خطبة عن حديث (الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ)
مايو 5, 2018خطبة عن: من أخلاق المسلم :(الرضا)
مايو 5, 2018الخطبة الأولى ( الإسلام يعلمني )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة 3، وقال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (9) الصف ،وروى الإمام أحمد في مسنده (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَغَضِبَ وَقَالَ « أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لاَ تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي ».
إخوة الإسلام
إن الإسلام مدرسة تربوية وأخلاقية ، يتعلم فيها المسلم أسس الأخلاق ، ومبادئها القويمة , فهو دين قد جاء ليعلي من شأن الأخلاق , ويهدي لأحسنها ، فماذا علمني الإسلام ؟ الإسلام علمني وأدبني: أن أختار أحسن الألوان من الثياب، وهو الأبيض، مع جواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود، وجوازه من قطنٍ وكتانٍ وشعرٍ وصوفٍ وغيرها إلا الحرير .وفي حديث صحيح رواه الترمذي: عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْبَسُوا الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ ».، وأدبني بألا أسبل ثوبي أسفل الكعبين أجره خيلاء، فهو حرام . وأن أصلح من شأني لأبدو في هيئةٍ مقبولةٍ وجميلة، ففي حديثٍ رواه أبو داود بإسناد حسن : أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ ..) ، ويستحب التوسط في اللباس، وترك الترفع فيه تواضعًا ، وإذا لبست جديدًا قلت كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً ثُمَّ يَقُولُ « اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ ». [رواه أبو داود والترمذي وحسنه] . والإسلام أدبني وعلمني : بأن أتوضأ قبل النوم، ثم أضطجع على شقي الأيمن، وأضع يدي تحت خدي فقد كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا » . وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ » رواه البخاري ، وفي الصحيحين 🙁عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا فُلاَنُ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ . فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِي لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ أَجْرًا »، والإسلام أدبني وعلمني : ألا أضطجع على بطني، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « « إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ » كما رواه أبو داود بإسناد صحيح ، والإسلام أدبني وعلمني : ألا أقيم أحدًا لأجلس مكانه، فهو تعد وكبر، بل أجلس حيث انتهى بي المجلس ، وألا أفرق بين اثنين، فلا أجلس بينهما إلا بإذنهما ،ولا أجلس وسط حلقة؛ لأنه يؤدي إلى تخطي الرقاب، والإحالة بين الوجوه، وحجب بعضهم عن بعض، فيتضررون بمكاني ومقعدي هناك . ولا أنسى أن أقول كفارة المجلس، يعني ما يمحو الله به من كلام غير نافع قلته فيه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » رواه الترمذي وغيره، ،والإسلام أدبني وعلمني : ألا أتردد على مجالس لا يذكر فيها الله، فإنها مجالس غافلة منفرة، ونتيجتها حسرة وندامة ، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ».رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح ، والإسلام أدبني وعلمني : أن أفشي السلام، على من عرفت ومن لم أعرف، فإنه إشاعة للسلام، ومن خير أمور الإسلام، ومن الخصال الباعثة للمحبة، وأحد الطرق المؤدية إلى الجنة ، وأن تحية المسلمين بين بعضهم البعض، هي « السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ » ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ » متفق عليه . ويستحب تكرار السلام إذا حال بينهما شيء، كشجرٍ أو جدار، وأن سلام المرء على أهله إذا دخل بيته بركة عليهم جميعًا ، ويكون السلام على الصبيان أيضًا ، وعلى الزوجة، والمرأة من محارم الرجل، وعلى أجنبيةٍ وأجنبياتٍ لا يخاف الفتنة بهن، ولا يبدأ بالسلام على الكافر، فإن كان في المجلس أخلاط من المسلمين والكفار سلم ، وإذا أراد القيام من المجلس سلم أيضًا .
