خطبة عن (أَصْحابُ النّارِ وأَصْحابُ الجَنَّةِ) مختصرة
مايو 17, 2022خطبة عن (أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ) مختصرة
مايو 17, 2022الخطبة الأولى (اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام مسلم في صحيحه: عن عمر ابن الخطاب: في حديث جبريل الطويل وفيه: (فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِحْسَانِ. قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ »، وفي رواية في مسند أحمد: قَالَ « أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ »
إخوة الإسلام
هذا الحديث النبوي الكريم يخبرنا أن العبد المسلم يجب عليه أن يعبد الله تعالي على هذه الصفة، وهو استحضار قربه من الله ، وقرب الله منه ،وأنه بين يدي ربه كأنه يراه سبحانه، وذلك يوجب الخشية والخوف ، والهيبة والتعظيم، كما جاء في رواية 🙁 أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ) ،ويوجب أيضاً: اتقان العبادة ،وبذل الجهد في تحسينها ،وإتمامها وإكمالها،
والحديث أيضا دل على أن مقام الإحسان له رتبتان: الأولى: «أن تعبد الله كأنك تراه»، وذلك بأن يستحضر العبد مقام الله في قلبه، بحيث يصل إلى رتبة الشهود التي تساوي الرؤية، كما جاء في صحيح مسلم عن حنظلة -رضي الله عنه- « قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ).، وهذا لا شك يحمل العبد على إتقان عمله، وإصلاح ظاهره وباطنه. الثانية: إذا لم يقدر العبد على الأولى، فيستحضر رؤية الله له، ومراقبته لجوارحه وسرائره، فيدفعه ذلك لخشيته والخوف منه، فيكون في الرتبة الأولى راغباً طامعاً، وفي الثانية، خائفاً راهباً. وهو في الحالين محسن لعمله مقبل على ربه، غير أنه في مقام استحضار رؤيته لله أكمل منه في مقام رؤية الله له، فعبادة الراغب أكمل من عبادة الخائف، قال الله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) الانبياء (90) أيها المسلمون
فعلي المسلم أن يراقب الله في السر والعلن ،وفي همساته وحركاته ،ولمساته وسكناته, وفي خلوته وجلوته ،وبينه وبين نفسه ، وبينه وبين الناس, وعليه أن يراقب الله تعالي في معاملاته مع نفسه ،ومع أقاربه ، ومع جيرانه وجميع الناس وجميع مخلوقات الله، ويراقب الله في أداء الفرائض ،وحقوق الله تعالي ،وحقوق خلقه، وأن يجعل كل عمل يبتغي به وجه الله الكريم. فالإحسان هو أعلي درجات الإيمان, ومقام الإحسان هو مقام رفيع وخلق نبيل ،وعز ورفعة لصاحبه في الدنيا والآخرة, فهو غاية مراد الطالبين ،ومنتهي قصد السالكين: أن تعبد الله كأنك تراه, وأن تري الله حيثما كنت، قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (7) المجادلة ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اعْبُدِ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
“اعبد الله كأنك تراه”، هي وصية الصالحين ،فَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُتَّقُونَ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَفْرَدُوهُ بِالْعِبَادَةِ محبة وتذللا وانقياد وَخَوْفًا ،وَرَجَاءً وَرَغْبَةً وَرَهْبَةً وَخَشْيَةً، وَخُشُوعًا وَمَهَابَةً وَتَعْظِيمًا وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ ، وَافْتِقَارًا إِلَيْهِ ،وَاسْتِغْنَاءً بِهِ عَمَّا سِوَاهُ، وَهم الذين اتَّقَوْهُ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ ،وَمَحَبَّةِ مَرْضَاتِهِ ،وَتَرْكِ مَنَاهِيْهِ وَمُوجِبَاتِ سُخْطِهِ سِرًّا وَعَلَنًا ،وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا ،قَوْلًا وَعَمَلًا ،وَاعْتِقَادًا، وَاسْتَشْعَرَتْ قُلُوبُهُمْ وَنُفُوسُهُمْ إِحَاطَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ ،عِلْمًا وَقُدْرَةً وَلُطْفًا ،وَخِبْرَةً بِأَقْوَالِهِمْ وَنِيَّاتِهِمْ وَأَسْرَارِهِمْ وَعَلَانِيَاتِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ وَجَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ ،كَيْفَ عَمِلُوا ،وَأَيْنَ عَمِلُوا ،وَمَتَى عَمِلُوا ،فَكَانَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِلَّهِ ، مُوَافِقًا لِشَرْعِهِ ،وبِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ ، وَنَطَقَتْ بِهِ كُتُبُهُ، مُسْتَحْضِرِينَ ذَلِكَ بِقُلُوبِهِمْ، نَافِذَةً فِيهِ بَصَائِرُهُمْ ،فَأَخْلَصُوا لِلَّهِ الْعَمَلَ وَرَاقَبُوهُ مُرَاقَبَةَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى رَبِّهِ، لِكَمَالِ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ،وَيَرَى حَالَهُمْ ،وَيَسْمَعُ مَقَالَهُمْ، فَطَرَحُوا النُّفُوسَ بَيْنَ يَدَيْهِ ،وَأَقْبَلُوا بِكُلِّيَّتِهِمْ عَلَيْهِ ،وَالْتَجَئُوا مِنْهُ إِلَيْهِ ،وَعَاذُوا بِهِ مِنْهُ ،وَأَحَبُّوهُ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ ، فَامْتَلَأَتْ قلوبهم بِنُورِ مَعْرِفَتِهِ ،فَلَمْ تَتَّسِعْ لِغَيْرِهِ، فَبِهِ يُبْصِرُونَ ،وَبِهِ يَسْمَعُونَ ،وَبِهِ يَبْطِشُونَ ،وَبِهِ يَمْشُونَ، وَبِرُؤْيَتِهِمْ يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى ،وَبِذِكْرِهِ يُذْكَرُونَ .
الدعاء