،فإن عندنا مما ثبت من كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم مئات الأذكار التي لو طبقناها وأخلصنا في تطبيقها لكنا أعبد الناس، ففي كل حالة وفي كل لحظة من لحظات الإنسان هناك أذكار، فهناك أذكار في الصباح في المساء أعقاب الصلوات في القدوم في الركوب في السفر في النوم في الاستيقاظ، بل حتى والإنسان في أخص خصوصياته مع أهله، كل هذه الأمور ورد فيها ذكر. ( فَقَدْ كُفِيتُمْ )،أي كفاكم من قبلكم ، حيث حملوا الشريعة، وبينوها وبينوا لكم ما تقولونه بألسنتكم وما تعتقدونه بقلوبكم، وما تعملونه بأبدانكم فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات، وفيما يتعلق بالأخبار والنقول ، وفي ذلك كفاية.
نعم والله لقد كفينا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وقد أكمل الشريعة، وأكمل التبليغ، ووصلنا هذا كاملاً والحمد لله بأسانيد صحيحة، فلسنا بحاجة أبداً إلى أن يأتينا أناس يكملون. ولهذا صارت هذه الأمور المستحدثة ما هي إلا بدع وضلالات؛ لأن فيها اتهاماً للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ما كمل هذا الدين، وما كمل التبليغ، وفيها اتهام لربنا تبارك وتعالى وتقدس وتنزه أنه لم يكمل لنا الشريعة. وجاء في الأثر الآخر أنه قال: (من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، ولحمل دينه؛ فاعرفوا لهم حقهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم)
أيها المسلمون
وروى الترمذي في سننه بسند صحيح (عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ » وقال الإمامُ الأوزاعيُّ رحمه الله تعالى : “خمسٌ كان عليها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم : لُزومُ الجماعة، واتِّباعُ السنَّة، وعِمارةُ المسجِد، وتلاوةُ القرآن، وجهادٌ في سبيل الله ،فطريقُ أهل الإيمان والتوحيد لُزومُ السنة، واتِّباعُ الأثر، ونبذُ البدع والخُرافات، وردُّ المُحدثَات والضلالات، والبراءةُ منها ومن أهلِها. مضَت الصحابةُ والتابِعون وأتباعُهم وعلماءُ السنَّة على هذا مُجمِعين مُتَّفقين. واعلموا أن كل من عبد الله – تعالى – على غير هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فإنه على بدعة – عياذاً بالله – سواء عرف هذا أم لم يعرف، وهو غير ممتثل لأمر الله،
يقول عبدُ الله بن عباس – رضي الله عنهما -: “إن أبغضَ الأمور إلى الله: البِدَع”. وقال عبدُ الله بن عمر – رضي الله عنهما -: “كل بدعةٍ ضلالةٌ وإن رآها الناسُ حسنة”. وقال عبدُ الله بن مسعود رضي الله عنه :عليكم بالعلمِ، وإياكم والتبدُّع والتنطُّع والتعمُّق ،وقال: الاقتصادُ في السنَّة خيرٌ من الاجتهاد في البدعة ،وقال حُذيفةُ – رضي الله عنه -: كل عبادةٍ لا يتعبَّدُها أصحابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلا تعبَّدُوها؛ فإن الأولَ لم يدَع للآخر مقالاً ، وكتبَ رجلٌ إلى عُمر بن عبد العزيز يسألُه عن القدر، فكتبَ: “أما بعد: أُوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمرِه، واتِّباع سُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، وتركِ ما أحدثَ المُحدِثون ، وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى : “عليك بالأثر وطريقة السَّلَف، وإياك وكل مُحدَثة؛ فإنها بدعةٌ ، وقال الإمام مالكٌ رحمه الله تعالى: “من ابتدَعَ في الإسلام بدعةً يراها حسنةً فقد زعمَ أن مُحمَّدًا – صلى الله عليه وسلم – خانَ الرِّسالة؛ لأن الله يقول: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة: 3]، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكونُ اليوم دينًا”. وقال الإمام الشافعيُّ رحمه الله تعالى : “يسقُطُ كل شيءٍ خالفَ أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يقومُ معه رأيٌ ولا قياسٌ؛ فإن الله قطعَ العُذرَ بقولِه – صلى الله عليه وسلم -“. وقال الإمام أحمدُ – رحمه الله تعالى -: “أصولُ السنَّة عندنا: التمسُّك بما كان عليه أصحابُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، والاقتِداءُ بهم، وتركُ البدع، وكل بدعةٍ فهي ضلالةٌ”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعوَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الإمامُ الأوزاعيُّ – رحمه الله تعالى -: “ندورُ مع السنَّة حيث دارَت”. وكان ابنُ عونٍ رحمه الله تعالى – يُوصِي عند موتِه، ويقول: “السنَّةَ السنَّةَ، وإياكم والبِدع، السنَّةَ السنَّةَ، وإياكم والبِدع”. وقال الإمامُ الآجريُّ رحمه الله تعالى : “رحِم الله عبدًا حذِرَ هذه الفِرَق، وجانَبَ البِدَع، واتَّبَع ولم يبتدِع، ولزِمَ الأثرَ، فطلَبَ الطريقَ المُستقيمَ، واستعانَ بمولاه الكريم”. ألا فالزَموا هذا النَّهجَ القويم، والطريقَ المُستقيم؛ تفوزُوا بجنَّات النَّعيم.
أيها المسلمون
ولقد أطلَّت رُؤوسُ أصحاب المذاهِبِ الفاسِدة، والعقائِد الخَبيثَة، وأخذَت في نشر البِدَع والضلالات، والخُرافات والخُزعبَلات، والمآتِم والشِّركيَّات بين عوامِّ المُسلمين، مُجاهِرين بها في وسائل إعلامِهم، وفي تجمُّعات المُسلمين، مُستغلِّين الفقرَ والجهلَ وغفلةَ المُوحِّدين عن واجبَةِ حمايَةِ جنابِ التوحيد والدِّين. فهؤلاء قومٌ هم أشدُّ الناس بُغضًا وكراهيةً للسُّنَّة، يُفارِقُونَها، ويُصادِمُونها، ويُحارِبُونَها، ويُعانِدونَها ،فهم يقتُلون دُعاتَها، ويُقاتِلُون حُماتَها، ويُحاصِرون أهلَها، فيها يا أتباعَ سيِّد البشر مُحمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم كُونوا حُماةَ العقيدة، وجُنود التوحيد، وذُبُّوا ودافعوا عن سُنَّة سيد المُرسَلين، وهل يُذبُّ عنها إلا بلُزومِها والتمسُّك بها، ونشرِها، وتعليمها، ومُواجَهة أعدائِها، والدفاعِ عنها وعن أهلِها، والجِهاد في سبيلِ الله لإعلائِها.
الدعاء