خطبة حول: نصر الله قادم ،وأسباب النصر، وقوله تعالى ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )
أغسطس 19, 2021خطبة عن حديث ( اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ) مختصرة
أغسطس 21, 2021الخطبة الأولى ( اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني 🙁 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِراً فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ »
إخوة الإسلام
لقد حذَّر الشَّرعُ الحَنيفُ من الظُّلمِ بكلِّ أنواعِه وصوره وأشكاله، وجَعَلَ اللهُ سُبحانَه وتعالى للمظلومِ دَعوةً مُستجابةً، وحذَّرَ الظالمين مِن عذابٍ أليمٍ. فالظلم مرتعه وخيم، وهو من أقبح المعاصي ،وأشدها عقوبة، وقد حرم اللهُ جل جلاله الظلمَ في كتابه الكريم ،وعلى لسان نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} الأنعام : 21، وقال الله تعالى:{يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}غافر : 52، فالظلم من الصفات الدنيئة والأخلاق الرذيلة ،ولهذا نزّه الله سبحانه وتعالى نفسه عنه ،فقد روى مسلم في صحيحه :« يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)،
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث الذي هو بين أيدينا اليوم : يقولُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: « اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِراً فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ»، والمعنى :خافوا من دعوة المظلوم، واحذَروها؛ لأنَّها تصعَدُ إلى السَّماءِ، ويَستجيبُ الله لها ،ولا يَرُدُّها أبدًا، لأنَّ المظلوم مُضطرٌّ في دُعائِه، وقد قال سُبحانَه وتَعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62]، فمَن ألهَبَ قلْبَ المظلومِ ومَلَأَه بالقَهرِ وظَلَمَه، فلْيرتقبْ لنارِ الجَزاءِ في الدارينِ، وعن قتادة أو الحسن – أو كليهما – قال: “الظلم ثلاثة: ظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم يغفر. فأما الظلم الذي لا يغفر، فالشرك بالله. وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم الناس بعضهم بعضًا، وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ،
فمن انواع الظلم : ظلم العبد لغيره من الناس وهو نوعٌ من أنواع الظلم الذي حذّر منّه الإسلام ومن سوء عاقبته، ويكون ظلم العبد لغيره من الناس بصورٍ كثيرةٍ؛ ومنها : أخذ مال النّاس بغير حقٍ؛ وبيع الرّجل فوق بيع رجلٍ آخر؛ وبالغيبة؛ بذكر شيءٍ يكرهه ؛ وإيقاع الفتنة بين الناس بالنميمة؛ وإيذاء المرء في عِرضه، وماله، وبدنه، وأهله؛ وفي صحيح البخاري :(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ،فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ،فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ »، فإذا دَعَتْكَ قدرتُك لأن تظلم أحدًا؛ لأنه ضعيف ،أو لأن لك سلطة عليه ،فلتعْلم أن الأمر ليس متروكًا حبلًا على غارب، فإن الأمور كلها منضبطةٌ بميزان العدل الإلهي ،قال الله تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، فإذا كان ميدان الحياة اليوم يتيح لكثيرٍ من الناس أن يظلم أحدًا آخر؛ فينبغي ألا يغيب عن ذهنه أنه إن لم يحاسَب في الدينا ،فإن ثمة محكمة العدل الإلهية التي يحاسَب فيها على كل شيء، ففي صحيح مسلم :(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ»
أقول قولي واستغفر الله
الخطبة الثانية ( اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ )
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإذا كان الاسلام قد حذر من الظلم فقد حثنا ورغبنا وأمرنا بالعدل ،قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) النحل (90) ، فالعدل خلق محبوب عند الله، وبه تصلح أحوال الناس ،وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيِّن لأصحابه تلك الميزة، ففي صحيح مسلم :(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا» ، والشريعة الاسلامية الغرَّاء كما أنها تحذرنا من الظلم ،وتأمرنا بالعدل ،فهي أيضا تُرغِّبنا في نُصره المظلومين وإنصافهم، والله تعالى لا يعفو عمَّن ظلَم العباد؛ فحُقوق الله مبنيَّة على المسامحة، لكن حقوق الخَلْق مبنية على المشاحة، ففي سنن الترمذي :(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْي وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ »،
لا تَظلِمَنَّ إِذا ما كُنتَ مُقتَدِراً فَالظُلمُ مَرتَعُهُ يُفضي إِلى النَدَمِ
تَنامُ عَينُكَ وَالمَظلومُ مُنتَبِهٌ يَدعو عَلَيكَ وَعَينُ اللَهِ لَم تَنَمِ
فلا تظلم أيها الانسان نفسك ولا تظلم زوجتك وأولادك ،ولا تظلم والديك وإخوانك ولا تظلم جيرانك وأصدقاءك ، ولا تظلم الناس مؤمنهم وكافرهم فالله تعالى يستجيبُ دعاء الكافر المظلوم على المسلم الظالم، لا حُباً بالكافر ولا بُغضاً بالمسلم، ولكن حُباً للعدل، وبُغضاً للظلم! ،والظّلم ظلمات يوم القيامة. فيا مَن دعاك منصِبُك إلى ظلم الناس ،ويا مَن دعتْك صحَّتُك وقوتك ومالك إلى ظلم الناس، تذكَّر قدرة الله عليك، واعْلمْ يقينًا بأنَّ الله سيقتصُّ للمظْلوم منك، ويا مَن تأكل أموال النَّاس بالباطِل، ويا مَن تَحرم النساء من الميراث وتُعْطي الذُّكور، إيَّاك إياك والظّلم. (اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّها لَيْسَ بَيْنَها وبَيْنَ اللَّهِ حِجابٌ). وقال النَّبي – صلَّى الله عليْه وسلَّم -:(إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حتَّى إِذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ)،وقرأ النَّبيّ صلَّى الله عليْه وسلَّم قولَ الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].
الدعاء