خطبة عن الصحابي (النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ)
يوليو 15, 2017خطبة عن قوله تعالى(وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
يوليو 15, 2017الخطبة الأولى ( مع أسماء الله الحسنى : اسم الله (الْبَارِئُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »، وقال الله تعالى : (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (24) الحشر
إخوة الإسلام
من الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العزيز: اسمه (الْبَارِئُ ) ، قال الله تعالى : (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (24) الحشر، وفي قوله تعالى :(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 54 ، والبارئ :هو الذي أوجد الخلق بقدرته. فهو الخالق، والمبدع، والمحدث الشيء على غير نظير ، وهو واهب الحياة للأحياء، والسالم الخالي من أي عيب ، وفي معنى البارئ للعلماء أربعة معاني : 1 – البارئ هو: الموجد، المبدع، من برأ الله الخلق أي خلقه. وبهذا يكون مرادف ومشابه لاسم الله (الخالق). 2 – البارئ: الذي فصل بعض الخلق عن بعض، أي: ميَّز بعضهم عن بعض، فبرأ الشيء بمعنى قطعه وفصله. فميَّز الله الخلق هذا أبيض وهذا أسود، وهذا عربيّ وهذا أعجمي، 3 – البارئ : يدل على أنه تعالى خلق الإنسان من التراب، قال الله تعالى : {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55] ، ففي لغة العرب يقولون: البرىّ هو التراب. 4 – البارئ هو: الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت، قال الله تعالى : { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:3] : أي خلقهم خلقًا مستويًا، ليس فيه اختلاف ولا تنافر، ولا نقص ولا عيب ولا خلل، فهم أبرياء من ذلك كله. فالبارئ سبحانه : له الكمال المطلق في ذاته ، وفي صفاته وأفعاله , وتنزه سبحانه عن كل نقص , وتقدس سبحانه عن كل عيب , فلا شبيه له ،ولا مثيل , ولا ند له ، ولا نظير , فهو واهب الحياة للأحياء , وهو الذى خلق الأشياء صالحة ومناسبة للغاية التي أرادها , وهو الذى يتم الصنعة على وجه التدبير ويظهر المقدور وفق سابق التقدير .قال ابن كثير : “الخلق هو التقدير، والبرء هو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود”أي أن الله سبحانه وتعالى في مراحل إيجاده للشيء : المرحلة الأولى: يقدر الله الشيء في قدره سبحانه وتعالى وفي علمه السابق. المرحلة الثانية: مرحلة تنفيذ هذا التقدير وإبرازه وتقريره إلى الوجود وهي مرحلة البرء، وليس كل من قدر شيئًا ورتَّبه يقْدِر على تنفيذه وإيجاده.
أيها المسلمون
ولا شك أن إثبات الإبداع للباري جل وعز لا يكون على أنه أبدع بغتة من غير سبق علم بل هو على سبق في علم الله . بمعنى: عندما يحدث زلزال أو بركان أو أي حادثة كونية بغتة مفاجئة للبشر، هذا الشيء الذي برأه الله فأصبح موجودا منفذا أمامنا، كان قبل حدوثه معلوما عند الله.. وهذا يعطينا إشارة إلى ضرورة أن تكون حياة المؤمن مبنية على علم، فلا يمشي في الأرض سدىً ولا عبثًا، و لا يكون أهوجا طائشا يتصرف من غير دراسة ولا تخطيط.. بل يجب أن يكون له حظ من اسم ربه البارئ. ومن المعاني ما يُشير إلى أنَّ المُراد بالبارئ : أي قالب الأعيان، أي أنه أبدع الماء والتراب والنار والهواء لا من شيء، ثم خلق منها الأجسام المختلفة كما قال جل وعلا : {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الانبياء: 30] ،وقال تعالى : {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ } [ص:71] ،وقال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } [النحل: 4] ،وقال تعالى:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ } [الروم: 20] ، وقال تعالى:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن 14-15 ،وقال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون : 12-14]
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع أسماء الله الحسنى : اسم الله (الْبَارِئُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإذا كان الله عزو جل برأ الخلق وأوجدهم على هذه الصورة المبدعة المذهلة التي ليس لها مثال سابق فحقها الإتقان فيما تستطيع أيها المؤمن إتقانه. فقد روى الطبراني في الأوسط وصححه الألباني (عن عائشة أن رسول الله قال : إن الله عز و جل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ) ،فالدقة في الصنعة واتقانها من شيم المؤمنين وبها يتلبس العبد باسم الله البارئ. وقد ورد دعاء المسألة ( باسمه البارئ ) بالوصف كما في مسند الإمام أحمد : (حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ قَالَ جَاءَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الأَوْدِيَةِ وَتَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجِبَالِ وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَرُعِبَ – قَالَ جَعْفَرٌ أَحْسَبُهُ قَالَ َعَلَ يَتَأَخَّرُ – قَالَ وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قُلْ. قَالَ « مَا أَقُولُ ». قَالَ قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلاَّ طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ فَطَفِئَتْ نَارُ الشَّيَاطِينِ وَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) ، وأما دعاء العبادة ( باسمه البارئ ) : فهو في مراعاة العبد لاسمه البارئ في سلوكه ،فيبرأ الى الله من كل شهوة تخالف أمره , ومن كل شبه تخالف خبره , ومن كل ولاء لغير دينه وشرعه , ومن كل بدعة تخالف سنة نبيه , ومن كل معصية تؤثر على محبة الله وقربه , ورضاه سبحانه عن عبده . كما ينبغي على العبد أن يتقى الله عز وجل في عمله , فيخلص فيه ويتقنه ما استطاع ليظهر جمال الصنعة توحيدا لمن برأ صانعها وعلمه ما لم يكن يعلم , ومنحه قوة على التفكير والإبداع .
الدعاء