خطبة عن العزلة وحديث( يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ)
مارس 31, 2018خطبة عن حديث (إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ)
مارس 31, 2018الخطبة الأولى ( الأذان : معناه .وحكمه .وفضائل الأذان والمؤذنين)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (9) الجمعة ،وروى البخاري في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا)
إخوة الإسلام
إن الأذان عبادة عظيمة ، وشعيرة جليلة من شعائر الإسلام ، وقد أُمر المسلمون بتلبيته وإجابته ، وكذا التسابق في أدائه ، فكلماتُ الأذان تغسِلُ درَنَ النفس في كل يومٍ خمسَ مرات، فهل يبقى من درَن النفوس شيءٌ بعد ذلك؟! ، وكلماتُ الأذان تشتاقُ إليها الأفئدة، وتطمئنُّ إليها الأرواح، وتتهادَى إلى الأسماع مُعلنةً أنه لا إله إلا الله، وأنه لا أكبر من الله. والأذان من الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله – عز وجل ، فقد قال الله تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (33) فصلت. قالت عائشة – رضي الله عنها – وعكرمة ومجاهد, وقيس بن أبي حازم أنها نزلت في المؤذنين، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا ) رواه البخاري قال الإمام النووي: معناه : أنهم لو علموا فضيلة، الأذان وقدرها, وعظيم جزائه, ثم لم يجدوا طريقاً يحصلونه بها، لاقترعوا في تحصيله”
ومعنى الأذان في الشرع : أنه الإعلام بدخول وقت الصلاة ، وذلك بألفاظ معلومة مخصوصة مشروعة، وسُمِّي الأذان أذانا ؛ لأن المؤذن يعلم الناس بمواقيت الصلاة، ويُسمَّى أيضا النداء؛ لأن المؤذن ينادي الناس ويدعوهم إلى الصلاة، قال الله تعالى: “وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ.” (المائدة- 58) ، وقد اختلف المسلمون في بداية الدعوة في كيفية دعوة الناس إلى الصلاة ، فهداهم الله سبحانه وتعالى إلى الأذان بصورته الحالية ، فقد روى البخاري في صحيحه (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ ، لَيْسَ يُنَادَى لَهَا ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى . وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ . فَقَالَ عُمَرُ أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِى بِالصَّلاَةِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا بِلاَلُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ » ، وفي سنن ابن ماجة : (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ هَمَّ بِالْبُوقِ وَأَمَرَ بِالنَّاقُوسِ فَنُحِتَ فَأُرِىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فِي الْمَنَامِ ، قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فَقُلْتُ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ تَبِيعُ النَّاقُوسَ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ قُلْتُ أُنَادِى بِهِ إِلَى الصَّلاَةِ. قَالَ أَفَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ قُلْتُ وَمَا هُوَ : قَالَ: تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ. اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى. قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ رَجُلاً عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ يَحْمِلُ نَاقُوسًا. فَقَصَّ عَلَيْهِ الْخَبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فَاخْرُجْ مَعَ بِلاَلٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ وَلْيُنَادِ بِلاَلٌ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ ». قَالَ فَخَرَجْتُ مَعَ بِلاَلٍ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهَا عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَادِى بِهَا. قَالَ فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالصَّوْتِ فَخَرَجَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِى رَأَى ) .وقد شرع الله الأذان والإقامة للجماعات في السفر والحضر ،وجمهور أهل العلم على أن الأذان والإقامة من (فروض الكفايات) لجماعة الرجال في السفر والحضر لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون بل هما (سنة ) ،وفي الصحيحين :(عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَتَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا قَالَ « ارْجِعُوا فَكُونُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ » ،أما إذا كان المؤذن معينا من قبل الجهة المسؤولة ويأخذ على أذانه رزقا وراتبا ، فالأذان في حقه واجب عيني .
