خطبة عن الصحابي: (ربعي بن عامر التميمي)
ديسمبر 9, 2017خطبة عن حديث ( الْوُضُوءُ شَطْرُ الإِيمَانِ)
ديسمبر 9, 2017الخطبة الأولى ( التدخين وأضراره )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) (29) :(31) النساء ،وقال الله تعالى : (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة 195، وروى الترمذي في سننه : (عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ »
إخوة الإسلام
لقَدَ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ الاسلامية عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ وُضِعَتْ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ، وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالنَّسْلُ، وَالْمَالُ، وَالْعَقْلُ ـ وذلك ليعيش المسلم في هذه الدنيا آمنا مطمئنا يعمل لدنياه وآخرته ويعيش المجتمع المسلم أمة واحدة متماسكة كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، وللمحافظة على هذه الضروريات الخمس ، فقد أحل الله لعباده الطيبات ، وحرم عليهم الخبائث ، فقال الله تعالى : {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف: 157)، فاحل الله لنا كل ما هو نافع ، وحرم علينا كل ما هو ضار ، وفي سنن ابن ماجة : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ ». ومن المعلوم أن التدخين حرمته الشريعة؛ لأنه من الخبائث وقد قال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف:157)، فهو محرم لأنه ضار بالصحة ويسبب للوفاة، وقد قال الله تعالى: { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٢٩﴾ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (النساء:29-30)، والأدلة على حرمة التدخين كثيرة ، ولا يتسع المجال هنا لذكرها،
أيها المسلمون
فالتّدخين يُعتبر آفة من آفات العصر الّتي ابتلي بها الفرد والمجتمع لكثرة أخطاره وأضراره، حتّى أطلق عليه البعض مسمّى “طاعون العصر”. وقد أوضحت أبحاث بعض المتخصّصين أنّ الدوافع التي تؤدّي إلى أن يكون الشّخص مدخّنًا كثيرة، ومنها: الرّغبة لدى المراهق بالظهور بمظهر الرّجل، ومحاولة التّقليد، والفراغ وقلّة الإلمام الكافي بأضرار التّدخين، إضافة إلى عدم الاهتمام والرّعاية الصحيّة الكافية، ما يجعل الفرد مدخّنًا، والإهمال الأسري، ورفاق السّوء، وهذا الدّاءَ خبيثٌ بمَعنى الكلمة وبما تحمِله كلُّ هذهِ الكلِمة من مَعنى، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته : {وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} النساء 2، فالتدخين داء خَبيثٌ بكلّ ما تحمِلُه الكلِمةُ من مَعنى؛ خبيثٌ في الرّائحة، وخبيث في الآثارِ والأضرار التي يسببها ، ومنها : أضراره على البدن: فهو يضعفه بوجه عام ويضعف القلب ويسبّب مرض سرطان الرّئة ومرض السُّلّ ومرض السّعال في الصّدر ويجلب البلغم والأمراض الصّدرية، ويضعف العقل بحيث يصبح المدخن ذا حماقة ورعونة غالبًا، ويسبّب صداع الرّأس ويقلّل شهوة الطّعام ويفسد الذّوق والمزاج، ويفتر المجموع العصبي ويضعف شهوة النّكاح، ويشوّه الوَجه بحيث يجعله كالاً وتظهر على صاحبه زرقة وصفرة تعمّ بدنه. وأما فيما يتعلّق بالذّكاء والتّفكير والحفظ، فمن الثابت أنّ التّدخين يضعف الذّاكرة ويوهن النّشاط الذِّهني، وأنّ النّشاط الّذي يعتقده المدخّن لدى تدخينه سيجارته ما هو إلاّ وَهمٌ من الخيال لأنّه شعور كاذب بازدياد الحيوية يحدث لوقت قصير جدًّا. وعلى صعيد حواس الإنسان الخمس، فكلّنا يعلَم أنّ المدخّنين أقلّ مقدرة على شمّ الرّوائح وتذوّق الأطعمة، ويسبّب التّدخين زيادة في إفراز الدّمع، كما يسبّب حدوث الالتهابات بالأجفان … وأمّا ضرره في المال : فاسأل مَن يتعاطاه كم ينفق فيه من دنانير في كلّ يوم، وقد يكون فقيرًا ليس عنده قوت يومه وليله، ومع هذا فهو يقدّم الدخان على شراء غيره من الضّروريات ولو ركبته الدّيون الكثيرة. ثمّ إنّ شارب الدخّان يسيء إلى مجتمعه ويسيء إلى كلّ مَن جالسه وصاحبه بحيث ينفخ الدخّان في وجوه النّاس، يخنق أنفاسهم ويضايقهم برائحته الكريهة حتّى يفسد الجوّ من حولهم، بل إنّ التّدخين يؤذي الملائكة الكرام ففي الصّحيحين عن جابر أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنّ الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم”، ومن مضار الدخان الاجتماعية : أنّه يستنزف ثروة الأمّة وينقلها إلى أيدي أعدائها من الشّركات الّتي تصدّر هذا الأذى الخبيث. أما عن أضرار المدخنين بمن حولهم وهو ما يسمى ( بالتدخين السلبي ) : فتجزم الدراسات أن المدخنين يستنشقون 15 بالمائة فقط من دخان السجائر، فيما ينتشر 85 بالمائة من الدخان المتصاعد في الجو، ويهدد حياة غير المدخنين في أماكن العمل والأماكن العامة، وللتدخين السلبي آثار بعيدة المدى وآثار فورية (قريبة المدى)، أما بالنسبة للآثار بعيدة المدى فمن المعروف أن التعرض للتدخين السلبي يعد سببًا في الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والسرطانات، وفضلاً عن أن ذلك يُضايق الآخرين ويزعجهم فإن له آثاراً صِحّية بالغة على جميع الأعمار ، أما الآثار الفورية فتتمثل في: حساسية العين، والأنف، والحلق، والحنجرة، والصداع، والدوار، والغثيان، والتهابات الأذن الوسطى عند الأطفال وإثارة نوبات الربو.
أيها المسلمون
أما عن أضرار التدخين على البيئة : فيعد دخان التبغ من أكثر عوامل تلوث البيئة، لاحتوائه على ذرات وغازات معظمها سام أو مؤذ، والتدخين يسبب التلوث الهوائي، وتساهم مخلفاته من علب السجائر الفارغة وأعقاب السجائر والكبريت في إفساد البيئة التي يعيش فيها الإنسان. كما يسبب تلفاً للمفروشات. ويزيد من تكاليف التهوية والصيانة، للحفاظ على بيئة نظيفة وخالية منه. أما عن أضرار التدخين الخلقية: فنتيجة لما يُحدِثه الإدمان على التدخين من أمراض نفسيَّة وجسديَّة، وخسارة مالية وغيرها دون فائدة، فإنَّ متعاطِيه يَشعر بالقَلق والاضطراب النفسي، وتراكُم الهموم؛ ولذلك تَجد غالب المدخِّنين عابسَ الوجْه، مُقطب الْجَبين، ضيِّق الصدر والأُفق، خصوصًا عندما يَفقد هذه المادة ولو يسيرًا؛ لذلك تجده يَثور لأَتْفه الأسباب، فقد يُطَلِّق زوجته، وقد يَضرب ولده دون سببٍ يُذْكر، ويُسيء معاملة جيرانه وأهله وإخوانه، ويُحرِج موظَّفِيه ومُرَاجعيه. كما أنَّ هذه العادة الخبيثة تضطرُّ صاحبها إلى مصاحبة السُّفهاء والأشرار، والبُعد عن الأخيار، ومجالس الذِّكْر والعلم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( التدخين وأضراره )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأما عن آثار التدخين على الفرد من الناحية الدينية : فقد قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة (91) ، فذكر الله تعالى أن من أسباب تحريم الخمر والميسر الصد عن الذكر وعن الصلاة ,وهذه العلة هي متحققة أيضا في الدخان, لأن شاربه في العادة يهرب عن حلق الذكر ,والقراءة ويألف اللهو ,والباطل عادة, وهو غالبا من أكسل الناس عن الصلاة, وأبعدهم عن حضور المساجد إلا ما شاء الله, ومن صلى منهم رأيت عليه آثار التثاقل ,فهو لا يأتي الصلاة إلا دبارا, وهكذا سائر العبادات ,وبالأخص الصيام ،فإنه أثقل على المدخنين من غيره, لأنهم به ينفطمون عن لذتهم وسلوتهم ,وهي التدخين, وينالهم بتركه آلام وصعوبات نفسية ,
أيها المسلمون
إن الإنسان الذي يسعى للحصول على حياة صحيّة سليمة وخالية من أي مرض، يجب عليه الإقلاع عن عادة التدخين، واتّباع كافة الطرق والوسائل التي تُساعده على التخلّص من هذا الوباء المدمّر لحياته، وأختم حديثي برسالة إلى كل مدخن : أخي المدخن / وأختي المدخنة : كم أتحسر عليك كثيرا عندما أرى تلك الشفاه الطيبة التي بها تنطق شهادة التوحيد ، أراها تحمل خبيثا نكدا دخانا متطايرا ، أخي والله إني لأعلم أن لك عقلا رزينا يردك إلى الحق ويرشدك إلى الهداية التي تجلب لك رضا الله عز وجل ثم جنته ، لذلك أدعوك أخي الحبيب أن تجلس مع نفسك جلسة مصارحة وصدق ليس مع نفسك فحسب بل مع الله الذي يعلم ما في نفسك ومع ذلك يتقرب إليك كلما تقربت منه ، قم أخي الآن وصل ركعتين متوجها فيهما إلى الله بصدق أن يصرف عنك هذا السوء ،ودع عنك وساوس الشيطان وكلام الأصحاب قبل أن تعض أيادي الندم يوم لا ينفع الندم. أخي اركب سفينة النجاة أعني سفينة محمد صلى الله عليه وسلم لتصل إلى شاطئ الأمان وتنال رضا الكريم المنان ويسكنك بعد ذلك في أعالي الجنان.
الدعاء