خطبة عن ( اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )
مارس 3, 2018خطبة عن حدود الله (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ، فَلَا تَقْرَبُوهَا)
مارس 3, 2018الخطبة الأولى ( مع اسم الله ( المُبْدِئُ ، المُعِيدُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، ، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »، وقال الله تعالى 🙁 إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) البروج) (13): (16)
إخوة الإسلام
إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لهي من أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه بالله تبارك وتعالى . قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:“ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه”.ومن الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العزيز : اسمه سبحانه (المُبْدِئُ ، المُعِيدُ) ، يقول الله تعالى في محكم آياته :( إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) البروج) (13): (16) ،وقال الله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) (4) يونس ، وقال الله تعالى : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (34) يونس ،وقال الله تعالى : (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (64) النمل ، وقال الله جل جلاله 🙁 وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الروم (27) ، وقال الله جل جلاله:( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء (104) ، وقال أهل التفسير:(المُبْدِئُ ، المُعِيدُ) ،الذي يبدئ الخلق حين خلقهم ويعيدهم للبعث يوم القيامة ، واسم الله : المُبْدِئُ : من مَعْنَاهُ الموجد ، ولَكِن الإيجاد إِذا لم يكن مَسْبُوقا بِمثلِهِ سمي إبداء، وَإِذا كَانَ مَسْبُوقا بِمثلِهِ سمي إِعَادَة ،وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَدَأَ الخلق ثمَّ هُوَ الَّذِي يعيدهم ،وقيل أن المبدئ :هو المظهر للأكوان ،والذي انشأ الأشياء وابتدعها من غير سابق مثال , ،وهو الخالق للعوالم على نسق الكمال, والمعيد: هو الله الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلى الحياة، ومن يتذكر العودة إلى مولاه صفا قلبه، ونال مناه، والله بدأ خلق الناس، والأشياء كلهَا مِنْهُ بدأت وَإِلَيْهِ تعود وَبِه بدأت وَبِه تعود ،ومن معاني المبدئ : أن الله كان ولا شيء قبله , ثم بدأ الخلق من العدم إلى الوجود, فأحسن كل شيء خلقه بتقدير وتدبير وعلم .خلق الأرض والسموات العلى وابتدأ خلق آدم أبي البشر عليه الصلاة والسلام من طين: فقال الله جل جلاله 🙁 الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) السجدة (7) ومن معاني : (المعيد جل جلاله): أنه يعيد خلقه من بعد الحياة إلى الموت, ثم يعيدهم من بعد الموت إلى الحياة ، فقال الله جل جلاله: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) البقرة (28) ،وقال الله جل جلاله 🙁 أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) العنكبوت (19) ، فالله عز وجل هو المبدئ المعيد، ، وهو بارئ الخلق، ومبتدئهم ابتداءً من غير أصل، ومعيدهم بعد الفناء للبعث لا شك في ذلك ولا مرية، وقد دل عليه بضروب من الدلائل والآيات، وضرب له الأمثال ، فقال الله تعالى : { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }. (78) :(83) يس ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عَنِ ابن عباس، أن العاصى بْنَ وَائِلٍ أَخَذَ عَظْمًا مِنَ الْبَطْحَاءِ ففتَّه بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُحْيِي اللَّهُ هَذَا بَعْدَ مَا أَرَى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “نَعَمْ، يُمِيتُكَ اللَّهُ ثُمَّ يُحْيِيكَ، ثُمَّ يدخلك جهنم”. قال: وَنَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخَرِ “يس”. فدلهم عز وجل على البعث والإعادة بما هم به مقرون لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقهم، وقال بعض العلماء: وإعادته أهون عليه عندكم لأن الابتداء من غير شيء والإعادة رد إلى أصل قد كان. قال الفراء: هما سواء عنده عز وجل. فالإيمان باسمه المبدئ المعيد له نور يشرق على قلوب المحبين ،فيطيرون شوقا إلى رب العالمين ,لأنهم تذكروا البداية ،فحنوا وتفكروا في الأصل ،فتأدبوا مع الله , فتأمل هذا الاسم المبدئ ،الذي يذكرونا بداية خلقنا ،التي هي الطين ،ومن الماء المهين، ويذكرونا أيضا :أن الله سبحانه وتعالى نفخ فينا الروح التي هي من النور , فبذلك يتذكر الإنسان بدايته الترابية الجسمانية ،ليذهب منه الغرور ،ويتذكر بدايته الروحانية ،التي تصله بأسباب الله العلي الكبير.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع اسم الله ( المُبْدِئُ ، المُعِيدُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحظ العبد من اسم ربه (المبدئ جل جلاله, والمعيد جل جلاله) أن يتخلق بحسن الخلق , لأن الذي خلق الخلق سيعيدهم إليه ، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً. والتخلّق باسم الله المبدئ إنما يحصل لك بأمرين : الأول : أن تبدأ عملك اليومي بداية طيّبة باسم الله ، فتبذل فيه طاقاتك الجسدية والفكرية، وتسخر كل خبراتك لإتمامه ، فيخرج عملاً متقناً يخدم أمتك . والثاني : أن تبدأ يومك بعمل صالح وهو أداء صلاة الفجر وما يسن بعدها من أذكار وأدعية كان يواظب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم . أما التخلّق باسم الله المعيد إنما يحصل لك بأمرين : الأول : إذا شرعت بعمل من أعمال الدنيا أو الآخرة واعتراه خلل متصل به ،أو منفصل عنه فأعده ،ليأتي أكمل وأطيب ،فالله تعالى طيّب لا يقبل إلاّ طيّباً . والثاني : استعد وتذكر ما قمت به من أعمال ما بين فترة وأخرى ،خلال يومك ،فاحمد الله على توفيقه ، وإمداده لك فيما صدر عنك من عمل صالح ،وتب عمّا بدر من سيئات ، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له . فعلينا أن نتخلق بهذين الاسمين الكريمين و نكثر من ذكرهما ،فبذلك نتذكر العود إلى المولى سبحانه وتعالى ،الذي بدأ خلقنا ، وإليه معادنا ، فتصفو بذلك قلوبنا.
الدعاء