خطبة عن (ثمرة الصدقات وجزاء المتصدقين)
أبريل 23, 2016خطبة عن قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
أبريل 23, 2016الخطبة الأولى ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) آل عمران 92 .
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع آية من كتاب الله نتدارسها ونتدبرها ونعمل بما جاء فيها، فقوله تعالى : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ) ، فالمعنى لن تنالوا أيها المتصدقون البر: (والبر هو الخير.وأعلى درجات الخير هي الجنة) ، فلَنْ تَنالُوا الْبِرَّ ولن تبلغوا حقيقة البرّ، ولن تكونوا أبراراً . ولن تنالوا الجنة وتتنعموا بما فيها وتبلغوا درجاتها حتى تنفقوا من أفضل أموالكم ونفيسها وأجودها وأحسنها في سبيل الله وطلبا لرضاه. لذا فقد فهم الصحابة معنى الآية وسارعوا في تطبيقها تطبيقا عمليا ،ففي البخاري(أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضى الله عنه يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ،وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.ِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ،وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ،فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ . قَالَ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« بَخْ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ،ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأَقْرَبِينَ ». فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ ، وجاء زيد ابن حارثة بفرس له كان يحبها فقال:هذه في سبيل اللَّه، فحمل عليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أسامة بن زيد، فكأن زيداً وجد في نفسه وقال: إنما أردت أن أتصدق به.فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أما إن اللَّه تعالى قد قبلها منك ، وكتب عمر رضى اللَّه عنه إلى أبى موسى الأشعرى أن يبتاع له جارية من سبى جلولاء يوم فتحت مدائن كسرى، فلما جاءت أعجبته ، فقال: إن اللَّه تعالى يقول(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فأعتقها، ونزل بأبى ذرّ ضيف فقال للراعي إئتني بخير إبلي فجاء بناقة مهزولة. فقال: خنتني قال: وجدت خير الإبل فحلها،فذكرت يوم حاجتكم إليه فقال: إنّ يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي. وقرأ عبد اللَّه:(حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).فلن تنالوا الخير الكامل الذى تطلبونه ويرضاه الله تعالى، إلا إذا بذلتم مما تحبون وأنفقتموه فى سُبُل الله المتنوعة، وإن كان الذى تنفقونه قليلا أو كثيراً، نفيساً أو غيره، فإن الله يعلمه لأنه العليم الذى لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء. وفي السنن(عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ رضى الله عنه قَالَ جَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ مَالاً لَمْ أُصِبْ مِثْلَهُ قَطُّ كَانَ لِى مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنِّى قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ « فَاحْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ ».ومعنى سبل أي اجعلها فى سبيل الله وقال الحسن البصرى (إنكم لن تنالوا ما تحبون إلا بترك ما تشتهون، ولا تدركون ما تؤملون إلا بالصبر على ما تكرهون)
أيها المؤمنون
عليكم بالإنفاق في سبيل الله وأكثروا من الصدقات فإن من ثمار الصدقات أنها تستر بها العورات، وتفرج بها الكربات، وتدفع بها الشدائد، فكم من صدقة دَفعت عن صاحبها أبوابا من البلايا، وكم من صدقة رحم الله بها معذبا، وفرّج بها عن المهموم همومه ، فإذا عظمت على الإنسان ذنوبه،وكثرت منه خطاياه وعيوبه،فما عليه إلا أن يكثر من الصدقات رجاء أن يرحمه الله بها.ولكي يتقبل الله صدقتك ينبغي أن تراعي أمورا : أولها أن تخلص الصدقة لله:، قال تعالى : (وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) فإنك إن لم تقصد وجه الله وقصدت بها الرياء والسمعة لم تقبل منك،
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن شروط قبول الصدقة: أن تتخير الأجود من الحلال الطيب الذي تحبه فتنفقه ، قال تعالى : (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ، وفي صحيح مسلم(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا ) ، وعن سعيد بن هلال أن ابن عمر رضي الله عنهما نزل الجحفة وهو مريض فاشتهى سمكا، فلم يجدوا إلا سمكة واحدة، فلما قربت إليه أتى مسكين حتى وقف عليه، فقال له ابن عمر: خذها، فقال له أهله: سبحان الله! قد عنيتنا ومعنا زاد نعطيه. فقال: إن عبد الله يحبه!! ووقف سائل على باب الربيع فقال: أطعموه سكراً فقالوا: ما يصنع هذا بالسكر؟ نطعمه خبزا أنفع له قال: ويحكم أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر!! ، ومن شروط قبول الصدقة: أن تقدم ذوي الحاجة من أقربائك وذوي رحمك، ففي مسند الامام أحمد (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِىَ عَلَى ذِى الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ صِلَةٌ وَصَدَقَةٌ » ، ومنها: أن تتحرى بصدقتك أهل الدين الذين يستعينون بهذه الصدقة على طاعة الله،ولا ينفقونها في معصيته فتكون معاونا لهم على المعصية والإثم. ومن شروط قبول الصدقة : أن تسر بصدقتك ما استطعت، إلا إذا كان في إعلانها مصلحة راجحة فأعلنها،قال تعالى (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) البقرة 271 ، وذكر من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : « وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ» ، وعليك أخي المتصدق أن تتصدق بما سهل عليك وإن كان قليلا، المهم أن لا ترد السائل ولو بأيسر شيء، فعن جابر رضى الله عنه(يَقُولُ مَا سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قَطُّ فَقَالَ لاَ ) ، وعليك أخي أن تعود نفسك على الصدقة ولو كنت فقيرا، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ « جَهْدُ الْمُقِلِّ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ ».
الدعاء