خطبة عن (قصة قَارُونَ دروس وعبر) مختصرة 1
مايو 17, 2021خطبة عن (الاعتذار، وقبول الاعتذار) مختصرة 1
مايو 18, 2021الخطبة الأولى (الاعتذار، وخطورة رفض الاعتذار) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح مسلم:(أن رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ» ،وقال الله تعالى في وصف المؤمنين (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ، وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) (134) آل عمران، وفي الصحيحين:( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ»، والألد الخصم هو:(المبالغ في الخصومة ،فلا يعتذر، ولا يتقبل الاعتذار)
إخوة الإسلام
قبول الاعتذار والصفح واجب ،لأنه من خلق المؤمنين، وتوقفت معكم في اللقاء السابق عند هذا السؤال :ماذا يحدث إذا لم نعتذر إذا أخطأنا ، ولم نقبل الاعتذار ممن أخطأ في حقنا؟ فأقول : ما أعظم وأخطر الآثار المترتبة على رفض الاعتذار، أو عدم قبول الاعتذار :فكم بسبب ذلك من بيوت خربت ،وكم من قضايا في المحاكم رفعت ،وكم من الأموال ضيعت, وكم من أسر تفرقت ،وكم من نساء طلقت ، وأطفال شردت، وحقوق ضيعت ،بسبب عدم الاعتذار أو قبول الاعتذار، وكم من عداوات دامت ،بل وأثرت على أجيال متعاقبة ، وتسببت في قطيعة الأرحام, وكم من دماء أهريقت بين الناس ,وكان يكفي لوأدها في مهدها كلمة واحدة فقط ،وهي كلمة (الأسف أو الاعتذار), فلِم تتكبر النفوس عن الاعتذار ،وهي التي تعلم أن العودة للحق خير من التمادي في الباطل ،فليس عيبا أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ. فالاعتذار كلمة لو نطقناها بصدق لذابت الحواجز، وزال الغضب ، وداوينا بها قلبا مكسورا ،أو كرامه مجروحة ،ولعادت المياه إلي مجاريها في كثير من العلاقات المتصدعة،(أنا آسف)،(حقك علي) (أخطأت في حقك فسامحني) إنها كلمات سهلة وبسيطة وصادقة ،تنمي الحب والمودة والتسامح والعفو الجميل ،فتعود العلاقات الأسرية والاجتماعية المتصدعة أكثر قوة وترابطاً ،
أيها المسلمون
إننا لا نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار ,ولكننا نكابر ونتعالى ونعتبر الاعتذار هزيمة أو ضعف ,وانتقاص للشخصية ،أو المركز والمنصب ،فالزوج تأخذه العزة بالإثم إذا أخطأ في حق زوجته فلا يعتذر لها ،وهي كذلك لا تعتذر له ، والمدير لا يعتذر للموظفين إذا حدث منه خلل وتقصير في حقهم ،ظنا منه أن مركزه لا يسمح له بذلك ،والمعلم والمعلمة لا يعتذروا للطالبة ،لأن ذلك في زعمهم سوف ينقص من احترام الطلبة لهم ،والطبيب لا يقف معتذراً ونادماً على خطأ أرتكبه في حق مريضه ،حتى لا يشوه سمعته ،والجار لا يعتذر لجاره ويعتبر ذلك ضعف منه ،فمن علّمنا أن الاعتذار ضعفٌ وإهانةٌ ومنقصة؟ ومن علّمنا أن نقتل بداخلنا هذه الصفة النبيلة؟ ومن علّمنا أن في الاعتذار جرحٌ للكرامة والكبرياء؟ فكل ذلك خطأ ولا يقره دين ولا شرع، ألا فتخلقوا بهذا الخلق، فإننا بحاجة ماسة إلى تربية أنفسنا على ثقافة الاعتذار ،وطلب العفو والتسامح ممن قصرنا أو أخطأنا في حقهم ، بقصد أو بدون قصد ،حتى يستمر العطاء ،وتزداد الروابط ، وتطيب النفوس ،وتنجز الأعمال ،وحتى يُعرف مكان الخطأ ،ويتجنب الجميع تكراره، ويسلم المرء والمجتمع من تبعات العناد ، والكبر والإصرار على الخطأ ،الذي قد يدمر مجتمعات وأمما وشعوبا وحضارات ،وأهم من ذلك كله ،أن المرء ينجو باعتذاره عما بدر منه تجاه الآخرين من تبعات السؤال بين يدي الله يوم القيامة ففي صحيح مسلم : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الاعتذار،وقبول الاعتذار)2
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومع أن الاعتذار خلق حسن، ولكن الأحسن منه أن تحذر من الوقوع فيما يجعلك مضطرًا للاعتذار، ففي مسند أحمد : (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ عِظْنِي وَأَوْجِزْ. فَقَالَ « إِذَا قُمْتَ فِي صَلاَتِكَ فَصَلِّ صَلاَةَ مُوَدِّعٍ وَلاَ تَكَلَّمْ بِكَلاَمٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَداً وَاجْمَعِ الإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيِ النَّاسِ». نعم. فلا تنتظر من نفسك أن تسيء لتعتذر، ولكن تجنب الأفعال والأقوال التي تلجئك للاعتذار ، ويمكن أن يكون الاعتذار توضيحًا للموقف، أو بيانًا للقصد. فقد كان الأنصار عند فتح مكة، قد توقعوا ميل النبي صلى الله عليه وسلم للإقامة مع قومه في مكة بعد الفتح، ففي صحيح مسلم :(فَقَالَتِ الأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ) فلما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قَالَ «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ». قَالُوا قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَالَ «كَلاَّ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ، وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ ،وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ »فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِى قُلْنَا إِلاَّ الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ» أما عن جزاء المتخلقين بخلق الاعتذار وقبول الاعذار ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ ».
الدعاء