خطبة عن حديث (وَلَكُمُ الْجَنَّةُ)
يوليو 29, 2023خطبة عن (احذروا الكهان والعرافين)
أغسطس 2, 2023الخطبة الأولى ( استحالة أن يكون لله ولد : (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) مريم ،وقال الله تعالى : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (22) الانبياء ،وقال الله تعالى : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (101) الانعام ،وقال الله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (88) :(95) مريم
إخوة الإسلام
إن الكثير من الضلال في الأمم السابقة ادعوا زورا وكذبا وبهتانا أن لله الولد ؛ فقالت اليهود : عزير ابن الله ،وقالت النصارى : المسيح بن الله ،وقال مشركو العرب : الملائكة بنات الله ، وأمهاتهن سروات الجن ،وقال بها من قبل : الهنادك والبوذيون وغيرهم ممّن يطول المقام بذكرهم؛ ولهذا كثر في النصوص القرآنية تنزيه الله سبحانه وتعالى اتخاذه الولد ،واستحالة ذلك ، والرد على من افتراها ،فأدلة استحالة اتخاذ الله سبحانه الولد أكثر من أن تحصى، وسوف نقتصر منها على ما يلي :
أولا : أن المسلم يكفيه ما صح واستقر في النصوص المعصومة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وقد ورد فيها ما يؤكد نفي الولد عن الله، قال تعالى: [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ] الاخلاص (1) :(4).، وقال تعالى: [مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ] (مريم: 35). ، وقال تعالى: [وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ] (البقرة: 116).
ثانيا : أن المعروف عادة أن الولد يجانس والده ،ولا يعقل أن يكون لله شبيه ،ولو تصورناه جدلا ، فالسؤال : هل سيكون الولد محدثا أو قديما؟! فإذا قلتم إنه محدث ،فقد حصل التنافي، إذ المحدث لا يجانس القديم، وإذا قلتم إنه قديم ،فكيف يكون ولدا وهو قديم.؟! ، أضف إلى كل هذا : أن الحاجة إلى الولد يقتضيها حب بقاء النوع ،وحب المساندة والمؤازرة ،ونحو ذلك مما تختص به المخلوقات لضعفها ونقصها، والله تعالى غني عن كل ذلك ، وهو المالك للكون بأسره ، وهو المدبر والمتصرف فيه ،لذا قال الله تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) الاسراء (111)
ثالثا : لنتأمل قوله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) {البقرة:116ـ 117}. ، فكون ما في السموات والأرض ملكًا له، فهذا ينافي أن يكون فيهما ولد له؛ لأن الولد بعض الوالد وشريكه، فلا يكون مخلوقًا له مملوكًا له؛ لأن المخلوق مملوك مربوب عبد من العبيد، والابن نظير الأب، فكيف يكون عبده تعالى ومخلوقه ومملوكه بعضه ونظيره؟! ، فهذا من أبطل الباطل، وأكد مضمون هذه الحجة بقوله تعالى: (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) ـ فهذا تقرير لعبوديتهم له, وأنهم مملوكون مربوبون ،ليس فيهم شريك ولا نظير ولا ولد ،وفي قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) ، فهذه من أبلغ الحجج على استحالة نسبة الولد إليه؛ ولهذا قال تعالى : (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الانعام (101) ،أي : من أين يكون لبديع السموات والأرض ولد، ووجه تقرير هذه الحجة أن من اخترع هذه السموات والأرض مع عظمهما وآياتهما وفطرهما وابتدعهما فهو قادر على اختراع ما هو دونهما، ولا نسبة له إليهما البتة، فكيف يخرجون هذا الشخص بالعين عن قدرته وإبداعه ويجعلونه نظيرًا وشريكًا وجزءًا مع أنه تعالى بديع العالم العلوي والسفلي وفاطره ومخترعه وبارئه، فكيف يعجزه أن يوجد هذا الشخص من غير أب حتى يقولوا: إنه ولده، فإذا كان قد ابتدع العالم علويه وسفليه، فما يعجزه ويمنعه عن إبداع هذا العبد وتكوينه وخلقه بالقدرة التي خلق بها العالم العلوي والسفلي، فمن نسب الولد لله فما عرف الرب تعالى, ولا آمن به ولا عبده، فظهر أن هذه الحجة من أبلغ الحجج على استحالة نسبة الولد إليه،
رابعا : أن النسبة إليه بالبنوة تستلزم حاجته وفقره إلى محل الولادة، وذلك ينافي غناه وانفراده بإبداع السموات والأرض، وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى بقوله تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) البقرة (116) ، فكمال قدرته وكمال غناه وكمال ربوبيته يجعل نسبة الولد إليه ونسبته إليه تقدح في كمال ربوبيته وكمال غناه وكمال قدرته، ولذلك كانت نسبة الولد إليه مسبة له تبارك وتعالى، كما ثبت في صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أُرَاهُ « يَقُولُ اللَّهُ شَتَمَنِي ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِي ، وَتَكَذَّبَنِي وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ، أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ إِنَّ لِي وَلَدًا . وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأَنِي » ، وفي رواية : « قَالَ اللَّهُ كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي ، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ إِعَادَتِهِ ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ، وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْأً أَحَدٌ »، وقال عمر بن خطاب ـ رضي الله عنه ـ في النصارى: أذلوهم ولا تظلموهم فلقد سبوا الله مسبة ما سبه إياها أحد من البشرـ وقال تعالى: (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا) الكهف (4) ،(5) ، وقال تعالى: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) مريم (90): (95) ،وما ذاك إلا لتضمنه شتم الرب تبارك وتعالى والتنقص به ونسبة ما يمنع كمال ربوبيته وقدرته وغناه إليه.
