خطبة عن: إصلاحُ ذاتِ البَينِ، وحديث( إِيَّاكُمْ وَسُوءَ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ)
يناير 1, 2022خطبة عن: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ. مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ)
يناير 1, 2022الخطبة الأولى ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (111) ،(112) البقرة
إخوة الإسلام
القرآن الكريم هو أساس رسالة التوحيد، وهو المصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، والرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزغ عنها إلا هالك ، وموعدنا اليوم إن شاء الله مع آية من كتاب الله ، نتلوها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار مراميها ، ونعمل إن شاء الله بما جاء فيها ، مع قوله تعالى : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (112) البقرة ، فقد جاء في تفسير الوسيط لطنطاوي : والمعنى: ليس الحق فيما زعمه كل فريق منكم يا معشر اليهود والنصارى من أن الجنة لكم دون غيركم، وإنما الحق أن كل من أخلص نفسه لله، وأتى بالعمل الصالح على وجه حسن، فإنه يدخل الجنة، كما قال تعالى: (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). وقد أفادت الآية الكريمة ما يأتي : (أ) إثبات ما نفوه من دخول غيرهم الجنة. (ب) بيان أنهم ليسوا من أهل الجنة، إلا إذا أسلموا وجوههم لله، وأحسنوا له العمل ،فيكون ذلك ترغيبا لهم في الإسلام، وبيانا لمفارقة حالهم لحال من يدخل الجنة، لكي يقلعوا عما هم عليه، ويعدلوا عن طريقتهم المعوجة. (ج) بيان أن العمل المقبول عند الله- تعالى- يجب أن يتوفر فيه أمران: أولهما: أن يكون خالصا لله وحده. ثانيهما: أن يكون مطابقا للشريعة التي ارتضاها الله تعالى وهي شريعة الإسلام. قال الإمام ابن كثير: «فمتى كان العمل خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل، ففي الصحيحين :(عن عَائِشَة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ». فعمل الرهبان ومن شابههم – وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله- فإنه لا يتقبل منهم حتى يكون ذلك متابعا للرسول صلّى الله عليه وسلّم ، المبعوث فيهم وإلى الناس كافة، وفي أمثالهم قال الله تعالى : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) (23) الفرقان ، وأما إن كان العمل موافقا للشريعة في الصورة الظاهرة، ولكن لم يخلص عامله القصد لله، فهو أيضا مردود على فاعله، وهذا حال المرائين والمنافقين ولهذا قال تعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (110) الكهف ، وبذلك تكون الآيتان الكريمتان قد أبطلتا دعوى اليهود أن الجنة لهم دون غيرهم، وأثبتتا أن مزاعمهم هذه ما هي إلا من قبيل الأماني والأوهام ،وكذبتهم في أن يكون عندهم أي برهان أو دليل على ما يدعون ، ثم أصدرتا حكما عاما وهو أن الجنة ليست خاصة لطائفة دون أخرى، وإنما هي لكل من أسلّم وجهه لله وهو محسن.
