خطبة عن حديث (وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)
أكتوبر 21, 2017خطبة عن حديث (لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه)
أكتوبر 21, 2017الخطبة الأولى ( مع اسم الله (الْمُؤْمِنُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180،
وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »، وقال تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (23) الحشر
إخوة الإسلام
إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لمن أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:”ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه”. ومن الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العظيم: اسمه سبحانه: (الْمُؤْمِنُ) ، قال تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (23) الحشر ،وقد ورد في اسمه تعالى : ( الْمُؤْمِنُ ) معان متعددة نذكر لكم منها : قال ابن عباس: (الْمُؤْمِنُ ) أي : من أمن خلقه من أن يظلمهم. وتأمينه سبحانه وتعالى الخائفين بإعطائهم الأمان ، قال سبحانه وتعالى :
{ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [قريش : 4]. وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيما ً) [النساء:40] ، وقال تعالى: ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف:49] ، فكل خائف يصدق في لجوئه إلى الله ،يجده سبحانه مؤمِّنًا له من الخوف، فأمن العباد وأمن البلاد بيده سبحانه وتعالى . وقال قتادة: (الْمُؤْمِنُ )، أي: من أمن بقوله أنه حق. وقال زيد: (الْمُؤْمِنُ ) أي : صدق عباده المؤمنين في إيمانهم به. فهو سبحانه يصدق المؤمنين إذا وحدوه ، لأنه الواحد الذي وحد نفسه ، فقال تعالى 🙁 شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِما بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ ) [آل عمران:18] ، وفي سنن ابن ماجة : (عَنِ الأَغَرِّ أَبِى مُسْلِمٍ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا قَالَ الْعَبْدُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَ عَبْدِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَأَنَا أَكْبَرُ. وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ. قَالَ صَدَقَ عَبْدِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَحْدِى. وَإِذَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ. قَالَ صَدَقَ عَبْدِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَلاَ شَرِيكَ لِى. وَإِذَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ. قَالَ صَدَقَ عَبْدِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا لِىَ الْمُلْكُ وَلِىَ الْحَمْدُ. وَإِذَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. قَالَ صَدَقَ عَبْدِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِى » ، وإذا قرأنا القرآن ونظرنا في هذا الكون الفسيح نجد أن هناك تطابقا واضحا جليا لا لبس فيه, بين ما في القرآن من آيات , وما في الكون من دلالات , بمعنى أن كلام الله صدّق خلقه فبين لهم علامات وحدانيته ودلائل إلهيته وعظمته , قال تعالى : ” سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ” فصلت : 53 . وقال القرطبي في تفسيره: ” ( الْمُؤْمِنُ ) ” أي المصدق لرسله بإظهار معجزاته عليهم، ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب. فهو الذي يصدق مع عباده المؤمنين في وعده ، ويصدق ظنون عباده الموحدين ولا يخيب آمالهم ، قال تعالى : ( قُلْ صَدَقَ الله فَاتَّبِعُوا مِلةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [آل عمران:95] ، وقال تعالى : ( ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ) [الأنبياء:9] ،وعند البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا : ( يَقُولُ الله تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) .. الحديث ) ، وعند النسائي وصححه الألباني : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ ) ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى في تفسيره: (الْمُؤْمِنُ : الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، وبكمال الجلال، والجمال الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين، وصدق رسله بكل آية وبرهان، ويدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به) ، وقيل: (الْمُؤْمِنُ ) الذي يؤمن أولياءه من عذابه ويؤمن عباده من ظلمه، ،قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [الأنعام : 82] ، وهو الذي يؤمن عباده يوم الفزع الأكبر من مخاوف يوم القيامة ومن عذاب النار، قال الله تعالى عن عباده المؤمنين: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [الأنبياء: 101-103]، وأنه سبحانه الذي يؤمن عباده المؤمنين عند نزول الموت حال الاحتضار بأن يسمعوا تطمين ملائكة الرحمة لهم وتبشيرهم بالجنة، وتأمين خوفهم وحزنهم، قال الله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ) [فصلت: 30-32]. وقال مجاهد: (الْمُؤْمِنُ ) هو الذي وحد نفسه بقوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) [آل عمران: 18]. وقيل : (الْمُؤْمِنُ ) هو الذي يصدق عباده المسلمين يوم القيامة إذا سأل الأمم عن تبليغ رسلهم ، قال تعالى : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) التوبة 61، أي يصدقهم .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع اسم الله (الْمُؤْمِنُ )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
الإنسان في الحياة الدنيا في بحثه عن الأمان والطمأنينة ،يلجأ إلى من يعتقد فيه القدرة على منحه هذا الأمان ، ويوفر له هذه الطمأنينة , ولهذا تتولد الطمأنينة لدى الإنسان من خلال معرفته باسم الله تعالى (المؤمن) ، فمن الآثار السلوكية للإيمان باسم الله المؤمن:- يقين العبد في ربه أنه لا يظلم أحدا من خلقه ، وأنه سينصر المظلوم ولو بعد حين ، فيلجأ إلى الله أن يجيره من ظلم الظالمين ، ويثق أن وعد الله لعباده المؤمنين كائن لا محالة ، وأن الله هو المؤمن الموحد لنفسه فإذا صدق لنفسه بالوحدانية نؤمن به ولا نشرك به.. قال تعالى : ” شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ” آل عمران 18،
وأنه سبحانه صدق أنبياءه بإظهار المعجزات على أيديهم التي تبين للناس أنهم صادقون فيحملهم على الإسلام..
وأنه يصدق عباده بما وعدهم به من النصر في الدنيا والتمكين في الأرض.. قال تعالى : ” وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ” المنافقون 8، ومن الآثار السلوكية للإيمان باسمه تعالى ( المؤمن )، أن يأمن الناس من شره وأذاه فلا يعين على باطل أبدا .. قال صلى الله عليه وسلم : ” وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِى سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ
وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ » رواه أحمد ويقول الإمام الغزالي: إن حظ العبد من هذا الوصف أن يؤمن الخلق كلهم جانبه، بل يرجو كل خائف الاعتضاد به في رفع الهلاك عن نفسه في دينه ودنياه) ،وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ »
الدعاء