خطبة عن ( البيع المحرم وأسبابه )
أبريل 5, 2017خطبة عن ( هل الدنيا ممدوحة أم ملعونة )
أبريل 5, 2017الخطبة الأولى ( البيع المحرم )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة 275، وقال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) النساء، وفي صحيح البخاري : (عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا – أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا – فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا » ،وفي صحيح البخاري أيضا : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ »
إخوة الإسلام
من المعاملات التي أقرها الإسلام ، البيع والشراء ، وذلك لما فيه من مصالح دنيوية ، وتحقيقا لأغراض الناس العامة والخاصة ، قال الله تعالى في محكم آياته : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة 275، فلقد أباح الإسلام كل شيء يجلب الخير والبركة والنفع المباح، وحرم بعض البيوع والأصناف؛ لما في بعضها من الجهالة والغرر، أو الإضرار بأهل السوق، أو إيغار الصدور، أو الغش والكذب، أو ضرر على البدن والعقل ونحوها مما يسبب الأحقاد والتشاحن والتناحر والأضرار، وللبيع أركان أهمها : الإيجاب والقبول ، فمتى اشتمل البيع على قبول الطرفين البائع والمشتري ، ورضاهم بما اتفقا عليه كان البيع صحيحا ، وكما بينت لكم، فإذا كان الشرع قد أحل البيع ، فهناك صور للبيع يقع فيها ظلم وغرر لطرف من الأطراف لذلك حرمها الاسلام ، ومن هذه البيوع المحرمة : بيع الثمر قبل بدو وظهور صلاحه ، وذلك لما فيه من الظلم ، إذ من المتوقع أن يصاب الثمر إن كان تمرا أو فاكهة أو غيره بمرض، أو يتعرض المحصول للأعاصير أو الغرق أو خلاف ذلك ، فيتلف المحصول ، ويحدث ظلم للبائع أو للمشتري ، ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما – . نَهَى النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ) ،وفيه : ( عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – نَهَى أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةُ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى حَتَّى تَحْمَرَّ) وفي رواية (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما – قَالَ نَهَى النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ حَتَّى تُشَقِّحَ . فَقِيلَ مَا تُشَقِّحُ قَالَ تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا ) ، وفي سنن الترمذي والنسائي : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلَةِ حَتَّى تَزْهُوَ وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِىَ. ) ، وروى الترمذي وغيره : (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ ) ، وهكذا يتبين لنا من عدة هذه الروايات أنه لا يجوز بل يحرم بيع الثمر قبل صلاحه ولكل ثمر علامة على صلاحه ، وذلك لما فيه من الظلم لأحد الطرفين ،ومن الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس ، أن يبيع الثمار لأعوام قادمة ، وفي ذلك غرر وظلم ، فقد تقل الثمار أو تزيد من عام لآخر فبِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ، وفي صحيح البخاري : (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ التَّمْرِ حَتَّى تَزْهُوَ . فَقُلْنَا لأَنَسٍ مَا زَهْوُهَا قَالَ تَحْمَرُّ وَتَصْفَرُّ ، أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَ أَخِيكَ ).. ومن البيع المحرم بيع المسلم على بيع أخيه ، وصورته : أن يغري رجل البائع على الرجوع في بيعه ليزيده في الثمن ، وذلك بعدما تم البيع الأول ، وفي مسند أحمد :(عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ » ، وفي رواية للنسائي :(عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ ». ولكن ، إذا لم يتم البيع الأول ، فيجوز بيع المزايدة ، وصورته ،أن يعرض البائع سلعته على الناس في مزاد علني ( ويقول: من يزيد ) ففي سنن البيهقي والمستدرك وغيره 🙁 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- نَادَى عَلَى حِلْسٍ وَقَدَحٍ فِيمَنْ يَزِيدُ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمًا وَأَعْطَاهُ آخَرُ دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَهُ.)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( البيع المحرم )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن البيع المحرم : بيع المضطر ، فإذا اضطر إنسان إلى بيع ما يملكه ، لضرورة من ضرورات الحياة ، فلا يجوز للمشتري أن يستغل ظروفه ، ويدفع فيه أقل من ثمنه ، بل عليه أن يشتريه بالثمن المتعارف عليه ، قال تعالى (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة 237، وفي سنن البيهقي (خَطَبَنَا عَلِىٌّ فَقَالَ : يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُقَدَّمُ الأَشْرَارُ لَيْسَتَ بِالأَخْيَارِ وَيُبَايَعُ الْمُضْطَرُّ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهُ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ وَبَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ ) ،وبيع الغرر المنهي عنه ، هو بيع ما لا يعلم قدره ولا صفته ، ففي الترمذي وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الْحَصَاةِ.) ، ومن بيع الغرر ما تقوم به بعض الجهات بوضع أرقام أو أسماء في مظاريف مغلقة ، وبعد شراء هذه المظاريف تكون السلعة لمن يكسب ، ومن لا يجد شيئا فلا سلعة له ، ومن بيع الغرر بيع السمك فالبحر ، والطير في الجو إذا كان غير محاز ((فعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر )) رواه الطبراني ، ومن البيع المحرم : بيع النجش ، والنجش : هو مدح السلعة ، والزيادة في سعرها ، لإغراء الناس على شرائها بأكثر من سعرها ، وهو خداع محرم ، ففي صحيح البخاري ومسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ ، وَلاَ تَنَاجَشُوا ، وَلاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ ، وَلاَ تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا) ، ويدخل في بيع النجش البائع الذي يقول عن بضاعته أنها مستوردة من كذا ، وهي ليست كذلك ، أو يقول :لا يوجد مثيلها في السوق ، وهي ليست كذلك ، ولنا مع البيع المحرم لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء