خطبة عن ( من أسباب المغفرة )
فبراير 8, 2016خطبة عن (الابتلاء برغد العيش وشدة المؤنة)
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى (الاستغفار) 1
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } البقرة 199، وقال تعالى :{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ }هود 3 ، وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ – وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ».
إخوة الإسلام
كل ابن خطاء ، وكلنا يضعف أحيانا أمام شهواته فتزل قدم بعد ثبوتها ، وبين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك الأمر مجبول عليه البشر كل البشر ، فروى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ » ،ولهذا فقد فتح الله لعباده باب التوبة ، وشرع لهم الاستغفار ، ومن رحمة الله بعباده أنه سبحانه وتعالى يقبل توبة التائبين ، ويفرح لعودة المذنبين النادمين المستغفرين ، فالمستغفر من ذنبه والصادق في توبته كأنه يقول:( يا رب إني أخطأت وأسأت وأذنبت وقصرت في حقك، وتعديت حقوقك ،وقد جئتك تائباً نادماً مستغفراً، فاصفح عني، وأعف عني، وسامحني، وأقل عثرتي، وأقل زلتي، وأمح خطيئتي، فليس لي رب غيرك، ولا إله سواك ). وإذا كان العبد المسلم ملازما للاستغفار ، فهناك أحوال يتأكد فيها الاستغفار ، بل وتجب فيها التوبة فوراً ، ولا ينبغي التسويف فيها أو التأخير ، لأن العبد ربما اختطفته المنية ، وأدركه الموت ، وهو في معصية ، ولم يتب من ذنبه ، ولم يستغفر من خطيئته ، ولم يقلع عن معصيته ، فعليه البدار ، وعدم التأخير ، فمن دواعي الاستغفار إذا ارتكب العبد الفاحشة أو ظلم نفسه أو ظلم الآخرين : قال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } آل عمران 135-136 ، وقال تعالى : { وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } النساء110 ، ومن دواعي الاستغفار أيضا ، عند الاستسقاء : فلا يُستسقى بمثل الاستغفار ، والتوبة للواحد القهار ، فقد أخرج البخاري في صحيحه قال : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ وَخَرَجَ مَعَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رضي الله عنهم فَاسْتَسْقَى ، فَقَامَ بِهِمْ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ فَاسْتَغْفَرَ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَمْ يُؤَذِّنْ ، وَلَمْ يُقِمْ ). وإذا كان الاستغفار مشروعا في كل وقت ، إلا أن هناك أوقاتا وأحوالا مخصوصة يكون للاستغفار فيها مزيد الفضل ، وكثير الأجر ، فيستحب الاستغفار بعد العبادات ، ليكون كفارة لما يقع فيها من خلل أو تقصير ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثاً ؛ لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو . ويستحب الاستغفار في ختام صلاة الليل وعند السحر : قال تعالى عن المتقين : { كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات 17-18 ] . ويستحب الاستغفار بعد الإفاضة من عرفات، والفراغ من الوقوف بها : قال تعالى : { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ البقرة199 ] . ويستحب الاستغفار ،عندما يقوم الإنسان من المجلس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ ” أخرجه الترمذي ، فينبغي عليكم أيها المسلمون ملازمة الاستغفار في كل الأوقات ، والإكثار منه ليلاً ونهاراً لتحوزوا على فضائله ، وتنالوا خيراته ، وتنهلوا من معينه ، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستغفار ، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكيف بنا ، ونحن لا ندري أيُغفر لنا أم لا ؟ .ففي سنن ابن ماجة بسند جيد عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ رضي الله عنه يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ” طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا ” .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الاستغفار) 1
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعلى المسلم أن يتعرف على صيغ الاستغفار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون استغفاره موافقا للسنة غير مبتدع فيه، فيبدأ العبد بالثناء على ربه ، ثم يثني بالاعتراف بذنبه ، ثم يسأل الله المغفرة ، فعن شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِي اللَّه عَنْه : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ” سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ” قَالَ : مَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ” [ متفق عليه ] . وأخرج الترمذي وأبو داود من حديث بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُنِيهِ عَنْ جَدِّي ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” مَنْ قَالَ : أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ ” [ أخرجه الترمذي ، وأبو داود ، وأحمد ، وقال الألباني رحمه الله : صحيح لغيره ] . وأخرج البخاري في صحيحه من حديث أَبِي مُوسَى رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ : ” رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ ، وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” . وأخرج مسلم في صحيحه من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ ؟ قَالَ : ” لَا يَنْفَعُهُ ! إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ” .
ونستكمل الحديث عن الاستغفار في لقاء قادم
الدعاء