خطبة عن حديث (مَنِ ابْتُلِىَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ)
مارس 30, 2019خطبة عن قوله تعالى (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ)
أبريل 6, 2019الخطبة الأولى ( مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين البخاري ومسلم : (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله تعالى- مع هذا الهدي النبوي الشريف ، والذي يحذر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المصورين الذين يضاهئون خلق الله من عقوبة ذلك يوم القيامة ،ففي الحديث بيان شدة الوعيد في التصوير، وأنه من الكبائر العظيمة ،والواجب على المؤمن أن يحذر هذه الجريمة، وأن يُحذِّر منها إخوانه، وأن يُتْلِفَ ما وجد من ذلك؛ ففي سنن النسائي : (قَالَ عَلِىٌّ رضى الله عنه : أَلاَ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاَ تَدَعَنَّ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ وَلاَ صُورَةً فِي بَيْتٍ إِلاَّ طَمَسْتَهَا ). وقد قسَّم النووي – رحمه الله – المصورين إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول : من صنَع الصورة لتُعبَد من دون الله؛ كالذين يصنعون الأصنام؛ فهذا كافر، وهو أشد الناس عذابًا. القسم الثاني: من لم يقصد أن تُعبَد الصورة، ولكنه قصد مضاهاة خلْق الله؛ فهذا أيضًا كافر، وله من شدة العذاب ما للكافر. القسم الثالث: من لم يقصد العبادة ولا المضاهاة، فهذا فاسقٌ صاحب ذنبٍ كبير. فالتصوير لا يجوز مطلقًا، ولكن متى وُجِدَتْ في بساطٍ أو وسادةٍ أو أرضٍ فلا بأس أن تُوطأ، ولا يضرّ وجودها، إنما يضرّ كونها مُعلَّقةً، أو مرفوعةً في شيءٍ، أو منصوبةً في جدارٍ، أو في ثوبٍ يلبسه، أو ما أشبه ذلك، أما ما يُمْتَهن فلا بأس، وهكذا مثل ( العلب) التي تكون فيها الفواكه أو الأدوية وتُطرح، هذه من جنس الممتهنات، من جنس الوسائد وأشباهها. وإذا طُمِسَت الصورةُ بقطع رأسها زال حكمها؛ لما ثبت في سنن الترمذي بسند صحيح : (حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِى كُنْتَ فِيهِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِى بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَيَصِيرَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوَطَآنِ وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ ». فدلَّ ذلك الحديث على أن الشيء الذي يكون في بساطٍ ونحوه مما يُوطأ لا يضرّ، وإن كان صاحبُه قد فعل محرَّمًا بالتصوير، لكن وجودها في البساط ونحوه لا يُمْنَع؛ لأنها مُمتهنة تُوطأ ويُجلس عليها، وكذلك التصوير للضرورة التي لا بد منها فلا حرج في ذلك مثل تصوير جوازات السفر ، والهويات ( البطاقات الشخصية ) والكرنيهات، والشهادات ،وما في حكمها ،وذلك حتى يتبين هوية حاملها ، وحتى لا يشتبه بغيره ، فإذا وجدت الصورة لم يستطع غير صاحبها أن ينسبها إلى نفسه، وهكذا عند الحاجة الأخرى مثل أصحاب الجرائم المعروفين إذا صورهم ولاة الأمور ونشروا صورهم بين أقسام الشرطة في أطراف البلاد حتى يعرفوهم أو ما أشبهه من الحاجات المهمة الضرورية العظيمة، فلا حرج في ذلك. ويستثنى أيضا من هذا لعب الاطفال كالعرائس ونحوها فإنه يجوز صنعها وبيعها ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَىَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي) ،وفي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَفِى سَهْوَتِهَا سِتْرٌ فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ فَقَالَ « مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ». قَالَتْ بَنَاتِي. وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ فَقَالَ « مَا هَذَا الَّذِى أَرَى وَسْطَهُنَّ ». قَالَتْ فَرَسٌ. قَالَ « وَمَا هَذَا الَّذِى عَلَيْهِ ». قَالَتْ جَنَاحَانِ. قَالَ « فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ ». قَالَتْ أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلاً لَهَا أَجْنِحَةٌ قَالَتْ فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ ).