أيها المسلمون
وفي تفسير البغوي : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) قال : أَيْ: لَيْسَ كَمَا قَالُوا ، بَلْ الْحُكْمُ لِلْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ، أَيْ: أَخْلَصَ دِينَهُ لِلَّهِ، والإسلام هو دين الله الذى أرسل به جميع رسله إلى البشرية برسالة التوحيد وشرائع متدرجة بلغت كمالها وتمامها بخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ويرجع اسم الإسلام إلى تسليم مقاليد الأمور إلى الله تعالى بوحدانيته كما قال تعالى: «بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (البقرة: 112)، وقال الله تعالى: «وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً» (النساء: 125)، وإسلام الوجه لله لا يتحقق إلا بإقرار التوحيد لله سبحانه، ومن هنا كانت دعوة جميع الرسل والأنبياء كما قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ» (الأنبياء: 25). وكل دين نزل من السماء على أحد رسل الله صلوات الله عليهم فهو دين الإسلام؛ لقوله تعالى: « إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ » (آل عمران: 19)، وقوله تعالى : «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (آل عمران: 85). ولذلك كان أمر الله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يدعو المنحرفين من أهل الكتاب إلى العود لأصل الإسلام ، وهو توحيد الله سبحانه ، والإيمان به صلى الله عليه وسلم ، وبما أنزله عليه وهو (القرآن الكريم) ، وبما جاء به صلى الله عليه وسلم من شرائع وأحكام ، حتى يكونوا مسلمين، فقال الله سبحانه : «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (آل عمران: 64)، وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) (47) النساء ، وقال الله تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (15) ،(16) المائدة ، وقال الله تعالى : (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (101) البقرة ، وقال الله تعالى : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ) (98) آل عمران ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ :« وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ». وأخرج الشيخان عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ قَالَ فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ »
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ) فالإحسان للعمل معناه: متابعة السنة ، ومجانبة البدعة، وأي عمل لا يتوفر فيه هذان الشرطان يكون هباءً منثورا، ووبالا على صاحبه. ومن أنواع الإحسان : الإحسان إلى الخلق من الآدميين والبهائم، بإغاثة الملهوف وإطعام الجائع والتصدق على المحتاج وإعانة العاجز، والتيسير على المعسر والإصلاح بين الناس، قال الله تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (195) البقرة ، وقال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [النساء:36]، فقد أمر الله سبحانه بالإحسان إلى هذه الأصناف بإيصال الخير إليهم ودفع الشر عنهم، وقال الله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [الذاريات:15-19]. فبين الله سبحانه سبب حصولهم على هذه الكرامة العظيمة وأن ذلك بما أسلفوه من الإحسان في الدنيا من صلاة الليل والاستغفار بالأسحار والتصدق على المحتاجين، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ* وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ* إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنينَ) [المرسلات:41-44].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويكون الإحسان في معاملة الخالق بفعل الواجبات وترك المحرمات واجبا، وفي فعل المستحبات وترك المكروهات مستحبا، والإحسان في معاملة الخلق، منه ما هو واجب كالإحسان إلى الوالدين والأقارب بالبر والصلة، ومنه ما هو مستحب كصدقة التطوع، وإعانة المحتاج، والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب بإزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها، من غير زيادة في التعذيب، وهكذا مطلوب من المسلم أن يكون محسنا في كل شيء مما يأتي وما يذر، محسن في عمله، محسن في تعامله مع الله ،ومع خلقه، ومحسن في نيته وقصده، قال الله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التوبة:91]، فهؤلاء الذين لا يستطيعون القتال لعجزهم الجسمي والمالي ،مع سلامة نياتهم ،وحسن مقاصدهم، قد عذرهم الله لأنهم محسنون في نياتهم، لم يتركوا الجهاد لعدم رغبتهم فيه، وإنما تركوه لعجزهم عنه، ولو تمكنوا منه لفعلوه، فهم يشاركون المجاهدين في الأجر لنياتهم الصالحة وحسن قصدهم، فقد روى الإمام أحمد : (عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ رِجَالاً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلاَ أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَلاَ قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلاَّ وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَكُونُونَ مَعَنَا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ « حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ ». وكما يكون الإحسان في الأعمال والنيات يكون في الأقوال أيضا، قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) [البقرة:83]، أي: قولوا لهم قولا حسنا، بأن تخاطبوهم بالكلام الطيب، الذي يجلب المودة، ويرغب في الخير، ويؤلف القلوب. وهذا يشمل الصدق في الحديث، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، وأما قوله تعالى : (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (112) البقرة ، فقد ضمن الله تعالى لمن (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) تحصيل الأجور ، وآمنهم مما يخافونه من المحذور ف (خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فيما يستقبلونه ، (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) على ما مضى مما يتركونه ،
الدعاء