خطبة عن حديث (مَنْ أَصَابَ حَدًّا فَعُجِّلَ عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا)
يونيو 20, 2020خطبة حول قوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)
يونيو 27, 2020الخطبة الأولى ( احذر سوء الظَنَّ بالله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) آل عمران 154 ، وقال الله تعالى : (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (6) الفتح ،وقال الله تعالى : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا) (12) الفتح وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ : « لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».
إخوة الإسلام
إن سوء الظن بالله لهو من أكبر الكبائر ، ومن أعظم الذنوب ، وقد أَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ ) ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ ـ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ـ قَالَ: (أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )، وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي ..) وفي رواية للإمام أحمد : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي إِنْ ظَنَّ بِي خَيْراً فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ » ، فالله سبحانه وتعالى لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، فقد سبقت كلمة الله التي لا مرد لها ، ولا مخالف ، أَنَّ عباده المؤمنين ، والمدافعين عن الحق ، هم الغالبون لغيرهم، وهم المنصورون من ربهم نصرا عزيزا، ويتمكنون فيه من إقامة دينهم، ولكن الله سبحانه وتعالى قد قَدَّرَ على عباده مِحَنًا وابتلاء، ليظهر علمه في الناس، فيجازيهم بما ظهر منهم في عالم الشهادة، لا بما يعلمه سبحانه في عالم الغيب، لأنهم قد يحتجون على الله بأنهم لو ابتُلُوا لَثَبَتُوا ، فلذلك قال الله سبحانه: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} محمد (31). فالابتلاء بالسراء والضراء، وبالنعماء والبأساء، وبالسعة والضيق، وبالفرج والكرب.. وكلها مواقف وحالات تكشف عما هو مخبوء من معادن النفوس، وما هو مجهول من أمرها حتى لأصحابها، (فالفتن كاشفة) كما يقول الحكماء ،ومما لا شك فيه ،أَنَّ الكارهين للإسلام ،الحاقدين على أهله ،مهما كتموا حقدهم ،وأخفوا كراهيتهم ، فإِنَّ الله مُطْلِع أهل الحق على بعضه، قال الله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) محمد (29) ،والمعنى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ من شبهة أو شهوة – بحيث تُخْرِجُ الْقَلْبَ عن فطرته واعتداله- أنَّ الله لا يخرج ما في قلوبهم من الأضغان والعداوة للإسلام وأهله و أنَّ الله لا يكشف أمرهم لأهل الحق ويبرز أحقادهم وعداواتهم؟! ،وهذا ظن لا يليق بحكمة الله عالم الغيب والشهادة الذي يعلم السر وأخفى ، بل سيوضح أمرهم ويفضح شأنهم حتى يفهمهم ذوو البصائر، فَإِنَّهُ ما أَسَرَّ عَبْدٌ سَرِيرَةً إِلَّا أَبْدَاهَا اللَّهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وما أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ رِدَاءَهَا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ ،ومهما مكر هؤلاء في معاندة الحق، واحْتَالُوا فِي إِضْلَالِ النَّاسِ فَإِنَّ الله سيرد كيدهم في نحورهم، وذلك مصداقا لقوله سبحانه وتعالى : { وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10) فاطر، أي: يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنهى، فأمرهم لا يروج ويستمر إلا على غبي أو متغابي، ولذا فمن ظَنَّ انتصار الباطل على الحق انتصار دائما وفي كل الاوقات فقد أساء الظَنَّ بالله ، وقد ذكر الإمام العلامة ابن الْقَيِّمِ في كتابه “زاد المعاد في هدي خير العباد” صورا كثيرة لسوء الظن بالله – ومنها