خطبة حول الدعاء وحديث ( نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ )
أكتوبر 28, 2022خطبة حول دعاء الرسول (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ)
أكتوبر 28, 2022الخطبة الأولى : الاعتدال والوسطية وحديث: ( صُمْ وَأَفْطِرْ ،وَقُمْ وَنَمْ ،فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ،وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام البخاري في صحيحه : (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ » . فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَلاَ تَفْعَلْ ، صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ » . فَشَدَّدْتُ ، فَشُدِّدَ عَلَىَّ ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً . قَالَ « فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ » . قُلْتُ وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – قَالَ « نِصْفَ الدَّهْرِ » . (فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -)
إخوة الإسلام
لقاؤنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الكريم ، والذي يرشدنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال ، دين التوازن في أداء الحقوق والواجبات ، فقد كان عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) رجلاً عابداً زاهداً ، يقوم الليل ، ويصوم والنهار ، ولا يضيع وقتاً في غير ذكر الله عز وجل، فلا تكاد تراه يلهو كما يلهو الناس، ولا يستمتع بما يستمتعون به من الحلال الطيب إلا كفافاً، ولا ينام إلا قليلاً، ومع ذلك كان مجاهداً في سبيل الله ، لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب ولا في سِلْم ، وكان شغله الشاعل كتابة القرآن وقراءته، فقد قيل إنه كان يقرأ القرآن كله في يوم وليلة، وكان شغوفاً بالعلم وطلب الحديث ، حتى صار من أكثر الصحابة علماً بالكتاب والسنة ، ففي صحيح البخاري : (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّى ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ) ، وكان عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) قد استأذن النبي (صلى الله عليه وسلم) في أن يكتب ما يسمعه منه ، فأذن له، فكتب ما سمع في صحف كان يسميها “الصادقة” ، فهو إذن صحابي جليل ،جمع بين العلم والعمل ، والعبادة والجهاد، إلا أنه يشق على نفسه كثيراً في الصيام ،والقيام ،والحرمان من المتع المباحة، فأشفق عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم) ودعاه إلى الوسطية بأسلوب حكيم ، يفيض عطفاً وحناناً عليه وعلى أمثاله ، ممن شغلوا بالدار الآخرة عن الحياة الزائلة.
فالوسطية هي منهج الإسلام في جميع الأمور، وهو منهج واقعي يقوم على الاعتدال في كل شيء، فلا إفراط فيه ولا تفريط، ولا ضرر ولا ضرار ،وبين له علة النهي عن الإفراط ، والحكمة في التوسط والاعتدال ، فقال: “فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا… إلى آخرالحديث”؛ ليكون على بصيرة من أمره في تحري العدل بينه وبين نفسه، وبينه وبين زوره – وهو ضيفه – وبينه وبين زوجه، ولكي يأخذ من شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه،
فحق الجسد على صاحبه أن يعطيه قسطاً من الراحة ويلبي رغباته الجنسية باعتدال، ويغذيه بالأطعمة والأشربة المباحة من غير إسراف، ويقيه من شدة الحر والبرد في غير تكلف ولا خيلاء، ويعني بصحته عناية تقيه شر الأمراض والعلل وتجعله قادراً على تأدية وظيفته على نحو مُرض ، ويحليه بالزينة المباحة بقدر وسعه؛ وحق العين إراحتها بالنوم؛ فسهر الليل يُضعِفُ النظر بوجه خاص وسائر الحواس بوجه عام ، وقد جعل الله النوم راحة للأبدان، فلا يستغنى عنه إنسان ولا حيوان، فهو نعمة من أجل النعم ، قال الله تعالى: { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا } (النبأ: 9) أي سكناً وراحة ، والليل هو أفضل الأوقات التي ينبغي أن يأخذ الإنسان فيه قسطاً من النوم، ولا سيما في أوله ، ومن حق العين أيضاً : غضها عن النظر الحرام؛ فإن النظر الحرام يُرهِقُ البصر، ويميت القلب، ويذهب بنور الإيمان وبهاء الوجه ، ومن حق العين كذلك: تمتعُها بالنظر إلى ما في هذا الكون من العجائب الدالة على قدرة الله تعالى؛ فإن ذلك وظيفة من وظائفها لا ينبغي حرمانها منها ، والعين تَقر برؤية ما يدخل على القلب السرور كرؤية الأولاد والأصدقاء، والعلماء والصالحين، ورؤية الماء الصافي والخضرة، والوجوه الحسنة التي تجوز رؤيتها.
