خطبة حول قوله تعالى (قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْر)
يوليو 22, 2023خطبة عن (عاشوراء وشكر المنعم)
يوليو 25, 2023الخطبة الأولى (لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ – رضي الله عنه – يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ »
إخوة الإسلام
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم متألقاً في أخلاقه العلية، ومتلألئاً في شمائله السنية، ومكتملاً في خصاله الذاتية، ومعصوماً من جميع ما يعاب به الناس في الخَلقِ والخُلُق، ولقد أثنى الله تعالى عليه في كتابه العزيز ثناء ما بعده ثناء، ورفع من شأنه في الأولين والآخرين، فقال جل شأنه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4). ، وفي هذا الحديث الذي هو بين أيدينا اليوم ، ينهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخطر أنواع الإطراء ،فقال صلى الله عليه وسلم : « لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ » ،أي : لا تقولوا في وصفي ومدحي والثناء علي مثل ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم ، تقصدون بذلك مدحي والثناء علي، فأنا عبد الله ورسوله، فقولوا ذلك، ولا تقولوا قولاً يتعارض مع هاتين الصفتين (العبودية ،والرسالة) وهما أعظم الصفات على الإطلاق، فالعبودية وظيفة الخلق أجمعين، والرسالة اصطفاء لمن شاء الله من عباده المخلصين، والله واحد لا شريك له ، ولا ولد، وله الكمال المطلق ،والتنزيه التام، فلا ينبغي أن يقال للرسول صلى الله عليه وسلم إلا ما أمر الله تعالى بقوله، فلا تكونوا كالنصارى ،فإنهم قد ضلوا سواء السبيل، ورفعوا نبيهم عيسى ابن مريم (عليه السلام ) إلى ما ليس له بمقام، فوضعوه من حيث أرادوا أن يرفعوه، وهو بريء مما قالوه فيه ،ونسبوه إليه، فقالوا عنه (هو الله وابن الله ، وثالث ثلاثة و..) .
فإطراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهى عنه هو الغلو في مدحه صلى الله عليه وسلم، وذلك بأن يُمدح بما هو من خصائص الألوهية ، كأن يرفع إلى مقام الإله، أو يُعطى بعض صفات الله ،كما فعلت النصارى بنبيهم ، وكما قالت امرأة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تمدحه: (وفينا نبي يعلم ما في غد). ففي صحيح البخاري : (قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ . جَاءَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَدَخَلَ حِينَ بُنِىَ عَلَىَّ ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّى ، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ . فَقَالَ « دَعِي هَذِهِ ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ » وهكذا نهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقول ذلك، لأن علم الغيب من خصائص وصفات الله، وقد أمر الله رسوله أن يقول: [وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ] (لأعراف: 188).، فلا يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغيب إلا ما علمه الله، أو أن يستغاث به، أو يدعى من دون الله ،أو أن يمدح بالكذب كما مدحه بعضهم بأن القمر انشق ونزل يسلم عليه، فانشقاق القمر حدث معجزة له، ولكن لم ينزل ليسلم عليه، نعم هو رسول الله ، وهو حبيب الله ، وهو خليل الله ، ونبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء والمرسلين، وهو سيد ولد آدم أجمعين، وهو صاحب المقام المحمود، والحوض المورود, وأول من تفتح له أبواب الجنة، وهو أول من ينال أعلى منازلَها، وهو صاحب الشفاعة العظمى .. إلى غير ذلك من فضائله وخصائصه صلوات الله وسلامه عليه، ومع ذلك فهو أيضا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ محمد بن عبد الله، وهو رسول الله، نبيه وعبده، ولا يتجاوز هذه المنزلة، كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (الكهف: 110)، وفي صحيح الأدب المفرد للبخاري ، ومسند أحمد : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَجَعَلْتَنِي وَاللَّهَ عَدْلاً بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ »، (وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا وَيَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا. فَقَالَ : « قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلاَ يَسْتَجْرِكُمُ الشَّيْطَانُ أَوِ الشَّيَاطِينُ – قَالَ إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ – أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ». رواه أحمد وصححه الألباني.
