خطبة عن (نبي الله صالح عليه السلام )
أبريل 12, 2016خطبة عن (الأمثال في القرآن )
أبريل 13, 2016الخطبة الأولى ( الأمثال في القرآن )
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } الجمعة 5 ، ويقول سبحانه (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الاعراف 75 ، 76
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع المثل الثاني من موضوع الأمثال في القرآن ،وفيه يبين الله سبحانه وتعالى صنفا من الناس : يتعلم العلم ويستمع الذكر .. ويجالس العلماء..وينصت الى الخطباء وقد يقرأ القرآن ويتصفح الكتب .. وقد يقوم خطيبا بين الناس .. يعظهم ..ويدعوهم للطاعات ..ولكنه لا يعمل ..هذا الصنف ضرب الله له مثلاً من أسوأ الأمثلة، ، قال الله عز وجل -والحكاية عن اليهود؛ ولكنها تعم كل من سار على شاكلتهم-: { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } الجمعة 5 ، نعم.. فالذي عنده علم ولا يعمل به مثله في كتاب الله كمثل حمار حَمَّلْتَه أسفار العلم، حَمَّلْتَه كتب الحديث وكتب التفسير وكتب الفقه والسيرة والعقائد وغيرها ، كل هذه الكتب فوق ظهر الحمار ، وينتقل بها من مكان إلى مكان، ومع ذلك فهو لا ينتفع بها ولا يعمل بما فيها … فهذا الذي عنده علم لكنه لم يعمل به، ما الفرق بينه وبين هذا الحمار؟! ..لا شيء.. وقوله تعالى في آخر الآية (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) تعني ان الذي حمل العلم ولم يعمل به فقد جعل بينه وبين الهداية، سداً ..فلا يهديه الله، .. وكيف يهديه الله وقد أصبح العلم عنده؟! لكنه ليس مستعداً لأن يعمل به، كيف يهديه الله ما دام هو رافض أن يهتدي،
اخوة الاسلام
فعلى طالب العلم أن يأخذ العلم بنية العمل، وبنية القربى إلى الله، والنجاة من عذاب الله، وبنية أن يعبد الله بهذا العلم، وإلا حرم الأجر فقد روى الترمذي في سننه (ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ » ، ونعوذ بالله أن نكون من هؤلاء- ليماري به السفهاء، ليجاري به العلماء، ليبتغي به عرضاً من الدنيا، يريد وظيفة فقط، لم يرح رائحة الجنة، أي: يلقى هذه؛ لكن ليس له هناك شيء؛ لأنه لم يعمل من أجل الجنة، ولم يطلب العلم من أجل الجنة، بل طلب العلم من أجل أن يأخذ شهادة فأخذ الشهادة وانتهى الأمر؛ لكنه لو طلب العلم من أجل الله، ومن أجل أن يعرف طريق الله، ولكي يعبد الله على بصيرة وعلى نور، فقرأ كتاب الله، وقرأ سنة رسول الله، ولم يُباهِ، ولم يُجارِ، ولم يُمارِ، ولم يستعلِ، ولم يتكبر، وإنما تواضع، وهذا شأن علماء السلف رحمهم الله، فقد كانوا قمماً في العلم، ومع هذا فهم متواضعون إلى أبعد درجات التواضع، وبعض الناس تجده صفراً في العلم؛ ولكنه مغرور، يظن أنه على شيء، وهو ليس على شيء، وإن علم فإنما يعلم نصوصاً فقط، وهذه النصوص ليست هي العلم، العلم هو العمل، والخشية، والخوف، العلم الرغبة فيما عند الله، أما أن تكون عالماً ولا تخاف الله، عالماً وتجترئ على حدود الله، عالماً وتضيع أوامر الله؟! فلا.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الأمثال في القرآن )
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما المثل الثالث فهو مثل من يعلم ويعمل لكنه لا يثبت ،فهناك صنف من الناس لم يعرض عن ذكر الله بل تعلم العلم وعمل به ولكنه لم يستمر، ولم يثبت، وإنما انتكس، فرغب في الضلالة بعد الهدي ورضي بالكفر بعد الإيمان وطلب الحرام بعدما عرف الحلال .. نعم .. ترك دين الله، بعد ان هداه الله .. هذا ضرب الله له مثلاً من أبشع ومن أسوأ الأمثلة، وهو مثل الكلب -والعياذ بالله- يقول سبحانه (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الاعراف 75 ، 76 ، والمعنى أخبر أمتك يا محمد! نبأ ذلك الرجل الذي آتيناه آياتنا؛ آتيناه العلم، وآتيناه الآيات والدلالات الواضحات على عظمة الله، فبدل أن يعمل بها ويستمر عليها انسلخ منها، والانسلاخ عن الشيء هو: تركه مع عدم الرغبة في العودة إليه، وكذلك هذا الرجل لما انسلخ من الدين انسلخ بنية ألا يعود إليه، قال عز وجل: { فَانْسَلَخَ مِنْهَا } فماذا حصل لما انسلخ؟ قال عز وجل: { فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ } حين كان يعمل بآيات الله لم يكن للشيطان عليه سلطان، وما كان الشيطان يستطيع عليه؛ لأنه محفوظ بآيات الله، محفوظ بدين الله؛ إذاً: متى يتبع الشيطانُ الإنسانَ؟! إذا تخلى عن طاعة الرحمن، أما إذا كان الإنسان ملازماً لطاعة الله فإنه في حصن وحماية ووقاية من الشيطان، وهذا معنى قول الله عز وجل في هذه الآية: { فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ } ، فإذا أتبعه الشيطانُ ماذا تكون نتيجته؟! { فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ } ، فالذي يتبعه الشيطانُ هل يمكن أن يدله الشيطان على طريق الهداية؟! أم أنه يدله على طريق الغواية؟! يدله على طريق الغواية بدون شك، وما دام الشيطان معه فإنه يزيِّن له الباطل، ويزيِّن له الشر، ويكرِّه إليه الطاعات، ويكرِّه إليه العمل الصالح، ويزيِّن له كل شر، ويكرِّه إليه كل خير؛ لأنه غاوٍ { فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ } قال عز وجل: { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } [الأعراف:176]، وهو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل بما فيه فمثله مثل الكلب الذي سواءٌ أمره في لهثه، طرد أو لم يطرد، إذ كان لا يتركُ اللهث بحال. واللهث هو: إخراج اللسان من الفم عند العطش، وفي حالة التعب، فالكلب يخرج لسانه، إن حملت عليه بالضرب او بالطرد يخرج لسانه، وإن تركته ورحمته يخرج لسانه فهو في كل حالته يلهث في حال الإعياء ، وفي حال الراحة ، وفي حال العطش ، وفي حال الري { ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } الاعراف 176
الدعاء