قوله رحمه الله : أكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظَنَّ السُّوءِ فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته، وعرف حكمته :– فَمَنْ قَنَطَ مِنْ رَحْمَتِهِ وأيس من روحه، فقد ظَنَّ به ظَنَّ السُّوءِ. – ومَنْ ظَنَّ بأنه لا ينصر الحق، ولا يُتِمُّ أمره، ولا يؤيد حزبه، ويعليهم ويظفرهم بأعدائه، ويظهرهم عليهم، وأنه ينصر الباطل على الحق ، فقد ظَنَّ بالله ظَنَّ السُّوءِ ، – وكذلك مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يكون ذلك بقضاء الله وقدره ،فما عرف الله ،ولا عرف ربوبيته ، وملكه وعظمته، وقد أساء الظن بالله – و مَنْ جَوَّزَ عليه أَنْ يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم و يُسَوِّي بينهم وبين أعدائه، فقد ظَنَّ به ظَنَّ السُّوءِ. – و مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ سبحانه وتعالى لَنْ يَجْمَعَ عَبِيدَهُ بعد موتهم للثواب والعقاب في دار يجازي المحسن فيها بإحسانه والمسيء بإساءته، و يُبَيِّنَ لِخَلْقِهِ حَقِيقَةَ ما اختلفوا فيه، و يُظْهِرَ للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله، وأن أعداءه كانوا هم الكاذبين، فقد ظَنَّ به ظَنَّ السُّوءِ. – و مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُضَيِّعُ عليه عمله الصالح الذي عمله خالصا لوجهه الكريم على امتثال أمره، ويبطله عليه بلا سبب ،أو ظَنَّ أَنَّهُ يعذب من أفنى عمره في طاعته ، وَيُنَعِّم مَنِ اسْتَنْفَدَ عُمُرَهُ في عداوته وعداوة رسله ودينه، فيرفعه إلى أعلى عليين، فقد ظَنَّ به ظَنَّ السُّوءِ. – و مَنْ ظَنَّ به أَنَّهُ إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه وسأله، واستعان به وتوكل عليه أَنَّهُ يخيبه ولا يعطيه ما سأله، فقد ظَنَّ به ظَنَّ السُّوءِ ، و ظَنَّ به خلاف ما هو أهله. – و مَنْ ظَنَّ به أَنَّهُ إذا أغضبه وأسخطه، وأسرع في معاصيه ثم اتخذ من دونه وليا، ودعا من دونه ملكا أو بشرا حيا أو ميتا يرجو بذلك أن ينفعه عند ربه ويخلصه من عذابه فقد ظَنَّ به ظَنَّ السُّوءِ ، وذلك زيادة في بعده من الله وفي عذابه.
أيها المسلمون
ومن صور سوء الظن بالله تعالى : أن من ظَنَّ أن الله تعالى يسمع ويرى ،ولكنه سبحانه يحتاج إلى من يُلَيِّنُهُ ،ويُعَطِّفُهُ عليهم بالوساطة من الملائكة، أو بوساطة الأنبياء والرسل، لتحقيق المطالب، “فقد أساء الظن بأفضال ربه وبره” – جلَّ في علاه -، “، وإحسانه وسعة جوده”، فهو سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم، ليس ثمَّة أرحم من رب العالمين، وهو – جلَّ في علاه – أرحم بنا من أنفسنا؛ قال الله تعالى : ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ النساء (29) ؛ فمن رحمته بك أن منعك مِنْ قتل نفسك، فمن كان بك أرحم من نفسك؛ فلا تحتاج إلى أن يكون بينك وبينه واسطة ،لإدراك مطالبك ،وحصول ما تُؤمِّله، فليس بينك وبينه إلا أن تقول: يارب، إلا أن تقول: يا الله، إلا أن تُنْزِل به حاجتك، فهو الصمد – جلَّ في علاه – الذي تُقْضَى منه الحوائج. ولذلك كل من جعل بينه وبين الله واسطة لإدراك مطلوبه فقد أساء الظن بربه؛ ومن صور سوء الظن بالله : أن ييأس العبد ويقنط من رحمة الله ،ومن سوء الظن بالله أن يدع الداعي ربه كثيرا ،فلا يجاب له ،فيسيء الظن بربه وينقطع عن الدعاء ،ولو علم أن الله ربما منع عنه شرا في الدنيا أو ادخر له خيرا في الآخرة بدعائه لما تعجل في سوء الظن. ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلاَ أَوْ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي ». وفي رواية في مسند أحمد (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ». قَالُوا وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ قَالَ « يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ رَبِّى فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم +
الخطبة الثانية ( احذر سوء الظَنَّ بالله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن سوء الظن بحكمة الله :أن يعمل الرجل بالتقوى ،واتباع الشرع ،فيبتلى ،ويمنع من الدنيا ،ويرى أهل المعصية قد بسط لهم في الرزق ،وعجلت لهم طيباتهم ،فيسيء الظن بربه ، ويترك العمل الصالح ،ويطيع الشيطان ،ولو علم أن الله قضى عليه ذلك لحكمة ،وأنه لا تلازم بين التقوى وبسط الرزق ،وأن الله اختار لنبيه الفقر ،وأن عطاء الله في الآخرة أعظم لما أساء الظن بربه. ومن سوء الظن بقدر الله : أن يقول العبد إذا أصابته ضراء( يارب حرام تصيبني بذلك ) أو (أنا ماذا عملت) أو (أنا لا أستحق هذا البلاء) ونحو ذلك من عبارات التسخط والاعتراض على القدر والعياذ بالله ،ولو علم هذا المسكين سر القدر في الخلق لما اعترض عليه. وبالجملة، فأعظم الذنوب عند الله تعالى إساءة الظن به؛ ولهذا يتوعدهم في كتابه على إساءة الظن به أعظم وعيد، كما قال الله تعالى: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ الفتح 6،
أيها المسلمون
فلا يظن أحدكم بربه ظن سوء ، فإِنَّ الله أولى بالجميل ،وأحسن ظنك بالله ،وظن به أنه يعفو عنك سبحانه ،وهو العفو الغفور ،وأنه يقبل منك عملك الصالح ،وإن كان قليلا، وأنه يدخلك الجنة لأنك موحد ومسلم، ولكن مع هذا تحذر السيئات، لأن السيئات تغضبه سبحانه، وأحسن ظنك بربك أنه يقبل التوبة، ولا تقنط ولا تيأس وإن عظمت ذنوبك ،فعفو الله أعظم،فمن ظن أن ذنوبه أعظم من عفو الله ومغفرته ، فقد أساء الظن بربه ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْيَمَامِيِّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ يَا يَمَامِيُّ : (لاَ تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَداً . قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ. قَالَ فَلاَ تُقُلْهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « كَانَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلاَنِ كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِداً فِي الْعِبَادَةِ وَكَانَ الآخَرُ مُسْرِفاً عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ فَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لاَ يَزَالُ يَرَى الآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ فَيَقُولُ يَا هَذَا أَقْصِرْ. فَيَقُولُ خَلِّنِي وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيباً. قَالَ إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْماً عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ أَقْصِرْ. قَالَ خَلِّنِي وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيباً. قَالَ فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَداً. قَالَ أَحَدُهُمَا قَالَ فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكاً فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا وَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي. وَقَالَ لِلآخَرِ أَكُنْتَ بِي عَالِماً أَكُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِى خَازِناً اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ ». قَالَ فَوَالَّذِى نَفْسُ أَبِى الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ) فعليك أن تحذر المعاصي ،وأن تتوب إلى الله منها ،وأن تجتهد في إحسان ظنك بربك، وأنه سبحانه الجواد الكريم، الغفور الرحيم، الذي يغفر لعباده الموحدين المؤمنين ،ويتجاوز عن سيئاتهم ،كما أنه سبحانه شديد العقاب لمن تساهل في حقه ،وارتكب معصيته، فتكون بذلك قد أحسنت الظن بالله ،مع الحذر من المعاصي ،والتوبة إلى الله منها ، وعدم الغرور، وعدم الأمن من مكر الله عز وجل.
الدعاء