خطبة عن ( درجات الخشوع في الصلاة وفضائله)
مارس 10, 2017خطبة عن (الآداب الإسلامية في حل المشكلات الزوجية)
مارس 10, 2017الخطبة الأولى ( حلول المشكلات الزوجية )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) النساء
إخوة الإسلام
تناولت معكم في اللقاء السابق أن الإسلام رغب الزوجين بقيام كل منهما بما عليه من واجبات تجاه الآخر ، ورهبهما وخوفهما من التهاون في ذلك، ولأن الإسلام حريص على دوام الرحمة والمحبة والود والألفة بين الزوجين ، فقد وضع حلولا للمشكلات الزوجية ، والتي قد تحدث بينهما ، وهذا أمر طبيعي ومتوقع، فقال الله تعالى في محكم آياته : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) ، (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) ، (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء 34 ، 35 ،فالمتأمل في الآيتين السابقتين ، يتضح له أن الإسلام وضع لنا الأسس والوسائل الأساسية التي تقوم عليها الحياة الزوجية ، ووضع أيضا حلولا للمشكلات التي قد تقع بين الزوجين ، فقال سبحانه وتعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) ، فبداية ، وضع الإسلام القوامة في يد الرجل ، ومعنى القوامة : ( الإمارة ، أو الحاكم العادل ، أو المؤدب الناصح ) ،وبهذا يكون الإسلام قد حدد المسئوليات ، فالرجل : هو المسئول الأول عن الأسرة : ( مسئول عن الإنفاق ، ومسئول عن حفظ النظام ، ومسئول عن التأديب ، ومسئول عن دفع المخاطر ، وهكذا ، هو المسئول الأول عن كل شيء ) ، فالرجل مسئول عن أفعال زوجته وأولاده الصغار أمام الناس في الدنيا ، وأمام الله يوم الحساب ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ) التحريم 6، إذن ، فالقوامة هي تكليف ، وليست تشريفا ، القوامة هي تحديد للمسئوليات ، وليست سيفا مسلطا على الزوجة أو الأولاد ، أو تحكما وتجبرا كما يدعيه أعداء الإسلام في الشرق والغرب ، ولا غرابة في ذلك ، فالدولة لها حاكم ، والإقليم له حاكم ، والبيت أيضا لابد أن يكون له حاكم أمين وهو الرجل ، وإلا فسد النظام ، وانهار البناء وتصدع وقد جاء في أسباب النزول ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ( لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَطَمَ رِجْلٌ امْرَأَتَهُ، فَانْطَلَقَتْ إِلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجِي لَطَمَنِي فَالْقِصَاصُ، قال: “القصاص”، فبينا هُوَ كَذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} فَقَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – “أَرَدْنَا أَمْرًا فَأَبَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا غَيْرَهُ، خُذْ أَيُّهَا الرَّجُلُ بِيَدِ امْرَأَتِكَ” ،وهكذا رجعت المرأة بدون قصاص ، لأن لزوجها عليها حق التأديب والتهذيب ، وفي قوله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) ، فقد اختار الله سبحانه وتعالى ، العليم بخلقه ، والبصير بأحوالهم ، اختار الرجال للقوامة ، لأن الرجال مؤهلون لهذه المهمة تأهيلا جسميا وعقليا ، فالرجل هو الذي يستطيع أن يقوم إعوجاج أفراد الأسرة ، لما يتصف به من قوة وحزم في اتخاذ القرار ، وهو الذي يكد ويتعب ويتحمل المشاق في عمله وكسب الرزق ، لقوته الجسمية ، وهو المنوط به الإنفاق على أفراد الأسرة ، وتهذيب أخلاقهم ، أما المرأة فهي تتفوق على زوجها في الجانب الآخر ، جانب العاطفة والحنان ، جانب الرحمة والود والتسامح والرفق ، ولذا فهي المنوط بها تربية الصغار ، والقيام بشأنهم ، لما يحتاجونه من عاطفة وحنان ، ومنوط بها الترويح عن الرجل ، ليجد في حنانها وعطفها السكن بعد التعب ، والراحة بعد المشقة ، قال سبحانه : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا )، ويقول سبحانه : (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) ، أي أن النساء الصالحات (قَانِتَاتٌ) ، أي مطيعات لأزواجهن ، (حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) ، أي تحفظ زوجها في غيبته ، في نفسها وماله ، وفي المستدرك للحاكم على شرط مسلم (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( سئل النبي صلى الله عليه و سلم أي النساء خير ؟ فقال : ( خير النساء من تسر إذا نظر و تطيع إذا أمر و لا تخالفه في نفسها و مالها ) ،وفي سنن ابن ماجه (عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ « مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ » .
أيها الموحدون
ثم تنتقل الآيات بعد ذلك إلى الحلول التي وضعها الحق تبارك وتعالى للزوجين حينما تخالف المرأة أمر زوجها ، أو تقصر في حق من حقوقه ، أو تتعالى عليه ، هنا ، يجب على الرجل أن يعالج نشوز زوجته وتمردها ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، وألا يتسرع في إنهاء العلاقة الزوجية ، إلا بعد أن يستنفذ كل الحلول المتاحة ، والطرق المشروعة ، فيقول سبحانه ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) ، والنشوز هو التعالي ، والأمر هنا للرجال ، فيا أيها الزوج ، إذا تعالت زوجتك عليك ، وامتنعت عن تنفيذ أمرك ، فكن معها حكيما ، ولا تستعجل في استخدام القوة والغلظة ، بل عليك أن تكون واعظا حكيما ، وفي مسند أحمد : (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِىَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ – وَتَنَاوَلَهَا – أَتَرْفَعِينَ صَوتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَحَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا – قَالَ – فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا : « أَلاَ تَرَيْنَ أَنِّى قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (حلول المشكلات الزوجية )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول سبحانه وتعالى (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ ) ، وهذا يعني أن أول مراحل تقويم سلوك المرأة ، هو الوعظ ، والوعظ لا يكون مرة واحدة ، بل مرات ومرات ، وبطرق مختلفة ، ووسائل متعددة ، وفي أوقات متفاوتة ، ( وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) فإن لم تستجب الزوجة إلى الموعظة ، ولم تتراجع عن نشوزها ، فعلى الزوج أن ينتقل إلى المرحلة التالية وهي الهجر ، ولكن في المضجع ، فلا يترك حجرة نومه ، والهجر في المضجع بالنسبة للمرأة من أقوى وسائل التأديب والتهذيب ، بشرط أن يحسن الزوج استخدامه ، والهجر وإن كان المقصود منه هجر الجماع ومقدماته ، إلا هناك أيضا هجر الكلام الرقيق ، وهجر المداعبة ، والملاطفة ، وغيره ، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه ، بغرض التأديب والتهذيب ،فقد روى البخاري : (ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – يَبْكِينَ ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا هُوَ مَلآنُ مِنَ النَّاسِ فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَصَعِدَ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ فِي غُرْفَةٍ لَهُ ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، ثُمَّ سَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، فَنَادَاهُ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فَقَالَ « لاَ وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا » . فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ) ،فإذا لم تستجب الزوجة ، وترجع إلى طاعة زوجها ، ولم يردها الوعظ ولا الهجر ، انتقل إلى المرحلة التالية ، وهي كما في قوله تعالى: (وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ))، فمتى يكون الضرب مباحا ؟ وما كيفيته ؟ ولماذا لم يضرب رسول الله زوجاته ؟ وهذا هو موضوع اللقاء القادم إن شاء الله
الدعاء