والإسلام أدبني وعلمني : الاستئذان، فهو أدب نبوي وحضاري رائع، فلا أدخل بيتا حتى أستأذن من صاحبه، وأقول إن سمعني : « السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟» فإن أذن لي، وإلا رجعت، فإن للبيوت أسرارًا، ولا نظن إلا خيرًا ، قال الله تعالى : ” وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ” [النور: 28] . وإذا استفسر صاحب الدار عني قلت له ما يعرفني به من اسم أو كنية، ولا أقول «أنا» أو نحوها ، ولا أنظر من شق الباب أو النافذة، فـــ « إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ » » كما في البخاري ،وإذا استأذنت ثلاث مرارٍ ولم يؤذن لي رجعت . والإسلام أدبني وعلمني : أدب العطاس ، ففي البخاري (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ . وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ » ، ومن أدب العطاس ما أخرجه الترمذي وصححه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا عَطَسَ غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ ). وأن أدفع التثاؤب عن نفسي ما استطعت، وإلا وضعت يدي أمام فمي . والإسلام أدبني وعلمني : أن أصافح أخي المسلم إذا لقيته، فقد روى الترمذي وغيره (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا » ، وأن يكون اللقاء باحترامٍ وبشاشة وجهٍ ومحبةٍ ظاهرة، وهذا من أقل المعروف الذي يقدمه المسلم لأخيه المسلم، وفيه أجر، جاء في صحيح مسلم (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ». والإسلام أدبني وعلمني : أن أزور أخي المريض، فإنه حق له علي، وأن أدعو الله له بالشفاء والعافية، وأقول كما في الحديث المتفق عليه : « اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ الْبَاسَ ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي ، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا »، وأن أسأل عنه أهله ،وإذا رأيت محتضرًا لقنته كلمة الإخلاص، فإن « مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ». رواه أحمد ، والإسلام أدبني وعلمني : ألا أقول إلا خيرًا إذا حضرت مريضًا أو ميتًا، وإذا أصبت بمصيبة قلت : « إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا » رواه مسلم . وإذا استرجعت وحمدت ربي وصبرت، بني لي بيت في الجنة باسم «بيت الحمد»، كما دل عليه حديث حسن للترمذي . ويجوز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة، وإذا كانت الوصية بالبكاء من الميت عذب بسبب ذلك ، وإذا رأيت مكروهًا في ميت، من تغير لونٍ أو تشوه صورة، كتمته .وأصلي على أخي الميت، وأتبع جنازته، وأحضر دفنه، فإن في ذلك أجرًا كبيرًا لي، ورحمة للميت ، وكلما كثر المصلون على الميت كان أفضل، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ » ،والخير في الإسراع بالجنازة، ففي الصحيحين : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ – لَعَلَّهُ قَالَ – تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ ». وأن يقضي دينه، فإن نفس المؤمن معلقة به، أي محبوسة عن مقامها الكريم، ويبادر إلى تجهيزه . وأن يستغفر له بعد دفنه، فقد « كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ « اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ » رواه أبو داود ، ويدعى للميت، فإنه ينفعه إن شاء الله، وكذا التصدق عنه، فقد روى مسلم (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ». وأن يعتبر ويبكي عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم، وأن يظهر الافتقار إلى الله تعالى، ويحذر من الغفلة عن ذلك .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الإسلام علمني )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والإسلام أدبني وعلمني : آداب السفر ، أن أسافر يوم الخميس، ففي البخاري:( أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ – رضى الله عنه – كَانَ يَقُولُ لَقَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ )، والأولى أن يكون في أول النهار، حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله لأمته في بكورها . ويستحب للمسافر أن يطلب الرفقة، وأن يؤمروا على أنفسهم واحدًا يطيعونه . ورد في حديثٍ رواه البخاري : عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ » والوحدة: الانفراد في السفر .وفي حديثٍ آخر رواه أبو داود بإسنادٍ حسن : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا خَرَجَ ثَلاَثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ » والسير في الليل أفضل .ويتعاون المسافر مع رفقته ويساعدهم، ويعطي ما زاد عليه على من لا شيء عنده أو لا يكفيه ، ويدعو بأدعية السفر، منها قوله إذا ركب : ” سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ” . ويذكر الله، فإذا صعد كبر، وإذا هبط سبح…ويدعو لنفسه ولمن شاء، فإن دعوة المسافر مستجابة إن شاء الله .وروى مسلم ( أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ يَضُرُّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ». وأن يعجل الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته ،ويستحب القدوم على الأهل نهارًا، وكراهته في الليل لغير حاجة ،وإذا رجع ورأى بلدته قال : « آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ » كما في الصحيحين .ولا تسافر المرأة وحدها .
والإسلام أدبني وعلمني : أن أتلو كتاب ربي، وأن أتدبر آياته، وأن أتعلمه وأعلمه، فإنه يشفع لي يوم القيامة، ويكون حجة لي إذا اتخذته دستورًا لحياتي ومنهجًا أتبعه، ولقارئه أجر كبير، لأن قراءة حرفٍ منه بحسنه، والحسنة تضاعف إلى عشر . والذي لا يقرأ القرآن أو لا يحفظه كالبيت الخرب الذي ليس فيه ما يعين على المعيشة . وأتعاهد ما أحفظه من القرآن لئلا أنساه .وأحسن به صوتي إذا قرأته .وأكرر سورًا وآياتٍ مخصوصة لفضلٍ وأجرٍ، أو لعلاجٍ وشفاء، مثل سورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس، وآية الكرسي، وأواخر سورة البقرة، وسورة الكهف. ويستحب الاجتماع على قراءة القرآن، في المساجد خاصة. يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري : « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ » ، كما روى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم : « وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ » . والإسلام أدبني وعلمني : أن أتفقه في ديني، حتى أعرف كيف أعبد ربي، وأعرف صديقي من عدوي، ومن أوالي ومن أعادي، وما ينفعني مما يضرني، وما يحل لي وما يحرم علي، وإلا كنت مسلمًا جاهلًا، لا سهم لي بين الأخيار المكرمين، وتقبلت كما تتقلب الورقة من الريح، وكنت في صف عدوي وأنا لا أدري، وأكلت الحرام وأنا لا أدري ،فلا بد أن أتعلم الفرائض والواجبات خاصة، وأن أسأل الفقهاء، وأرافق طلبة العلم، وأستمع إلى العلماء، وأقرأ.. وأبحث.. فليس هناك أولى من دين الله، ولا أهم من نفسي التي بين جنبي، التي أريد لها كل هذا؛ للفوز بالجنة، والفكاك من النار . واعلم أنك إذا اتجهت إلى التفقه والعلم فإنه أريد بك الخير، وصرت في صف الأخيار، ما كنت مخلصًا في ذلك ، وفي الصحيحين ، واللفظ للبخاري (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ »
الدعاء