خطبة عن (الرشوة : صورها وعقوبتها )
أكتوبر 28, 2017خطبة عن حديث (لَا تَلْعَنُوهُ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)
نوفمبر 4, 2017الخطبة الأولى ( مع اسم الله (الْمُتَكَبِّرُ – الْكَبِيرُ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله تسعة وتسعين اسماً مئة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة»، وقال تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (23) الحشر
إخوة الإسلام
من الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العزيز: اسمه تعالى : (الْمُتَكَبِّرُ – الْكَبِيرُ ) : يقول الله تعالى في محكم آياته : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (23) الحشر، وقال تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) الرعد (9)، وقال تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (30) لقمان، وروى أبو داود وغيره : (عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ يَقُولُ « اللَّهُ أَكْبَرُ – ثَلاَثًا – ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ». وفي الحديث القدسي الذي رواه أحمد وغيره :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْنِى « قَالَ اللَّهُ الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَن نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا أَدْخَلْتُهُ جَهَنَّمَ ». وفي مسند أحمد وصحيح ابن حبان :(عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ هَكَذَا بِيَدِهِ وَيُحَرِّكُهَا يُقْبِلُ بِهَا وَيُدْبِرُ « يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْمُتَكَبِّرُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْعَزِيزُ أَنَا الْكَرِيمُ ». فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرُ حَتَّى قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ ).
أيها المسلمون
يقول ابن منظور في لسان العرب: الكَبـير فـي صفة الله تعالـى : العظيم الـجلـيل، والـمُتَكَبِّر : الذي تَكَبَّرَ عن ظلـم عباده، وقـيل: الـمتعالـي عن صفات الـخـلق، وقد أورد العلماء والمفسرون لاسمه تعالى:( الْمُتَكَبِّرُ -الْكَبِيرُ) معان متعددة ، أذكر لكم منها : قال ابن جرير الطبري: الكبير هو: العظيم الذي كل شيء دونه، ولا أعظم منه. وقال الخطابي: الكبير هو: الموصوف بالجلال وكبر الشأن فصغر دون جلاله كل كبير، فكل شيء دونه حقير صغير، أما الله فهو الكبير المتكبر سبحانه، وهو الذي له الكبرياء في السماوات والأرض ،وقال الحليمي : الكبير: (هو المصرف عباده على ما يريده منهم من غير أن يروه. ويقول الشيخ السعدي: الكبير: هو الذي له الكبرياء في ذاته، وصفاته ،وله الكبرياء في قلوب أهل السماء، والأرض، قال تعالى :(وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الجاثية 37، وأما الْمُتَكَبِّرُ : فمعناه الذي تكبر عن كل شر، فسبحانه وتعالى تكبر عن ظلم العباد، فعَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ« يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا ) [رواه مسلم]، والْمُتَكَبِّرُ : هو الذي تكبر وتعالى عن صفات الخلق فلا يلحقه نقص، ولا يعتريه سوء ، وهو الذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة فيعاملهم بكبريائه سبحانه وتعالى. وهو الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله، وهو الذي تكبر عن كل سوء، والمتعظم عما لا يليق من صفات الذم، ويقول الإمام ابن القيم (رحمه الله) :« فالله سبحانه أكبر من كل شيء، ذاتًا وقدرًا وعزة وجلالة، فهو أكبر من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله كما هو فوق كل شيء وعال على كل شيء ، وأعظم من كل شيء ,وأجل من كل شيء في ذاته وصفاته وأفعاله» الصواعق المرسلة ، وقال القحطاني: الْمُتَكَبِّرُ :هو الموصوف بصفات المجد والكبرياء، والعظمة والجلال، الذي هو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى، وله التعظيم والإجلال في قلوب أوليائه وأصفيائه. قد ملئت قلوبهم من تعظيمه وإجلاله والخضوع له والتذلل لكبريائه. فالْمُتَكَبِّرُ : هو المتعالي عن صفات الخلق المتفرد بالعظمة والكبرياء، فلا عظمة ولا كبرياء إلا لذاته وكل الخلق له عبيد وهو العظيم القاهر لعتاة خلقه، والذي تكبر عن كل سوء وعن ظلمه لخلقه، وتكبر عن قبول الشريك والولد وأن يشرك في العبادة غيره. والحق تبارك وتعالى هو (المتكبر) ، والعبيد هم (المتواضعون) له، فالكبرياء الإلهي عصمة من الانقياد لأحد، إذا كيف ينقاد الحق عز وجل لغيره وهو المتكبر المتعالي عن صفات الخلق ولا يعلوه متكبر. قال سبحانه: (وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (37) الجاثية ،وقال الله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) [الإسراء: 111]. ومن أعظم الأذكار التي يحبها الله تعالى ، والتي شرعها في كتابه وسُّنة نبيه : ذكره سبحانه بالتكبير؛ وذلك بقول: «الله أكبر». ولو تتبعنا المواطن التي شرع فيها هذا الذكر العظيم المحبوب لله تعالى وندب الناس إليه وحثهم عليه لوجدناها كثيرة جدّاً ، مثل التكبير في الصلاة ، وفي الحج ، وفي الجهاد ، ويوم العيد ، وعند النعم و…،يقول شـيخ الإسـلام ابن تيمية (رحمه الله) بعد أن ساق بعض مواضع التكبير :«… وهذا كله يبين أن التكبير مشروع في المواضع الكبار لكثرة الجمع، أو لعظمة الفعل، أو لقوة الحال أو نحو ذلك من الأمور الكبيرة ليبين أن الله أكبر وتستولي كبرياؤه في القلوب على كبرياء تلك الأمور الكبار؛ فيكون الدين كله لله، ويكون العباد له مكبرين، فيحصل لهم مقصودان: مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله، ومقصود الاستعانة بانقياد الطالب لكبريائه» مجموع الفتاوى
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مع اسم الله (الْمُتَكَبِّرُ -الْكَبِيرُ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن اسمه تعالى (الْمُتَكَبِّرُ – الْكَبِيرُ) يورث في نفس العبد الثقة بالله سبحانه وتعالى ، فحين يلوذ الإنسان بالمتكبر الكبير المتعال سبحانه وتعالى، يكون عنده الثقة واليقين به سبحانه وتعالى، فلا يخضع لأحد، ولا يصيبه الانهزام مهما واجه، فيوم أحد ، وقف أبو سفيان ، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ ، أُعْلُ هُبَلْ . قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا نَقُولُ قَالَ « قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ » . قَالَ إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ . فَقَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ »، قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا نَقُولُ قَالَ « قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ »، وقد توعد الله سبحانه وتعالى المتكبرين من خلقه بأشد العذاب يوم القيامة ،فقال تعالى : {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأحقاف/20] ،ومن تكبر في الأرض فقد شابه إبليس، فما أخرجه من النعيم إلا استكباره ، قال تعالى : {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة/34] فمن وقع في هذا الداء الوبيل، فقد شابه إبليس، ونازع الله في صفة من الصفات التي استأثر بها نفسه، ولذلك يكون الوعيد بهذه الشدة. والكبر يمنع أيضًا من الاستفادة بالعلم النافع، لأن المتكبر يترفع عن الجلوس بين يدي العالم. ودائمًا أبدًا من لم يذق ذل التعلم فلم يصب من العلم شيئًا، لابد من ذل في التعلم، ولابد أن تكابد المشاق حتى يصل إليك هذا العلم ليكون لك حظ من اسم الله تعالى المتكبر، فيلين لك صعاب العلم .
أيها المسلمون
ومن آثار الإيمان باسمه (الْمُتَكَبِّرُ – الْكَبِيرُ) في حياة المؤمن وسلوكه : – إن الله أكبر من كل شيء وأكبر من أن يعرف وأن نحيط به علماً ، ولذلك نهينا أن نفكر في ذاته لأننا لن ندرك ذلك بعقولنا القاصرة وفي الحديث (تفكروا في آلآء الله ولا تتفكروا في الله) رواه الطبراني وحسنه الألباني ، – ومن آثار الإيمان به : أنه إذا علم العبد أن ربه هو المتكبر فذلك يولد علما ويقينا راسخا أن الله عز وجل أعلى وأجل وأرفع من كل شيء ،فالتكبر لا يليق إلا به سبحانه وتعالى ، وصفة السيد التكبر والترفع وأما العبد فصفته التذلل والخشوع والخضوع . – ومن آثار الإيمان باسمه (الْمُتَكَبِّرُ – الْكَبِيرُ) : أن الكبر ينافي حقيقة العبودية: وأول ذنب عُصي الله به هو الكبر ، وهو ذنب إبليس حين أبى واستكبر وامتنع عن امتثال أمر الله له بالسجود لآدم ،فالكبر إذاً ينافى حقيقة العبودية والاستسلام لرب العالمين ، قال سبحانه : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } الأعراف 146،وقال سبحانه :{ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } ( غافر 60) ، وفي صحيح مسلم : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ». ومن آثار الإيمان باسمه (الْمُتَكَبِّرُ – الْكَبِيرُ) : أن من تواضع لله رفعه : والصفة التي ينبغي أن يكون عليها المسلم هي التواضع ، تواضعٌ في غير ذلة ، ولينٌ في غير ضعف ولا هوان ، وقد وصف الله عباده بأنهم يمشون على الأرض هوناً في سكينة ووقار غير أشرين ولا متكبرين ، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ » فلا يكون عندك أي حظ من العظمة والكبرياء ، فإن ذلك لله وحده ، قال تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص83
الدعاء