خطبة عن (خطورة رفض الاعتذار) مختصرة
مايو 18, 2021خطبة حول (سُئل فأجاب) مختصرة
مايو 19, 2021الخطبة الأولى (الاعتذار، وقبول الاعتذار) مختصرة 1
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي :(عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» إخوة الإسلام
هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،أن الخطأ صفة ملازمة للإنسان ،فهي لا تنفك عنه ،لأن الله تبارك وتعالى خلق الانسان ضعيفا ،وخلق الانسان عجولا ،والضعف والعجلة صفات نقص ،وصفات النقص لابد وأن تتولد منها الأخطاء والزلات ،والسؤال : لماذا خلق الله الانسان ناقصا خطاء ؟ ،والجواب: لكي يتعبد الله بالتوبة والرجوع إليه، وليتذلل بين يديه وليقف على رحمته سبحانه وعفوه ولطفه، ففي الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ،وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ»، فإرادة الله وحكمته أن يعمر الأرض بقوم يُخطئون، ثم يتوبون ، فيتوب الله عليهم، ففي صحيح مسلم 🙁قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ».. وليس معنى هذا أن نتعمد الخطأ، بل أنت ملزم شرعًا بطاعة الله ،وألا تخطئ في حق الآخرين ، فإن كان خطأك في حق الله ،فعليك بالتوبة والندم ،والاقلاع عن الذنب والاستغفار،
أما إذا كان الخطأ في حق البشر ،فعليك بالاعتذار، والأسف عما وقع منك ،فالاعتذار من صفات المتقين ،وقبول الاعتذار من صفات المطهرين ،وفي قصة يوسف مع إخوته ،لما أخطأوا اعتذروا ليوسف 🙁قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) يوسف (91) ،واعتذروا لأبيهم :(قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) يوسف (97) ، وقد اعتذر من قبل أبونا آدم ،وأمنا حواء: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) الأعراف ،
وعلى هذا فالاعتذار للآخرين صفة حميدة ، وخلق راق ،وسمة من سمات الصالحين ، والاعتذار من أقوى الصفات التي تدل على التواضع والتسامح ،فعلينا بالاعتذار عند الخطأ ،كما يجب علينا قبول الإعتذار والأعذار ،والعفو عن المخطئين ،وليس الاعتذار دليل ضعف ،أو غباء كما يظن البعض، بل هو القوة، والثقة، والنقاء ، والصفاء، والحب، والود، فالاعتذار لمن أخطأت في حقه يُزيل الأحقاد ،ويقضي على الحسد ،ويدفع عن صاحبه سوء الظن به، وشجاعة الاعتذار لا يتقنها إلَّا الكِبار، ولا يحافظ عليها إلا الأخيار، ولا يغذِّيها وينمِّيها إلَّا الأبرار، لأنها صِفة نابعة من قَلبٍ أبيضَ، لا يَحمل غشًّا، ولا يضمر شرًّا، ولا يتقن حقدًا ،فمَن عرَف خطأَه واعتذر عنه، فهو كبير في نَظر المؤمنين، والرُّجوعُ إلى الحقِّ فضيلة؛ وما أجمَلَ أن تكون مسارعًا إلى الخير، رجَّاعًا إلى الحق.
أيها المسلمون
وإذا كان الاعتذار من شيم الأبرار ،فإن قبول الاعتذار وعدم رده لهو من خلق المؤمنين الأخيار ،فقبول الاعتذار يحض الناس على الاعتذار متى أخطأوا ،والإصرار على الملامة والعتاب يجعلهم يُصرون على الخطأ ،ويأبون الاعتراف به، وبقبول الاعتذار يزيدك الله رفعة وعزا ،ففي صحيح مسلم:( عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ » ،فقبول الاعتذار والصفح واجب ،لأنه من خلق المؤمنين ،قال الله تعالى في وصف المؤمنين (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ، وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) (134) آل عمران، وفي الصحيحين:( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ»، والألد الخصم هو:(المبالغ في الخصومة ،فلا يعتذر، ولا يتقبل الاعتذار) ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الاعتذار، وقبول الاعتذار)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فعدم قبول الاعتذار والأعذار ليس من صفات المؤمنين ،فعن جابر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :” من اعتذر إلى أخيه فلم يعذره ، أو لم يقبل عذره ;كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس” والماكس هو الذي يأخذ أموال الناس ظلماً (رواه البيهقي في ” شعب الإيمان “وروي عن عائشة مرفوعا :”من اعتذر إلى أخيه المسلم فلم يقبل عذره لم يرد على الحوض) رواه الطبراني في الأوسط . وروي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ألا أنبئكم بشراركم ؟ قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله، قال : الذين لا يقيلون عثرة ،ولا يقبلون معذرة ،ولا يغفرون ذنبا) رواه الطبراني وغيره ،وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك محقا كان أو مبطلا ،فإن لم يفعل لم يرد على الحوض” رواه الحاكم ،والتنصل هو الاعتذار
أيها المسلمون
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في الاعتذار ،وفي قبول الاعتذار ،فنراه صلى الله عليه وسلم حينما عبث في وجه الاعمى (عبد الله بن ام مكتوم) اعتذر له وقال (مرحبا بمن عاتبني فيه ربي), ولنا فيه صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في قبول الاعتذار فكان لا يرد معتذرا, ففي مسند أحمد :(أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :«إِنَّ الإِسْلاَمَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَإِنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا) ومن قبول رسول الله للأعذار موقفه من مشركي مكة يوم الفتح ,فعليك أخي، بقبول عُذر أخيك إذا قدم لك الاعتذار يقول الحسن (لو أن رجلاً شتمني في أذني هذه ،واعتذر إليَّ في الأخرى لقبلت عذره)، ولكن ماذا لو لم نعتذر ولم نقبل الأعذار؟ نتعرف على ذلك في اللقاء القادم إن شاء الله ،
الدعاء