أيها المسلمون
لقد خلق الله تعالى البشرية لتوحيده ، وعبادته، فقال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، وقال الله تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (البيِّنة:5) ،ثم مرت على البشر حقبة من الزمن ضلّوا عن التوحيد ،وحادوا عنه، كما روى مسلم في صحيحه : (عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ « أَلاَ إِنَّ رَبِّى أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ). ، فكانت بداية الشرك من الغلو في الصالحين ،وإنزالهم فوق منزلتهم، والاعتقاد بأنهم يعلمون الغيب، وأن الخير والنفع بيدهم، ويأتي عن طريقهم وبواسطتهم، ولذلك قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (نوح:23): “هي أسماء رجال صالحين من قوم نوح، عليه السلام، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسِخَ العلم عُبِدَت من دون الله تعالى ،
وهذا هو ما خشيه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته من بعده ، فنهاهم عن الاطراء في المدح والثناء ، للرسل أو لغيرهم من الصالحين ، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن أمتنا ستقلد الأمم السابقة ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ » . قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ « فَمَنْ » ، ومن مظاهر متابعة أمتنا للأمم السابقة: غلو البعض في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذا الغلو في بعض الصالحين ، بتوجههم لهم بالدعاء، واعتقادهم أنهم يعلمون الغيب، أو بيدهم النفع والضر، ونسي هؤلاء قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:188)، وقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (الأنعام:59) ، فليس من الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلو فيه ،والتجاوز في مدحه، ولكن من الواجب علينا حبه ، واتباعه ، والسير على سنته ،فحب الرسول صلى الله عليه وسلم فرض واجب على كل مسلم ، ففي الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم حقوق علينا ، ومنها : أولا : تصديقه والإيمان به، وطاعته وعدم مخالفته، قال الله تعالى: {فَآَمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ} (التغابن:8)، وقال الله تعالى : {وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آل عمران:132) ، وقال الله تعالى : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} (آل عمران:31)، وقال سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور:63)، وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ، إِلاَّ مَنْ أَبَى » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ « مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ») رواه البخاري.
ثانيا : ومن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته : محبته صلى الله عليه وسلم، وحب ما يحبه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ». رواه مسلم، وقد روى البخاري في صحيحه : (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِى . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ » . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « الآنَ يَا عُمَرُ » .
ثالثا : ومن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته : توقيره وتعزيره، قال الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (الفتح 9:8) ، قال ابن تيمية: “التعزير: اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه، والتوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار”، وقال ابن كثير: “التوقير: هو الاحترام , والإجلال, والإعظام”، وخير تعظيم لرسول الله تعظيم أمره وهديه وسنته.
رابعا : ومن حقوق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته : الصلاة والسلام عليه، لقول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب:56) ، قال القرطبي: “والصلاة من الله رحمته ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره”، وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما مِنْ عبدٍ يُصَلّي عليَّ إلَّا صَلَّتْ عليه الملائكة، ما دام يصلي عليَّ، فلْيُقِلَّ العبدُ من ذلك أوْ لِيُكْثِرْ) رواه أحمد وحسنه الألباني، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ نَسِيَ الصَّلاة عَلَيَّ، خَطِيءَ طريق الجنة) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويؤخذ من هذا الحديث أن حب النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان فرضاً علينا لا يحملنا على أن نبالغ في إطرائه إلى الحد الذي يخرجه عن بشريته وعبوديته ورسالته، ولا يحملنا أيضاً على أن نأتي بأفعال كان يفعلها الأعاجم مع ملوكهم، وكذلك لا ينبغي أن نبالغ في تعظيم العلماء والأولياء والصالحين والأمراء إلى الحد الذي يخرجنا عن العقيدة الصحيحة ،بحيث يحملنا تواضعنا للعلماء والصالحين والولاة أن نأخذ أقوالهم قضايا مسلمة من غي تمحيص ولا تحقيق، فذلك لا يعتبر تواضعاً بل هو من باب التقليد الأعمى ، ولا يحملنا تواضعنا للأولياء إلى الحد الذي نجعل لهم مع الله في ملكه شأنا ،فنتوسل بهم إلى الله، أو نذهب إليهم نطلب منهم الدعاء ،اعتقاداً منا أنهم واسطة بيننا وبين الله ،وننسى قوله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } (البقرة: 186). ، وإن طلبنا منهم الدعاء وهم أحياء من غير أن نعتقد أنهم واسطة بيننا وبين الله فلا بأس ،ولا يحملنا تواضعنا للأمراء على مداهنتهم، ونفاقهم، وطاعتهم في معصية الله، والرسول صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى والأسوة الحسنة، وهو المعلم الأول، بعثه الله هدى ورحمة للعالمين .
الدعاء