خطبة عن قوله تعالى (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)
أبريل 20, 2019خطبة عن (عودوا إلى الإسلام لتسلموا وتغنموا)
مايو 14, 2019الخطبة الأولى ( أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين البخاري ومسلم ( عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الهدي النبوي الشريف ، والذي يحذرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللدد والخصومة : بقوله صلى الله عليه وسلم : « أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ » ،والألد الخصم : هو الدائم في الخصومة ، أو ” الشديد الخصومة ” ، فكثرة المخاصمة تفضي غالبا إلى ما يذم صاحبه، أو يخص في حق المسلمين بمن خاصم في باطل ويشهد للأول حديث : (كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما) أخرجه الطبراني ، فالخصومة واللدد والجفاء صفة ذميمة ،ومظهر من مظاهر سوء الخلق، وهو يورث التفرق والوحشة بين الناس ،و يقطع ما أمر الله به أن يوصل، والجفاء قد يكون طبعا ،وقد يكون تطبعا وكلاهما سيئ، والمؤمن الحق يتدارك نفسه بالبعد عن أسبابه وصوره، وقد وردت النصوص تذم اللدد والخصومة والجفاء ، وتنفر منه، قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (آل عمران:159). والخصومات أعظم ما تكون محرمة إذا كانت الخصومات في الدين، ففي سنن الترمذي :(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَفَى بِكَ إِثْمًا أَنْ لاَ تَزَالَ مُخَاصِمًا ». فلا يجوز للإنسان أن يكون مخاصما في الدين، ولا يعرض دينه لكثرة الخصومات ، وهناك العديد من الأحاديث التي حذر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من الخصومة ، ومنها : ما رواه مسلم 🙁عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ». وشدد في النهي فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه» صحيح الجامع. وبين صلى الله عليه وسلم أن من صفات النفاق المبالغة في الخصام ففي الصحيحين: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ » ، ومعنى إذا خاصم فجر: أي بالغ في الخصومة.
أيها المسلمون
ولم يعهد أن أهل العلم حين يختلفون يتخالفون ، بل هم إذا اختلفوا تآلفوا، وأما أهل القصور والنقص والجهل إذا اختلفوا تعادوا كما هو المشاهد الآن، فنراهم يتعادون ثم يتبغاضون، ثم يتدابرون، ثم يتحاسدون، وهذه من أعظم المصائب، نعم يتجادلون ويتمارون عند كل صغيرة وكبيرة ،لا لجلب مصلحة، ولا لدرء مفسدة، ولا لهدف الوصول إلى الحق والأخذ به، وإنما رغبةً في اللدد والخصومة، وحبَّاً في التشَّفي من الطرف الآخر، ولهذا تجد الواحد من هؤلاء يُسَفِّه صاحبه، ويرذل رأيه، ويرد قوله. فلا يمكن – والحالة هذه – أن يصل المتجادلون إلى نتيجة طالما أن الحق ليس رائدَهم ومقصودَهم. فالجدال والمراء على هذا النحو مجلبة للعداوة، ومدعاة للتعصب، ومطية لاتباع الهوى، بل هما ذريعة للكذب، والقولِ على الله بغير علم ،خصوصاً إذا كان ذلك في مسائل الدين، وهذا من أقبح الأفعال ،ولما كان هذا هو شأن الجدال والمراء والخصومة واللدد ، فقد تجنب السلف الصالح ذلك، وحذَّروا منه، وورد عنهم آثار كثيرة في ذلك ، ومنها : قال ابن عباس – رضي الله عنهما: «كفى بك ظلماً ألا تزال مخاصماً، وكفى بك إثماً ألا تزال مماريا». وقال ابن عباس لمعاوية – رضي الله عنهما -: «هل لك في المناظرة فيما زعمت أنك خاصمت فيه أصحابي ؟ قال: وما تصنع بذلك ؟ أَشْغَبُ بك وتشغب بي، فيبقى في قلبك ما لا ينفعك، ويبقى في قلبي ما يضرك». وجاء في الدر المنثور للسيوطي : قول عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه : لا تصحب الفجّار، لتعلم من فجورهم، واعتزل عدوّك، واحذر صديقك إلّا الأمين، ولا أمين إلّا من خشي اللّه، وتخشّع عند القبور. وذلّ عند الطّاعة، واستعصم عند المعصية واستشر الّذين يخشون اللّه) . وقال ابن القيّم- رحمه اللّه- في الفوائد : سبحان اللّه، في النّفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتوّ عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان، وهوى بلعام، وحيل أصحاب السّبت، وفجور الوليد، وجهل أبي جهل). وفي كتاب الصمت لابن أبي الدنيا : عن إبراهيم بن يزيد التّيميّ؛ قال: المؤمن إذا أراد أن يتكلّم نظر، فإن كان كلامه له تكلّم، وإن كان عليه أمسك عنه. والفاجر إنّما لسانه رسلا رسلا) . وقال ابن أبي الزناد: «ما أقام الجدلُ شيئاً إلا كسره جدلٌ مثله». وقال الأوزاعي: «إذا أراد الله بقوم شراً ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل». وقال الأصمعي: «سمعت أعرابياً يقول: من لا حى الرجال وماراهم قلَّتْ كرامته، ومن أكثر من شيء عُرِف به».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأخرج الآجُرِيُّ بسنده عن مسلم بن يسار – رحمه الله – أنه قال: «إياكم والمراءَ، فإنه ساعةُ جهلٍ العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته». وورد عن عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – أنه قال: «من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل». وقال عبدالله بن حسين بن علي – رضي الله عنهم: «المراء رائد الغضب، فأخزى الله عقلاً يأتيك بالغضب» . وقال محمد بن علي بن حسين – رضي الله عنهم: «الخصومة تمحق الدين، وتنبت الشحناء في صدور الرجال». وقيل لعبدالله بن حسن بن حسين: «ما تقول في المراء ؟ قال: يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن يكون دريئة للمغالبة، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة». وقال جعفر بن محمد: «إياكم وهذه الخصومات، فإنها تحبط الأعمال». وقيل للحكم بن عتيبة الكوفي: «ما اضطر الناس إلى هذه الأهواء؟ قال: الخصومات».
الدعاء