خطبة عن (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ)
أغسطس 7, 2025خطبة حول مضمون قوله تعالى ( قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ )
أغسطس 9, 2025الخطبة الأولى (احْذَر عِقَابَ اللَّهِ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (99) الأعراف،
إخوة الإسلام
لقد حذرنا الله جل جلاله من أسباب سخطه وبطشه وعقابه، ومما يعرضنا لذلك مخالفة أمره، والوقوع في المعاصي والذنوب، فمعاصينا تزداد، ومخالفاتنا تتكاثر، وآيات الله تتوالى، فكم نسمع من المواعظ ولا نتعظ، وكم نشاهد من العبر ولا نعتبر، وكم نرى من العقوبات حولنا ولا نلتفت، فالعقوبة إذا حلت، شملت الجميع، ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ»، وفي الصحيحين: (عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ – رضي الله عنهن أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ»،
فالمجتمع حين يغرق في الشهوات، وتفشوا فيه المنكرات، فإنه يسقط من عين الله، وينزل الله به العذاب والعقاب، قال الله تعالى :﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام:44]. ألا نخشى أن يأخذنا الله على غرة، وينزل علينا العذاب على غفلة، ففي مسند البزار: (قَالَ صلى الله عليه وسلم: لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِّطَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ). فعلينا أن ننتبه لأنفسنا، ونرجع إلى ربنا، لنتدارك أمرنا، قبل أن ينزل بنا البلاء، وقبل أن يحل بنا العذاب،،
ومن أسباب نزول العذاب، وحلول العقاب: أن يخذل المسلم أخاه المسلم، فلا ينصره، ولا يقف بجانبه، ولا يدافع عنه، فالمسلم أخو المسلم، لا يخذله، ولا يسلمه لأعدائه، وفي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ) وفي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». وفي صحيح البخاري: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
ونرى اليوم كيف يتعرض إخواننا من المسلمين المستضعفين في غزة وغيرها من بلاد المسلمين، يتعرضون للقتل والتنكيل ،والحصار والتجويع، وهدم البيوت، واستباحت الأعراض، وهم يصرخون، ويستغيثون، ويستنجدون الأخوّة والعروبة والإسلام، فلم يهتز للمسلمين جفن، ولم تدمع لهم عين، وكأن أهل غزة ليسوا عربا ولا مسلمين، فليعلم الجميع: أن عذاب المتخاذلين لأهل غزة قادم، وسيتذوقون من أسوإ الكؤوس، التي تجرعها أهلها،
ولذا فمن الواجب علينا أن نهب لنصرتهم، قبل أن يحل بنا العذاب والعقاب، وعلينا أن نتبرأ من المتخاذلين، قبل أن تدور علينا الدائرة، وعلينا أن ننصرهم كل منا حسب استطاعته، مع الدعاء، واللجوء إلى الله تعالى، فاحْذَرُوا عباد الله عِقَابَ اللَّهِ، وعلى العاقل أن يحذر من عقوبة المعاصي والخذلان؛ ففي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِى لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ». ثُمَّ قَرَأَ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) هود:102،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (احْذَر عِقَابَ اللَّهِ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
إن خذلان المسلمين لإخوانهم المستضعفين سبب لخذلان الله لهم، (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ).
فالواجب أن يسارع المسلمون لدعم إخوانهم في فلسطين ماديا ومعنويا، وكسر الحصار عنهم، والدعاء لهم بالنصرِ والثبات. فالتخاذل عنهم إثم جسيم، وتركهم يجوعون من أعظم المحرّمات، وأشدّ الموبقات. قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) التوبة:71. وروى البخاري: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ»،
وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلبية والتخاذل فقال صلى الله عليه وسلم «لا يقِفنَّ أحدُكم موقفًا يُقتلُ فيه رجلٌ ظلمًا فإنَّ اللَّعنةَ تنزِلُ على كلِّ من حضر حين لم يدفعوا عنه ولا يقِفنَّ أحدُكم موقفًا يُضربُ فيه رجلٌ ظُلمًا فإنَّ اللَّعنةَ تنزِلُ على من حضره حين لم يدفعوا عنه» رواه الطبراني وفي مسند أحمد: (عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ « مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»،
لقد قعد المسلمون عن نجدة إخوانهم المنكوبين في غزة وغيرها بسبب سياسات خاطئة، وغُلَّت أيدي الحكومات عن فعل شيء بسبب معاهداتٍ جائرة، واتفاقيات مذلة، فرضها الأعداء، ورضيها الساسة، فما أنتجت إلا ظلما وبغيا، وما نال منها المسلمون حكوماتٍ وشعوبا إلا مهانة وذلا. فليعلم من يقفون متفرجين على المظلوم، وهم غير مهتمين؛ إنما يعرضون أنفسهم للمقت واللعن والعقوبة المحققة، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (227) الشعراء،
الدعاء