أيها المسلمون
إن كلماتُ الأذان تشتاقُ إليها الأفئدة، وتطمئنُّ إليها الأرواح، وتتهادَى إلى الأسماع مُعلنةً أنه لا إله إلا الله، وأنه لا أكبر من الله. وكلماتُ الأذان تهتِفُ – أيها المؤمن – إن كنتَ أصبتَ في الساعات التي مضَت فاجتهِد للساعات التي تتلُو، وإن كنتَ أخطأتَ فكفّر، وامحُ ساعةً بساعة؛ فالعمل يُغيِر العمل، ودقيقةٌ باقيةٌ في العُمر هي أملٌ كبيرٌ في رحمة الله. بين ساعاتٍ وساعاتٍ من اليوم يعرِضُ كل مؤمنٍ حسابَه، فيقوم بين يدي الله ويرفعُه إليه. وكيف يكون من لا يزالُ ينتظرُ طول عمره فيما بين ساعاتٍ وساعاتٍ نداء: الله أكبر؟! بين الوقت والوقت من النهار والليل تدقُّ ساعةُ الإسلام بهذا الرَّنين: الله أكبر الله أكبر. بين الوقت والوقت من النهار والليل تُدوّي كلمةُ الروح: الله أكبر، ويُجيبُها الناس: الله أكبر، ليعتادَ المؤمنون كيف ينقادُون إلى الخير بسهولة، وكيف يُحقِّقون في الإنسانية معنى اجتماع أهل البيت الواحد، فتكونُ الإجابةُ إلى كل نداء خيرٍ مغروسةً في طبيعتهم بغير إكراه. وكلماتُ الأذان قد اختارَها الله لهذه الأمة واصطفاها بها، فلله الحمد. وقالَها رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -، ونقولُها من بعده. وكم تفوتُ الفضائلُ العظيمةُ من يسمعُ المُؤذِّن ولا يُجيبُ النداء، ولا يُردِّدُ كلمات الأذان. روى مسلم في “صحيحه أن ” عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ. قَالَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ». وفي الصحيحين 🙁 عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ » وروى مسلم في “صحيحه” عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ » . وفيه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُغِيرُ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَكَانَ يَسْتَمِعُ الأَذَانَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلاَّ أَغَارَ فَسَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَى الْفِطْرَةِ ». ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « خَرَجْتَ مِنَ النَّارِ ». فَنَظَرُوا فَإِذَا هُوَ رَاعِى مِعْزًى. وروى مسلم في “صحيحه” عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا. غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ». وفي سنن أبي داود :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ».وروى أهل السنن عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الأذان : معناه .وحكمه .وفضائل الأذان والمؤذن)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وللأذان والمؤذنين فضائل جمة ، فقد ثبت في فضل الأذان والمؤذنين أحاديث كثيرة ومتعددة ، فمن فضائل الأذان والمؤذنين : أولا : أن المؤذنين أطول الناس أعناقًا يوم القيامة؛ ففي صحيح مسلم (قَالَ مُعَاوِيَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». ثانيا : من فضائل الأذان والمؤذنين : أن الأذان يطرد الشيطان؛ ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا نُودِىَ لِلصَّلاَةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأْذِينَ ، فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاَةِ أَدْبَرَ ، حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ ، يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا ، اذْكُرْ كَذَا . لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِى كَمْ صَلَّى » ، ثالثا : من فضائل الأذان والمؤذنين : أنه لا يسمع صوت المؤذن شيء إلا شهد له يوم القيامة ، فقد روى البخاري (أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ – رضى الله عنه – قَالَ لَهُ « إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ وَبَادِيَتِكَ فَأَذَّنْتَ بِالصَّلاَةِ ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلاَ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ، رابعا : من فضائل الأذان والمؤذنين : أنه يغفر للمؤذن مدى صوته وله مثل أجر من صلى معه؛ فقد روى النسائي (عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ ». وفي مسند أحمد : أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ ويَابِسٍ وَشَاهِدُ الصَّلاَةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حَسَنَةً وَيُكَفَّرُ عَنْهُ مَا بَيْنَهُمَا » ، خامسا : من فضائل الأذان والمؤذنين : دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – له بالمغفرة؛ فقد روى أحمد وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ » ، سادسا : من فضائل الأذان والمؤذنين : أن الأذان تُغفر به الذنوب ويُدخِل الجنة؛ ففي سنن أبي داود وغيره (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّى فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّى فَقَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ ». وروى ابن ماجة :(عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَذَّنَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَكُتِبَ لَهُ بِتَأْذِينِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سِتُّونَ حَسَنَةً وَلِكُلِّ إِقَامَةٍ ثَلاَثُونَ حَسَنَةً ». سابعا : من فضائل الأذان والمؤذنين :أن الأذان دليل على وجود الإسلام : فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا – رضى الله عنه – يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يُغِرْ حَتَّى يُصْبِحَ ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ بَعْدَ مَا يُصْبِحُ ، فَنَزَلْنَا خَيْبَرَ لَيْلاً ) فليحتسِب المُسلمون في أذانهم، وليحتسِب من كان في البريَّة والصحراء بالأذان، وليحتسِب المُسلمون المُغترِبون في رفع الأذان في الأماكن العامة المُمكنة، التي يُسمَحُ لهم فيها برفع الصوت. فكم فُتحت به أبوابُ خير، واستُهديَ به من ضلالة؟!
الدعاء