خطبة عن حديث (سَيَكُونُ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ)
أبريل 20, 2024خطبة عن الخطإ (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ)
أبريل 20, 2024الخطبة الأولى (إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ ،جَاءَتْهُ جُهَيْنَةُ ،فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ نَزَلْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ،فَأَوْثِقْ لَنَا حَتَّى نَأْتِيَكَ وَتُؤْمِنَّا. فَأَوْثَقَ لَهُمْ ،فَأَسْلَمُوا ،قَالَ: فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي رَجَبٍ وَلاَ نَكُونُ مِائَةً ،وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِى كِنَانَةَ إِلَى جَنْبِ جُهَيْنَةَ ،فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ وَكَانُوا كَثِيراً ،فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ فَمَنَعُونَا وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ،فَقُلْنَا: إِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ. فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ مَا تَرَوْنَ ،فَقَالَ بَعْضُنَا: نَأْتِي نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنُخْبِرُهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: لاَ بَلْ نُقِيمُ هَا هُنَا. وَقُلْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مَعِي لاَ بَلْ نَأْتِي عِيرَ قُرَيْشٍ فَنَقْتَطِعُهَا ،فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ ،وَكَانَ الْفَيْءُ إِذْ ذَاكَ مَنْ أَخَذَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ ،فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ ،وَانْطَلَقَ أَصْحَابُنَا إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ، فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ ،فَقَامَ غَضْبَاناً مُحْمَرَّ الْوَجْهِ فَقَالَ :« أَذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعاً وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ ، إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ ،لأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلاً لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ ،أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ » . فَبَعَثَ عَلَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ الأَسَدِيَّ فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ أُمِّرَ فِي الإِسْلاَمِ ) .
إخوة الإسلام
الإسلام دين يدعو إلى الوحدة والاتحاد ،ويحذر من الفرقة والاختلاف ،ففي الوحدة والاتحاد قوة ومنعة ،وفي الفرقة والاختلاف ضعف ومهانة ،وهذا ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في الحديث المتقدم ،بقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :« أَذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعاً وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ، إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ) ،وفي مسند أحمد : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُورَةً مِنَ الثَّلاَثِينَ مِنْ آلِ حم – قَالَ – يَعْنِي الأَحْقَافَ – قَالَ – وَكَانَتِ السُّورَةُ إِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ آيَةً سُمَّيْتِ الثَّلاَثِينَ – قَالَ – فَرُحْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ ،فَإِذَا رَجُلٌ يَقْرَؤُهَا عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأَنِي ،فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ: فَقُلْتُ لآخَرَ اقْرَأْهَا. فَقَرَأَهَا عَلَى غَيْرِ قِرَاءَتِي وَقِرَاءَةِ صَاحِبِي ،فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ،فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَيْنِ يُخَالِفَانِي فِي الْقِرَاءَةِ – قَالَ – فَغَضِبَ وَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ ،وَقَالَ :« إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الاِخْتِلاَفُ ». قَالَ: قَالَ زِرٌّ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ ،قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ كَمَا أُقْرِئَ ،فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الاِخْتِلاَفُ) ، فوحدة المسلمين ،والتزام الجماعة من أهم فروض الدين الاسلامي على الإطلاق ,و يأتي بعد توحيد الله عزّ وجلّ ،يقول الله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران 103 ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- : “وَهَذَا الْأَصْلُ الْعَظِيمُ : (وَهُوَ الِاعْتِصَامُ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَأَنْ لَا يَتَفَرَّقَ) هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أُصُولِ الْإِسْلَامِ ،وَمِمَّا عَظُمَتْ وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ ،وَمِمَّا عَظُمَ ذَمُّهُ لِمَنْ تَرَكَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ ،وَمِمَّا عَظُمَتْ بِهِ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِن عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ” ، واجتماع المسلمين ووحدتهم إنما يكون بالاعتصام بحبل الحق الواحد ,وهو شرع الله الذي أنزل به كتابه وأرسل به نبيه ,ففي مسند البزار وصحيح ابن حبان وصححه الألباني : (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْجُحْفَةِ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، قُلْنَا : بَلَى ، قَالَ : فَأَبْشِرُوا ، فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ طَرْفُهُ بِيَدِ اللهِ وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ فَإِنَّكُمْ لَنْ تَهْلِكُوا وَلَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا).،والاجتماع إنما يكون على الغاية الأسمى التي خلقنا من أجلها ،وهي :(عبادة الله وحده لا شريك له) ،وهو ما كلفنا بالجهاد من أجله ،أن يكون الدين كله لله ،وأن تكون كلمة الله هي العليا ،وهذا ما أمر الله عز وجل به ،وقام به المرسلون وأتباعهم ،فلقد رفض النبي صلى الله عليه وسلم ان يداهن كفار قريش ويقرهم على بعض باطلهم , رغم أنهم وعدوه أن يجتمعوا على بعض الحق الذي جاء به ،قال تعالى {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم 9]، وأنكر نبي الله هارون (عليه السلام) على قومه عبادتهم للعجل ،رغم قلة عدد الذين ثبتوا معه ،قال تعالى على لسانه هارون:{ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي } [الأعراف 150]، فلا يسع أهل الحق التنازل عن بعضه لتحقيق الوحدة ،وإلا لما بقوا على الحق ،ولما أغنت عنهم كثرتهم على الباطل ,فلا قيمة للاجتماع على غير الكتاب والسنة ،ولا يجوز التهاون في أصول الدين التي تدور حول كلمة التوحيد ،لتحقيق مكاسب زائلة ،فالاعتصام إنما يكون بالثبات على الثوابت ،وإعمال السياسة المنضبطة بضوابط الشرع في المتغيرات والرخص ،وكل ذلك من الشرع وفيه خير الأمة ،وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم:” لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ” ،وإذا حدث تنازع في شيء صغير أم كبير نرده إلى الله والرسول أي إلى الحبل الذي أمرنا بالاعتصام به الكتاب والسنة ، قال الله تعالى { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [النساء 59]
أيها المسلمون
ومن النصوص التي تحث المسلمين على الوحدة ولزوم الجماعة ،وتحذر من الاختلاف والفرقة ما رواه الترمذي في سننه قوله صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاِثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ ».،وفيه أيضا 🙁 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ » ، فيد الله تعالى مع الجماعة ينصرهم ويؤيدهم ويسددهم ،وهو معهم معية خاصة: معية النصر والتأييد متى ما كانوا مجتمعين على الحق ،مجتمعين على طاعة الله ،وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ،كما أمر الله عز وجل نبيه وأمته تبع له بلزوم الجماعة ففي سنن الترمذي : (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِى بِهِنَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ قَالَ « وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ »، هكذا تتبين لنا أهمية وحدة المسلمين ولزوم الجماعة ومدى الحاجة إليها فهي من قواعد الدين, والخطر والشر في الفرقة لذا جاء النهي عن الفرقة والتحذير منها ،وكان صلى الله عليه وسلم يغضب ويشتد غضبه عند اختلاف أصحابه في أمر من أمور الدين خشية ما يؤدي إليه من فرقة وهلكة ففي الحديث عن عبدالله بن عمرو قال: ((هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فسمع أصوات رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا في آيَةٍ فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُعْرَفُ في وَجْهِهِ الْغَضَبُ فقال: إنما أهلك من كان قبلكم من الأمم باختلافهم في الكتاب)) كما كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم من أشد الناس تحذيرا من الفرقة ونهيا عنها وبيانا لأضرارها ،يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناصحا ومرشدا لرعيته: (إياكم والفرقة بعدي)
أيها المسلمون
فعلى المسلمين أن يتحدوا ويتوحدوا ،ويتجنوا الوسائل المعينة على الفرقة والاختلاف، فمن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : مخالفة شرع الله عز وجل : وهو السبب الأساس الذي تنبع منه بقية الأسباب ،فلقد حذرنا الله من الاختلاف ،وبين لنا أسبابه وعواقبه في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وهما حبله الذي أمرنا أن نعتصم به ،وجلي أن مخالفة ما يجمع يسبب التفرق والتنازع ،كما أن مخالفة أمر الله وتركه عقوبته العداوة والبغضاء بين المخالفين كما قال تعالى {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة 14]. ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : تفاوت الناس في العقول والطباع والميول , وتفاوتهم بالعلم والقدرة على الفهم , واختلافهم في الهدى والضلال , قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}(118)، (119) [هود] ,ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : الاختلاف في تحديد الأصول المتفق عليها ، والفروع التي يسع الاختلاف فيها ،والثوابت والمتغيرات ،وكل ذلك سببه الجهل بأحكام الشريعة ومقاصدها ،وعدم فهم المسائل – خاصة العقدية منها – فهما صحيحا وشاملا، ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : الإعجاب بالرأي واتباع الهوى وترك الهدى وبطر الحق وتسفيه الناس وإن كانوا مصيبين ،قال تعالى {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد:14] , ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : الأثرة وحب الرياسة والزعامة وعدم التنازل للغير وإن كان الأفضل ، وذلك من الركون إلى الدنيا وزينتها ،قال تعالى واصفا حظ النفس ، وحب الدنيا وأثره في التنازع والفشل {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران 152]. ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : وساوس شياطين الجن والإنس- بطانة السوء- وتزييفهم للحق وتزيينهم للباطل وكيدهم للمؤمنين ،قال تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المائدة91] ،وعن المنافقين الذين يحاولون تفريق الأمة من الداخل قال تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة 107] ,وأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه و سلم أن يعالج بنيان الشر هذا بالهدم . ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : سوء الظن والحسد وغيرها من أمراض القلوب التي حذر منها الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : البدعة وهي عكس السنة ,و نتيجة اتباع الهوى ,فالسنة واحدة وهي سبيل الاجتماع ,والبدع كثيرة بكثرة الأهواء وهي سبيل التفرق , قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ،وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ،فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ،وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ”. (رواه أحمد وصححه الألباني) ،ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : عدم التخلق بأخلاق الخلاف التي كان عليها السلف الصالح ، فقد كان الصحابة الكرام والتابعون يختلفون في مسائل واجتهادات ولا يؤثر ذلك في مودتهم لبعضهم ,ولا يزرع الغل والفرقة بينهم لأنهم طلاب حق ،وليسوا متبعي هوى. ومن الأسباب التي تؤدي إلى الفرقة والاختلاف : أسباب خارجية تأتي من دسّ أعداء الأمة وكيدهم وزرعهم للفتن وتنميتها لتمزيق الأمة الإسلامية لكي يسهل السيطرة عليها , ومن هذه الفتن دعوى الحزبية والوطنية والقومية و العلمانية والديمقراطية وغيرها كثير ,فهم قد انتهجوا مبدأ فرق تسد ,قال الله تعالى {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:4].
أيها المسلمون
أما عن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف فهي كثيرة ،وأذكر لكم منها : الضعف والعجز : قال الله تعالى: { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [الأنفال46] ، ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: تسلط أعداء الأمة واستباحتهم لدماء أبنائها وديارهم ومقدراتهم ، وهذا يزيد في ضعف الأمة وتشتتها .
ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: تبدد الطاقات والجهود وانتزاع البركة ،بسبب تشتت الأفراد وعدم الاستفادة من قدراتهم . ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: الضلال والابتعاد عن الحق أو الجهل به ،وذلك نتيجة لرفض كل طرف للآخر واجتزاء الحق، قال تعالى {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون 53] ,ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: سفك الدم الحرام ,وقتل الأنفس المعصومة , وسلب المال الحرام , والوقوع في أعراض المسلمين ,والوقوع في الغيبة و النميمة وغيرها مما حرم الله عز و جل ،ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: غضب الله وعقابه ,واسوداد وجوه المفترقين يوم القيامة ,قال الله تعالى { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } [آل عمران106] , قال ابن عباس رضي الله عنه : تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ،وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة .ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: التفرق والاختلاف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ » رواه البخاري ،ومن المفاسد المترتبة على الفرقة والاختلاف: هلاك الأمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمِ الْفُرْقَةُ” (رواه أحمد).