وأما حق المزور وهو الضيف : فإنه يقوم على ما تقضي به المروءة، وما يحكم به الشرع الحكيم، وما يجري وفق أعراف الناس ، فمن كان ذا مروءة أكرم ضيفه بما يليق به، وبقدر وسعه وطاقته من غير حلل في الآداب العامة التي يجري عليها العرف ، ومن حق الزائر على المزور أن: يبش في وجهه، ويحييه بتحية الإسلام، ويصافحه، ويحسن لقاءه، ويدخل على قلبه السرور، ويدعو له بخير ، وقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِىَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ».، وفي مسند أحمد : (عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَيُّمَا مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا بَيْدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ تَفَرَّقَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا خَطِيئَةٌ ».، ومن حقه أن يقدم له من الطعام والشرب ما يكفيه بقدر وسعه من غير تكلف ولا إسراف، مع مراعاة الآداب العامة في تقديم ذلك، ومنها تفرغه لاستقباله والإحسان إليه، والاستئناس به ونحو ذلك، فلا ينبغي للمسلم أن يعتزل الناس وينقطع عنهم، ويقضي ليله ونهاره في العبادة، إذ لا رهبانية في الإسلام ، والعبادة ليست في الصلاة والصيام فقط، ولكنها في كل حركة نافعة وعمل مفيد، ولقاء مثمر، وتنزه بريء، ولهو مباح ، ولو انقطع الإنسان عن أبناء جنسه فكيف يستطيع أن يقوم بواجبه نحو أقاربه وأصدقائه وجيرانه، وكل هؤلاء لهم عليهم حقوق ، وقد أمر الله (عز وجل) عباده أن يتعارفوا ويأتلفوا ، ويتعاونوا على البر والتقوى، فكيف يتسنى له ذلك وهو معتكف في محرابه، أو ملازم لبيته يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يَزُورُ ولا يُزَارُ.
وأما حق الزوج – وهو لفظ يطلق على الرجل والمرأة – فهو يخضع في جملته إلى ميزان دقيق غاية في الدقة، يشير إليه قوله تعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ } (البقرة: 228) ، وهذا الميزان يفيد أن لكل من الرجل والمرأة من الحقوق مثل ما عليه من الواجبات ، ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يعفها ويحسن عشرتها، ويحافظ على عرضها ومالها، ويُعني بشئونها الخاصة والعامة بقدر وسعه وطاقته ، ولا بد من وقت يخصصه لها، ومن حقوق الزوج على زوجته أن تَسره إذا نظر، وإن تطيعه إذا أمر، وأن تحفظ عليه ماله وعرضه في حضوره وغيبته، وألا تأذن لأحد من بيته إلا بإذنه، وأن تعفه عن الحرام بحسن تبعلها له، وأخذ زينتها من أجل إرضائه وإدخال السعادة على قلبه.
