خطبة عن (إطعام الطعام) مختصرة
يناير 3, 2024خطبة عن (الدعاء بالعمل الصالح) مختصرة
يناير 3, 2024الخطبة الأولى (التماس العذر) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه بسند حسنه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ أَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ أَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ فَقَالَ «كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً»
إخوة الإسلام
من كلمات الحكماء والعقلاء: (التمس لأخيك سبعين عذرا)، وقال عمر بن الخطاب: «لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً) وقال عمر بن عبد العزيز: “أعقل الناس أعذرهم لهم”. فالتماس الأعذار للآخرين منهج إسلامي أصيل، دعانا الله تعالى إليه، وحثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عليه، فالأصل في المسلم حمل أمر الناس على أحسن المحامل، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ){الحجرات:12}، وفي الصحيح :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ»، وفي مسند أحمد: (أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي خَادِماً يُسِيءُ وَيَظْلِمُ أَفَأَضْرِبُهُ قَالَ «تَعْفُو عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً». فالتماس الأعذار، وعدم مؤاخذة الناس على أخطائهم ، من كمال الفهم، ورجاحة العقل، وحسن الخلق، فمن قبل الأعذار والتمس للناس العذر، وتجاوز عن إساءة المسيئين، وصفح عن خطإ المخطئين، كان من أنعم الناس قلبا، ومن أهداهم نفسا، ومن أشرحهم صدرا فالإنسان المنصف يعلم أن الصوارف والعوارض والشواغل قد تمنع الانسان أحيانا من تحقيق ما وعد به، أو ما يريده، لذا، فينبغي أن يلتمس بعضنا لبعض العذر في حال الإخلال بذلك، وهذا دليل على سلامة القلب، ورحابة الصدر، أما الذي يعاتب الناس على كل صغيرة وكبيرة، ويؤنبهم على كل خطإ، فلن يستمر معه أحد، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم المثل في حسن الظن بالآخرين، والتماس العذر للمخطئين، فهذا الصحابي الجليل (حاطب بن أبي بلتعة)، أخطأ حينما أرسل لكفار قريش رسالة يخبرهم فيها بنية الرسول بفتح مكة، ولما جيئ بالرسالة: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِى قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ، يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «لَقَدْ صَدَقَكُمْ». قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ . قَالَ «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (التماس العذر)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور التماس العذر لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء في الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بِالصَّدَقَةِ فَقِيلَ مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَمُّ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَهْيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَمِثْلُهَا مَعَهَا»، فينبغي أن يسعى الإنسان جاهدا في التماس العذر للناس، وألا يؤاخذهم بأخطائهم، فقد أصبح الخطأُ في زماننا أقرب إلى جُرمٍ لا يُغتَفر، فبمجرد أن ترتكب هفوةً بسيطةً، وتجدُ الألسنة لكَ بالمرصاد، فأين هو ذاك الإنسان الذي يُقدّر حالة أخيه النفسية، أو المادية، فلا يكترثُ إن هو رأى منه موقفاً يحيد عن الصواب، لأنه يتفهّم واجبَ التماسِ العذرِ له حتى تنتهيَ المسبّبات، والتماس العذر تجاه الآخر هو جزءٌ من الرحمة، فلا يمكننا أن نعيش دون أن نخطئ، لأن الخطأ واردٌ في تصرفات الإنسان، ولأن التماس العذر هو بمثابة اعطاؤه فرصة أخرى، ليصحح خطأه، ألا فالتمسوا الأعذار للأخرين.
الدعاء