خطبة عن (المجتمع الاسلامي وأزمة غلاء الأسعار)
أغسطس 15, 2022خطبة عن (آداب المساجد) 2 مختصرة
أغسطس 15, 2022الخطبة الأولى (ازرع الأمل) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (87) يوسف
إخوة الإسلام
فهذا نبي الله يعقوب (عليه السلام) رغم أنه فقد ولديه (يوسف وبنيامين)،إلا أنه لم يفقد الأمل في العثور عليهما ،فأمر أبناءه أن يبحثوا عنهما ،ولا يقنطوا من رحمة الله ، لأنه يعلم أن الإيمان والأمل توأمان متلازمان ،والمؤمن لا يقع في اليأس أبدا حتى لو تضاءلت أو انعدمت عوامل النجاح، لأنّه يعلم أن له ربا قادرا على كل شيء، وأن اليأس (كفر)، قال الله تعالى : (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف (87) ، فالأمل: إيمان، وأمان، الأمل نور، وثقة، وقوّة، وحركة، وأما اليأس: فكفر، وخوف، واستسلام. وانظروا ،حينما مرّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بآل ياسر، في مطلع الدعوة الإسلامية، ورآهم يعذّبون على أيدي المشركين من كفار مكة، زرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسهم الأمل ،ففي المستدرك للحاكم وصححه الذهبي:(عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأهله وهم يعذبون فقال: أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة)، فزرع في نفوسهم الأمل ،وأعلمهم أنّ العذاب مهما كان شديداً فهو مؤقت، وأنّ النعيم المقيم في الجنة في انتظارهم وشاءت حكمة الله وإرادته سبحانه وتعالى أن يجعل اليسر رفيقاً للعسر ،فقال الله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح/ 5-6). فالراحة مع التعب، والعافية مع المرض، والفرج مع الضيق، والنجاح مع الفشل، وفي مسند أحمد يقول صلى الله عليه وسلم : (وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً». فمن بين وسائل التسلّح بالأمل (الصبر) الذي يأتي بالنتائج الطيِّبة، فهذا خباب بن الأرت (رضي الله عنه) بعدما اشتد بالمسلمين التعذيب من كفار مكة، طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو للمسلمين أن يرفع الله عز وجل عنهم هذه الغمة. ففي صحيح البخاري:(عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا ،قَالَ «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ»، فخباب لم يعد يتحمل العذاب، فيذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه الدعاء والاستنصار برب العالمين، فكان رد الرسول صلى الله عليه وسلم على غير ما توقع، فقد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظهر ذلك في وجهه، يقول خباب كما جاء في رواية للبخاري: (لَقِينَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً فَقُلْتُ أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ فَقَعَدَ وَهْوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ)، ومن المؤكد أن غضب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف لم يكن لمجرد طلب الدعاء، بل إن المؤمنين مطالبون بالدعاء في مثل هذه المواقف، ولكن الذي حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر أنه قد بدأ ييأس ،ويفقد الأمل، لذا غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بما حدث للمؤمنين السابقين، فقال صلى الله عليه وسلم 🙁 كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ)، فالمؤمنون من قبله قد مروا بما هو أشق مما يلاقيه المسلمون بمكة، وهكذا زرع الأمل في قلبه، بقوله صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ)، فاطمأن أنه في يوم من الأيام سيمكن الله تعالى لدينه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (ازرع الأمل)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد رسخ النبي صلى الله عليه وسلم، قيمة الأمل والتفاؤل، وبيَّن أهمية التحلي بذلك، مهما كانت الظروف والشدائد، وضرب لذلك مثلا، ففي مسند أحمد: (أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ ». وفي هذا غاية التأكيد على أهمية التحلي بالأمل، ولو في أشد الظروف، قال العلماء: «في الحديث المبالغة في الحث على غرس الأشجار، وحفر الأنهار، لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها، فكما غَرَس لك غيرك فانتفعتَ به أنت، فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع هو، وإن لم يبقَ من الدنيا إلا القليل»، ولذلك قيل: لا ينقضي الأمل ما بقي الأجل. والاسلام كما يأمرنا بالتفاؤل والأمل ،فهو يدعونا إلى زراعة الأمل في قلوب الآخرين، فمن يزرع الأمل في قلوب الناس يجد أثراً لما يزرع، وتكون سعادته أكبر عندما يجد ما صنعه قد غير في حياة غيره ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى تعلم زراعة الأمل في القلوب، وخاصة أن الشعوب الإسلامية تمر بمحن شديدة، وفتن عديدة ، فازرع الأمل حيثما كنت، لأن الله تعالى يحب الذين يمتلئون ثقة به ،ويقينًا برحمته ،وانتظارًا لفرجه، قم بتقديم ما يسعد الأخرين ،ففي المعجم للطبراني: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال ادخالك السرور على مؤمن اشبعت جوعته او كسوت عريه او قضيت له حاجة)، فمهما كانت ظروفك أو إمكانياتك فيمكنك أن تقدم لغيرك ما يسعده، ولو بزراعة الأمل في قلبه ،فالكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة مما يدخل السرور على قلوب الناس، وهي أمور لا تكلف صاحبها شيئاً لكنها قد تغير من حياة الأخرين. فزراعة الأمل وإدخال الفرحة على قلوب المحيطين من أسرار السعادة التي تمنح للفرد مكانة في حياة المحيطين .. ألا فكونوا متفائلين، ولديكم الأمل في مستقبل أفضل ،ولا تكونوا من اليائسين القانطين ،فهذا ليس من الدين ،واستعينوا بالدعاء واللجوء إلى رب العالمين .
الدعاء