أيها المسلمون
أما عن وسائل الوحدة والاجتماع وتوحيد الكلمة بين المسلمين فأذكر لكم منها : أولا : من الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : أولا : طاعة الله ورسوله ،وتنفيذ الأوامر والوصايا المتكررة ، ثانيا : من الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : التمسك بالعقيدة الصحيحة والمنهج الوسط منهج أهل السنة والجماعة ،فلا إفراط ولا تفريط ، ثالثا: من الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : الحفاظ على شعائر الإسلام التي يجتمع عليها المسلمون ،والتي تقوي الصلات بينهم ،كصلاة الجماعة ،وكذا الزكاة ففيها تكافل الأمة، والصوم ففيه الشعور بالضعفاء، وكذا الحج فهو مؤتمر الأمة ،و الجهاد الذي فيه عز الأمة ،رابعا : من الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : توحيد المرجعية الشرعية للجوء إليها عند التوافق وعند التنازع ،قال تعالى { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [النساء 59] , ويقيمها بين الناس أهل العلم والاختصاص والإخلاص ،قال تعالى {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء83]. خامسا : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : الشورى : وهي أمر الله الذي التزمه نبيه صلى الله عليه وسلم على ما معه من العصمة والوحي ،وذلك تطيباً للنفوس ،وتعليماً للأمة ،قال الله تعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} آل عمران 159،،و مدح الله المؤمنين بالعمل بها قال تعالى { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} الشورى 38،، فالشورى من أهم الأمور التي تجمع الناس وتلم الشمل ، فهي التي تجعل القرار مشتركاً يتحمل مسؤوليته أهل الحل والعقد من المسلمين ,وتنزع سوء الظن و تزرع الثقة بينهم ،وتكون شوكة أهل الشوكة مع ولي الأمر لا ضده . سادسا : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : الالتفاف حول ما يرمز للجماعة ،ولا تقوم إلا به كالإمام والراية ،فلا يستقيم حال المسلمين ولا تجتمع كلمتهم إلا على إمام واحد منهم ،قال علي بن أَبي طالب رضي الله عنه : “لا بد للناس من إِمارة برة كانت أو فاجرة ، قيل له : هذه البرة عرفناها فما بال الفاجرة ؟! قال : يُؤمن بها السبُل وتُقام بها الحدود ويُجاهد بها العدو ويُقسم بها الفيء” ، سابعا: ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين :التذكير المستمر بأهمية الوحدة والاجتماع عقلا ونقلا ،وذلك يكون بتوجيه العامة ووعظهم في المساجد وغيرها ،والنصح لأولي الأمر ، وحثهم على توحيد الكلمة واجتناب الفرقة وأسبابها ،وبيان أضرار ومفاسد شق الصف ،وعقوبة فاعله من أبناء الأمة في الدنيا والآخرة ، ثامنا : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : اجتناب البغي والحسد ،وترك الهوى وأمراض القلوب التي ينتج عنها خلافات شخصية لا عقدية ، وكلها منبعها حب الدنيا والركون إليها ، تاسعا : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : الإيثار والتنازل للآخر في سبيل توحيد الصف ولم الشمل ،كما فعل الحسن مع معاوية رضي الله عنهم ،فيجب تغليب مصلحة الأمة على حظوظ النفس وأمانيها . عاشرا : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : تقوية أواصر المحبة والمودة والاتصال الدائم ،فبذلك لا تنمو الخلافات لأنها تعالج مباشرة بالاتفاق ، ولا يغلب سوء الظن الثقة لأنه يعالج بالعتاب والتلاوم الدائم ،الحادي عشر: ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : قول الحق في الوقت المناسب ،والطريقة المناسبة ،والابتعاد عن إثارة الأمور الفرعية المختلف فيها إن كانت ستسبب جدلا وفرقة ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : الاعتدال في الحكم على الأشخاص والأخطاء ،فالعصمة للأنبياء ،وكل ابن آدم خطاء ،والأخطاء منها الصغير ومنها الكبير ،ومنها ما هو عن جهالة أو قصد ,ومنها ما هو عن علم واجتهاد ،فلا ينبغي على طالب الحق والداعي إليه ان يغلو في شخص أو رأي فيجعله صوابا و إن كان خطأ ،ولا أن يجفو عن شخص أو رأي فيجعله خطأ وإن كان صوابا ،وإلا لاعتصم كل جاهل بهواه ولأحجم أهل العلم والاجتهاد ، الثالث عشر : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : إنزال الناس منازلهم بتوقير الأكابر واحترامهم ووضع حد للأصاغر والتزامهم التواضع ،فخير الأمة واجتماعها إنما يكون على أهل العلم والحلم منها ،وليس على الرويبضات الذين لا يوقرون عالما ولا يحلمون عن جاهل ، الرابع عشر: ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : تدارك الخلاف ورأب صدع الفرقة من قبل أهل الإصلاح ، وذلك بالحوار وتقريب وجهات النظر ،و السعي على أرض الواقع ، قال تعالى { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } [الحجرات9] ، الخامس عشر : ومن الأسباب المعينة على وحدة المسلمين : التصدي لمحاولات أعداء الأمة لتفريقها وتشتيت شملها ،وذلك بالتصدي لأهل النفاق والضرار الذين يدسون دسائس الاختلاف والتنازع من الداخل وهدم كل بنيان يبنونه لهذه الغاية ،والتصدي لأعداء الامة الخارجيين الذين يسعون لإبقاء الامة في تشتت وضعف لتسهل وتستمر سيطرتهم عليها .