أيها المسلمون
فمحال على الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يتخذ صاحبة أو ولدًا، وأبعد من ذلك أن يكون له والد؛ لأن ذلك معناه أنه كان بعد أن لم يكن، أو أنه كان قبله شيء، وإذا انتفى الوالد، فلا مجال للحديث عن الأخ والأخت والقريب, وقد روى الترمذي: (عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) فَالصَّمَدُ الَّذِى لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلاَّ سَيَمُوتُ وَلَيْسَ شَيْءٌ يَمُوتُ إِلاَّ سَيُورَثُ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَمُوتُ وَلاَ يُورَثُ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) قَالَ « لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ وَلاَ عِدْلٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ».، ولا ريب في أن ذلك كله نقص يتنزه عنه مقام الألوهية والربوبية ،
أيها المسلمون
ولا يمكن لمن وقف على باب هذا الرحاب أن يعتقد شيئًا من ذلك، فإن معرفة هذا المقام تحول بين العبد وبين هذا الشطط في الفكر والاعتقاد؛ ولذلك قال مؤمنو الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا) {الجن: 3ـ4}. ، ولهذا كثر في النصوص تنزيه الله عن صفة الولد ، والرد على من افتراها بطرق متعددة ؛ منها :-
أولا : التشنيع بأهل هذه الفرية ، وتقبيح مقالتهم ، ووعيدهم بأعظم العقوبات ؛ قال تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [ مريم : 88 ـ 91 ] ،وقال الله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا} [ الكهف : 4 ، 5 ] ، وقال الله تعالى : { قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [ يونس : 68 ـ 70 ] ؛ فأوعد من كذب عليه بدعوى الولد بعدم الفلاح في الدارين ،وذلك باستدراجهم في الدنيا ،وتقليل مدة متاعهم فيها ،حتَّى يضطرهم إلى أعظم العقوبات في الآخرة.
ثانيا : تكذيب مقالتهم ؛ لأنها دعوى بلا برهان ، وقول على الله بلا علم ، اعتقدوها مضاهاة لمن سبقهم من كفرة الهنادك وغيرهم ، قال الله تعالى: { أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[ الصافات : 151 ـ 152 ] ، وقال الله تعالى : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [ التّوبة : 30 ، 31 ] ؛ أي أن وصفهم لله بالولد قول مجرد عن الحجة ،قالوه تقليداً لفعل الهنادك بكر شنا ،والبوذيين ببوذا ،وذلك بتزيين رؤسائهم الذين أطاعوهم فيما ينافي الإخلاص الذي جاءت به رسلهم وأنبياؤهم .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( استحالة أن يكون لله ولد : (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومازال حديثنا موصولا عن استحالة نسبة الولد لله العلي العظيم ، والرد على هذه الفرية: ثالثا : بيان ما ترتب على فريتهم من مشاركة الرب في خالص حقه على عباده ؛ وذلك بعبادة الأولاد المزعومين من دون الله ؛ قال الله تعالى : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [ المائدة : 72 ] ، وقال الله تعالى: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [ الأنعام : 100 ] ؛ أي أنهم عبدوا الملائكة من دون الله بناء على أنهم بنات الله وأمهاتهن سروات الجن ، وأطلق على الملائكة اسم الجن لاجتنانهم واستتارهم عن الأعين ؛ يقول ابن كثير : ( ذكر الله عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال ، هي في غاية الكفر والكذب ، فأولاً : جعلوهم بنات الله ، فجعلوا لله ولداً تعالى وتقدس ، ثانيا : وجعلوا ذلك الولد أنثى ، ثالثا: ثم عبدوهم من دون الله تعالى وتقدس ، ، وكل منها كاف في التخليد في نار جهنم )
رابعا : نفى الله تعالى الولد والحكم باستحالته ؛ قال الله تعالى : { وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} [ الإسراء : 111 ] ، وقال : { مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} [ مريم : 35 ] ، وقال : { وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [ مريم : 92 ] .
الدعاء