خطبة عن (إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفين)
أكتوبر 7, 2023خطبة عن (الأخذ على يد الظالم)
أكتوبر 8, 2023الخطبة الأولى (افهم لعبة الدنيا)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (32) الأنعام، وقال سبحانه وتعالى: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (64) العنكبوت، وقال تعالى: (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ) (36) محمد، وقال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) الحديد (20)،
إخوة الإسلام
هذه الآيات المباركات تلفت أنظار العباد إلى حقيقة الدنيا، وما هي عليه، وتبين لنا غاية الدنيا، وغاية أهلها، وأن الحياة الدنيا لعب ولهو، تلعب فيها الأبدان، وتلهو القلوب، فأبناء الدنيا تجدهم قد قطعوا أوقات عمرهم بلهو قلوبهم، وغفلتهم عن ذكر ربهم، وعما أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا، بخلاف أهل اليقظة، وعمال الآخرة ،فإن قلوبهم معمورة بذكر الله ومعرفته ومحبته، وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، فالحياةَ الدنيا ينبغي أن تُتَخَّذَ وَسيلةً للنَّعيمِ الدَّائِمِ في الآخِرةِ، ووِقايةً مِنَ العذابِ الشَّديدِ، وما عدا ذلك مِن أحوالِ الحياةِ الدنيا فهو مَتاعٌ قَليلٌ؛ وظل زائل، ولهو ولعب،
ومن المعلوم أن ذَمَّ الدُّنيا ليس راجِعًا إلى مَكانِ الدُّنيا، الَّذي هو الأرضُ الَّتي جَعَلَها اللهُ لبني آدَمَ مِهادًا وسَكَنًا، ولا إلى ما أودَعَ اللهُ فيها مِن الجِبالِ والبِحارِ والأنهارِ والمعادِنِ، ولا إلى ما أنبَتَه فيها مِن الشَّجَرِ والزَّرْعِ، ولا إلى ما بَثَّ فيها مِن الحيَواناتِ وغَيرِ ذلك؛ فإنَّ ذلك كلَّه مِن نعمةِ اللهِ على عِبادِه، بما لهم فيه مِن المنافِعِ، ولهم به مِن الاعتِبارِ والاستِدلالِ على وحدانيَّةِ صانِعِه، وقُدرتِه وعَظَمتِه، وإنَّما الذَّمُّ راجِعٌ إلى أفعالِ بني آدمَ الواقِعةِ في الدُّنيا؛ لأنَّ غالبَها واقِعٌ على غيرِ الوجهِ الَّذي تُحمَدُ عاقِبتُه، بل يَقَعُ على ما تَضُرُّ عاقِبتُه، أو لا تَنفَعُ، كما قال عزَّ وجلَّ: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) الحديد (20)، وفي ذلك دليلٌ على أنَّ اللَّعِبَ واللَّهوَ والزِّينةَ وكُلَّ ما ذُكِرَ معها: مَذمومٌ جُملةً، إلَّا ما رُخِّصَ فيه كما في الحديث الذي رواه الامام أحمد: (وَلَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ إِلاَّ ثَلاَثٌ مُلاَعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَتَأْدِيبُهُ فَرَسَهُ وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ)، وفي سنن الترمذي: (كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ إِلاَّ رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ »، وفي سنن البيهقي: « كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ سَهْوٌ وَلَهْوٌ إِلاَّ أَرْبَعًا مَشْىَ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ وَتَأْدِيبَهُ فَرَسُهُ وَتَعَلُّمَهُ السِّبَاحَةَ وَمُلاَعَبَتَهُ أَهْلَهُ »، فكل وقتٍ يضيع ليس فيه عمل نافع ، وليس فيه ذكر الله تعالى فهو مذموم، لأنه وقت ضائع، ففي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ ». وفي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً فَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً وَمَا مِنْ رَجُلٍ مَشَى طَرِيقاً فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً وَمَا مِنْ رَجُلٍ أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً »، وَمَعْنَى قَوْلِهِ (تِرَةً) يَعْنِى حَسْرَةً وَنَدَامَةً. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ التِّرَةُ هُوَ النَّارُ.