أيها المسلمون
فالتوسط والاعتدال في الصيام والقيام وغيرهما من العبادات يحفظ على العابد صحته، ويزيد في قوته، ويشد من أزره عند الكبر، فيظل ماضياً على ما كان عليه من أنواع العبادات حتى يلقى الله – عز وجل – ولذلك نصح الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الصحابي بقوله : “وإنك عسى أن يطول بك عمر” أي لعل عمرك يطول فلا تستطيع أن تقوم بما كنت تقوم به من الصيام والقيام وقراءة القرآن، فيشتد حزنك وأسفك على عجزك وعدم قدرتك على ما كنت تقوم به، وتندم فلا ينفعك الندم ، وأشار عليه بأمر وسط لا قصور فيه ولا تقصير، فقال: “وَإِنَّ مِنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَذَلِكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ” ، أي: وإن مما يكفيك عمله زمنك كله أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لم يعينها له، فمتى شاء صامهن من الشهر، وبذلك يكون كمن صام الدهر كله؛ فإن السنة اثنتا عشرة شهراً، وثلاثمائة وستون يوماً تقريباً، فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد نال ثواب صيام السنة كلها؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فما على المسلم إلا أن يتوسط في الأمور ولا يغلو في الدين؛ فإن الغلو في الدين قد أهلك كثيراً من الأمم السابقة ، ولذلك قال – صلى الله عليه وسلم – : “إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ، إِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى”.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولك
الخطبة الثانية : الاعتدال والوسطية وحديث: ( صُمْ وَأَفْطِرْ ،وَقُمْ وَنَمْ ،فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ،وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
كان علي عبد الله بن عمرو أن يقبل هذا العرض من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ولكنه طمع في المزيد، فزاده النبي – صلى الله عليه وسلم، فاعتبر هذا الطلب تشدداً منه بعد أم كبرت سنه ووهن عظمه، وكان يتمنى أن لو اقتصر على ما كان أشار به عليه، فقال: “فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ”، أي فَشَدَّدْتُ على نفسي بطلب المزيد ولم أفطن يومها إلى قوله – صلى الله عليه وسلم – : “وَإِنَّكَ عَسَى أَنْ يَطُولَ بِكَ عُمُرٌ”، وها هو العمر قد طال بي وصرت إلي ما أرى وما يراه أصحابي علي من عجز عن القيام والصيام وقراءة القرآن ، وانظر إلى قوله: “فَشُدِّدَ عَلَيَّ” ببناء الفعل للمجهول – فقد أبهم الفاعل تأدباً مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لا يليق به أن ينسب التشدد إليه وهو الرؤف الرحيم بأمته ، فقال كالمتحسر على عدم قبول النصح يومئذ: فقلت: “فَإِنِّي أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ”، أي أكثر منه؛ طمعاً في المزيد من الجرعة الإيمانية التي يحصل عليها من كثرة الصيام ، ولكن هذه الجرعة كان في مكنته أن يكتسبها بأنواع أخرى من العبادات؛ وذلك بتأدية الحقوق لذويها بالعدل والإنصات ، وكأنه لم يقدر ذلك حق قدره يومها، وهو العالم بسماحة الشريعة ويسرها، ولكن الحب الإلهي قد ملأ شغاف قلبه، فجعله يتصرف هذا التصرف، وأنساه كر الأيام وحوادث الزمان، وتبدل الحال على النحو الذي وصفه الله – عز وجل – في قوله: { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً } (الروم: 54) ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يريد المزيد زاده فقال: “فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ”، أي: فإن أردت المزيد فصم، قَالَ رضي الله عنه: “فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ. قُلْتُ: إِني أُطِيقُ غَيْرَ ذَلِكَ. قَالَ: “فَصُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ”. قُلْتُ: وَمَا صَوْمُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ؟، قَالَ: “نِصْفُ الدَّهْرِ” فقد كان داود عليه السلام يصوم يوماً ويفطر يوماً .
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث من الدروس والعبر، والأحكام والحكم، والآداب الشرعية واللطائف البيانية الكثير والكثير لمن أراد أن يتذكر أو يعتبر، ويقدر الأمور قدرها، ويمسك بيده ميزان الاعتدال والتوسط في أداء الأعمال من عبادات ومعاملات وأخلاقيات ، وأهم هذه الدروس : التوسط والاعتدال الذي ورد ذكره في القرآن والسنة ، فمن الكتاب قوله تعالى: { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } (القصص: 77) ، وقد أمر الله نبيه أن يقوم من الليل ما يطيق فقال:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (المزمل: 1-4) ، وقد أمر الله أمته بما أمره به فقال: { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (المزمل: 20).، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ». قَالَ :وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ).، كما جاء في الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَصِيرٌ وَكَانَ يُحَجِّرُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّى فِيهِ فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَثَابُوا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ ». وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَمِلُوا عَمَلاً أَثْبَتُوهُ.
الدعاء