أيها المسلمون
وبعد أن تعرفنا على الأسباب المعينة على وحدة المسلمين ،فثمرات وفوائد الاجتماع ،وتوحيد كلمة المسلمين فهي كثيرة ،ومنها : أولا : القوة والمنعة يتبعها النصر والتمكين ،فالإسلام دين الحق ،وللحق أعداء لا تقوم قائمة الدين إلا بالتصدي لهم ،ولا يكون ذلك إلا بالوحدة والاجتماع الذي هو من الإعداد ،وهذا أمر معلوم بالضرورة عقلا ونقلا ،وهو ما حرص عليه النبي صلى الله عليه وسلم منذ بداية الدعوة ،ثم عندما هاجر إلى المدينة حيث آخى بين المهاجرين والأنصار ،ووضع الوثيقة التي تجعل أهل المدينة يدا على من عاداهم ، ثانيا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : رضا الله عز وجل لامتثال أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ،بالاعتصام والتمسك بحبله ،وهذا يجلب كل خير ويدفع كل شر ،وفيه حياة الأمة وعزها , قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال24]. ثالثا: من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : الهداية إلى الحق وصراط الله المستقيم بتوفيق من الله عز وجل ,قال تعالى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران101]، رابعا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : رحمة الله ونيل فضله وهدايته ومحبته ،قال تعالى : {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} [النساء175] ,وقال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف4] ,فهذه الرحمة وهذا الفضل والهداية والحب خاص بأهل الإيمان والاعتصام قلُّوا أم كثروا . خامسا: من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : معيّة الله عز وجل و ولايته ,ومعيّة المؤمنين , قال تعالى {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج78] ،وقال تعالى {إ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء146] ،سادسا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : البركة في الجماعة ,وذلك في أمور الخير كلها , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً” رواه البخاري, وقَالَ رَجُل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا نَأْكُلُ وَمَا نَشْبَعُ ، قَالَ :” فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُفْتَرِقِينَ ، اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ”.(رواه أحمد). سابعا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : الاستفادة من طاقات أبناء الأمة ووضعها في مكانها المناسب ,فعندما يجتمع أبناء الأمة تحت قيادة واحدة فإنها توزع المهام وتضع كل ذي اختصاص في اختصاصه ،فتتضافر الجهود ويحدث التعاون لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها الأمة . ثامنا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : الثقة بين الأمير والمأمور وينتج عنها الإخلاص ، فباجتماع الأمة على قيادة واحدة لها أمير معروف ومبايع من قبل أهل الحل والعقد ،يضع المسلمون ثقتهم بهذه القيادة التي تعمل لخدمة الأمة أجمع ،لا لخدمة فئة أو طائفة أو شخص ، وبهذا يعطي أبناء الأمة أفضل ما عندهم من عمل وأخلصه لله ،وتستطيع القيادة العمل بثقة ومسؤولية وبسياسة منضبطة بالشرع ولا يكبلها سوء الظن وتدخل أكثر من حزب وأكثر من هوى . تاسعا : من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : كف بأس أبناء الأمة عن بعضهم وتوجيهه ضد أعدائهم ،فبالاجتماع وتآلف القلوب بإذن الله تكون قوة الأمة وعزتها أمام أعدائها ،وبتفرقها وتنازعها يكون ضعفها وذلتها , عاشرا: من ثمرات وفوائد وحدة المسلمين : تبكيت شياطين الجن والإنس وأعداء الدين , فباجتماع الكلمة ورص الصف والتآلف بين المسلمين يكون عزهم وتحقيق أهدافهم ,فلسان الحال يقول لهم ما قال الله تعالى {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران119].
الدعاء