فالاستغراق في اللهو واللعب، وتضييع الأوقات، ليست من صفات أهل الآخرة على الإطلاق، ولو علم أهل الدنيا قيمة حياتهم وأوقاتهم، لكانوا أكثر شحًا بها من المال، لأن الوقت هو الحياة .فالدنيا لهو ولعب، والعاقل يتجاوز تلك الملهيات، لأنه يبصر طريقه، وهدفه الذي خلق من أجله، لا يشغله عنه أي شيء، والمؤمن يرى سعادته في تحصيل زاد الآخرة، ومسابقة الوقت، ليدرك ويحصل الثواب والخير، الذي ينفعه عند الله. قال تعالى: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (18): (26) المطففين،
وحري بكل من أدرك أنه يعيش بدار امتحان واختبار، ألا تشغله سفاسف الأمور عن أمر مصيره، وما أعد الله له في الآخرة، ففي سنن البيهقي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ يُحِبُّ مَعَالِىَ الأَخْلاَقِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا »
أيها المسلمون
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من الدنيا ولهوها ومفاتنها، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ – وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ – فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ ».، وفيه أيضا: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْىٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قَالَ « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ ». فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ « أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ ». قَالُوا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ « فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ »، وفي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ « مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ».،
ويمدح القرآن الكريم من يجمع بين الدنيا والآخرة، مع إيثار جانب الآخرة على جانب الدنيا، ومعرفة قيمتها وفضلها، والحرص عليها، قال تعالى: {فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ(200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (200)، (201) [ البقرة ] ، ويقول على لسان نبي الله موسى عليه السلام: { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ } (156) (الأعراف) ، وهنا تتعارض نظرة القرآن مع نظرة الفلسفات المادية، التي تلح على أن هذه الحياة هي كل شيء، وهي المنتهى, وتبالغ في تقديسها وتمجيدها، والحرص على تزيينها وتحسينها.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (افهم لعبة الدنيا)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وكما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من الوقوع في مفاتن الدنيا، فقد رغب في الدار الآخرة، ففي الصحيحين: كان يقول صلى الله عليه وسلم في دعائه: « اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَهْ ، فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ »، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا »، وفي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ أَغْبَطَ النَّاسِ عِنْدِي عَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَفِيفُ الْحَاذِ ذُو حَظٍّ مِنْ صَلاَةٍ أَطَاعَ رَبَّهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَتَهُ فِي السِّرِّ وَكَانَ غَامِضاً فِي النَّاسِ لاَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً – قَالَ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْقُرُ بِأُصْبُعَيْهِ – وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً فَعُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ وَقَلَّتْ بَوَاكِيهِ وَقَلَّ تُرَاثُهُ »،
وقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم مرآة صدق لهذه العقيدة, ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ « مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا »، وفي الصحيحين البخاري ومسلم: (يقول عمر بن الخطاب واصفا حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما زاره في بيته: (وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ فَقَالَ « مَا يُبْكِيكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ « أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ »، وفي رواية: (فَرَفَعْتُ بَصَرِى فِي بَيْتِهِ ، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ ، فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ ، وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ . فَجَلَسَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – وَكَانَ مُتَّكِئًا . فَقَالَ « أَوَفِى هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا » . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي ).
وحقا ما قال ربنا: (وما الحياةُ الدّنيا إلا لَعِبٌ ولهوٌ وللدّارُ الآخرةُ خيرٌ للذينَ يتّقونَ أفلا تَعقلونَ) الأنعام 32، وقال سبحانه وتعالى: (وما هذهِ الحياةُ الدنيا إلا لهوٌ ولَعِبٌ وإنّ الدارَ الآخرةَ لَهِيَ الحيوانُ لو كانُوا يَعلمونَ) العنكبوت 64، وقال جل وعلا: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (20) الحديد .
الدعاء