وجمهور العلماء يرون جواز تصوير ما لا روح فيه من الأشجار والمباني وغيرها ويستدلون على ذلك بعدة أدلة منها :ما أخرجه البخاري ومسلم (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ ” فعُلِم أن النهي في الحديث متوجهٌ إلى ما فيه روح ، ومما يؤيد هذا الفهم أن ابن عباس رضي الله عنهما وهو راوي الحديث قد أفتى بجواز رسم الشجر وما لا روح فيه كما جاء في صحيح البخاري ومسلم (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لا أُحَدِّثُكَ إِلا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ ” مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا ” فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ ـ أي ابن عباس ـ : وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ “
أيها المسلمون
واعلموا أن التصوير حرام؛ لعدة أسباب ومحاذير، ومنها : أولاً: أنه من وسائل الشرك؛ فإن الشرك أول ما حدَث في الأرض كان سببه التصوير، لَمَّا صوَّر قوم نوح رجالاً صالحين بعد وفاتهم، ونصَبوا صورهم على مجالسهم – بإيحاء من الشيطان – ومضت مدة من الزمان؛ عُبِدت تلك الصور من دون الله، ولما نهاهم نبي الله نوح – عليه السلام – عن عبادتها، أصرُّوا عليها، وأبوا أن يَتركوها ، قال الله تعالى :﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ﴾ [نوح: 23]. وكذلك قوم إبراهيم كان شِركهم بعبادة التماثيل، وقد أنكر عليهم خليل الله – عليه السلام – ذلك؛ قال : ﴿ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 52]، فاحتجوا بقولهم: ﴿ وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 53]. فالتصوير منشأ الوثنية؛ لأن (الاحتفاظ) بالصور – خصوصًا صور المُعظَّمين – ووضْعها موضع الإجلال؛ بتعليقها على الجدران، أو إقامة التماثيل لها في الميادين – يسبِّب تعلُّقًا بها وتعظيمًا لها، يؤول في النهاية إلى عبادتها. ولهذا سدَّ الشارع هذا الطريق، وقطع هذه الوسيلة، فحرَّم التصوير، وتوعَّد عليه بأشد الوعيد، وأمر بطمْس الصور وإهانتها وامتهانها؛ تخلُّصًا من شرها، ولتجنيب الأجيال اللاحقة عظيم خطرها. ثانيًا: حُرِّم التصوير؛ لِما فيه من مضاهاة خلق الله – عز وجل – الذي تفرَّد بالخلق؛ فهذا المصور يحاول أن يُوجِد ما يُشبه خلق الله، فالله – تعالى – له الخلق والأمر، وهو خالق كل شيء، وهو الذي صوَّر جميع المخلوقات، وجعل فيها الأرواح التي تحصل بها الحياة؛ قال الله تعالى : ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [السجدة: 7 – 9]. فالمصور لما صوَّر الصورة على شكل ما خلقه الله – تعالى – من إنسان وبهيمةٍ – صار مضاهيًا لخلق الله، فصار ما صوَّره عذابًا له يوم القيامة، وكُلِّف أن يَنفخ فيه الروح، وليس بنافخ، فكان أشد الناس عذابًا؛ لأن ذنبه من أكبر الذنوب. ثالثًا: يحرم التصوير؛ لِما يجرُّ إليه من الافتتان بالصورة الجميلة للنساء، خصوصًا: النساء الخليعات المتبرِّجات العاريات، وشبه العاريات؛ كالصور التي تنشر في الأفلام وبعض الصحف والمجلات، فإن هذه الصور تدعو إلى فساد الأخلاق، وانتشار الجريمة، وكذا عرْض صور الرجال أمام النساء، مما يدعوهنَّ للافتتان بهم، وقد أصبح هذا اللون من الصور من أعظم الفتن التي أفسَدت الأخلاق
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكما يحرم صنع التماثيل والصور يحرم اقتناؤها ووضعها في البيت ، ومن الواجب كسرها حتى لا تبقى على صورة التمثال . وروى البخاري : (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ أَنَّ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلاَّ نَقَضَهُ ) . وفي الصحيحين : (أنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ الصُّورَةُ » ، ومن المعلوم كذلك : حرمة تصوير النساء والفتيات بالجوالات ذات الكاميرا ،وتداول تلك الصور بالتقنيات الحديثة المعروفة اليوم ، لأنها مشتمل على مفاسد عديدة ، ومنها: أولاً: الاطلاع على العورات وكشفها، وهو أمر محرم شرعاً، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ ». ثانياً: فيها إيذاء الناس وإلحاق الضرر بهم، وقد قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } الأحزاب 58. ولا شك أن تصوير النساء والفتيات وتداول صورهن فيه أذىً وضررٌ كبير وتتبع لعوراتهم، وفي سنن الترمذي بسند حسن : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ » ، ثالثاً: أن نشر صور الفتيات وتداولها عبر التقنيات الحديثة – وخاصة المتبرجات منهن – فيه إشاعة للفاحشة بين المؤمنين، ولا شك في تحريم ذلك، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } النور 19. كما أن فيه فساداً وإفساداً حيث يقوم بعض الناس بعمل دبلجة للصور ونشرها في أوضاع مخلة بالآداب الشرعية، وهذا الأمر صار ميسوراً مع التقدم العلمي واستخدامه استخداماً سيئاً. رابعاً: إن نشر صور الفتيات وتداولها عبر التقنيات الحديثة يحرم أيضاً لأنه يدخل في باب التجسس على الناس، وقد قال الله سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا } الحجرات 12. قال الإمام القرطبي:[ ومعنى الآية: خذوا ما ظهر ولا تتبعوا عورات المسلمين، أي لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه حتى يطلع عليه بعد أن ستره الله.] تفسير القرطبي ، خامساً: إن نشر صور النساء والفتيات وتداولها عبر التقنيات الحديثة قد يتسبب في وقوع كثير من المشكلات العائلية، وخاصة إذا كانت المرأة والفتاة التي نشرت صورتها متزوجة، فقد يتسبب ذلك في وقوع الطلاق وتشريد الأطفال،
الدعاء