خطبة عن من أخلاق المسلم :(الإيثار)
يوليو 7, 2018خطبة عن حديث (لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا)
يوليو 7, 2018الخطبة الأولى ( التمسك بالكتاب والسنة : معناه، وفوائده)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي بسند حسن صحيح : (عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ :« أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ».
إخوة الإسلام
يقوم الدّين الإسلاميّ على ركيزتين ودعامتين أساسيتين: هما القرآن الكريم ،وسنّة النّبي عليه الصّلاة والسّلام؛ فالقرآن والسّنة هما دستور هذه الأمّة، وفيهما سبيل عزّتها في الدّنيا ،وفي التّمسك بهما تكون نجاة الأمّة وحسن عاقبتها في الدّنيا والآخرة؛ فالقرآن الكريم هو كتاب الله تعالى الذي أنزله على نبيّه محمّد عليه الصّلاة والسّلام ،ليكون آخر الكتب السّماوية المهيمنة على ما قبلها من الكتب، وهو كتاب متعبّد بتلاوته معجز بآياته وبيانه، والسّنة النّبويّة الشّريفة هي كلّ ما نقل إلينا عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام من فعلٍ أو قولٍ أو تقريرٍ أو صفة. وقد أمرنا النّبي عليه الصّلاة والسّلام بالتّمسك بكتاب الله وسنّة نبيّه، وبيّن أنّ في التّمسك بهما حماية للأمّة من الضّلال والانحراف، وقد سار السّلف الصّالح على هدي النّبي عليه الصّلاة والسّلام في التّمسك بالقرآن والسّنّة النّبويّة الشّريفة ،حتّى كانوا خير قرنٍ أخرج للنّاس، وفي مسند أحمد : (عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ يُقْرِئُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتَرِئُونَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَشَرَ آيَاتٍ فَلاَ يَأْخُذُونَ فِي الْعَشْرِ الأُخْرَى حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِي هَذِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. قَالُوا فَعَلِمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ)، ومعنى الاعتصام بالكتاب والسنة: هو الالتجاء إليهما ،والاحتماء بهما عند كل فتنة، والتمسك بهما عند كل اختلاف، والتحاكم إليهما في كل صغير وكبير، وعند كل فرقة واختصام، روى مسلم في صحيحه : (مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ”
والاعتصام بالكتاب والسنة : هو التمسك بهما على فهم السلف الصالح وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وأئمة المسلمين، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115]. وروى أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجه في سننهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: “افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وسَتَفْتَرقْ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيهِ وَأَصْحَابِي” . أي: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. والتمسك بالقرآن والسنة : عصمة للعبد من الضلالة وهداية له، روى مسلم في صحيحه والحاكم في مستدركه مِن حَدِيثِ جَابِرِ بنِ عَبدِاللهِ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: “وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ” ، وروى الحاكم في المستدرك مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: “إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيئَينِ لَن تَضِلُّوا بَعدَهُمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي” ، وقال الإمام مالك: “لَا يَصلُحُ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَّا بِمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُهَا، وَمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُهَا كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ صلى اللهُ عليه وسلم”. روى الطبراني في معجمه ، وقالَ ابنُ حبَّان رَحِمَهُ اللهُ في مقدمةِ صحِيحه :وَإِنَّ فِي لُزُومِ سُنَّتِهِ: تَمَامَ السَّلاَمَةِ، وَجِمَاعَ الكَرَامَةِ، لاَ تُطفَأ سُرُجُها، وَلاَ تُدْحَضُ حُجَجُهَا، مَنْ لزِمها عُصِم، وَمَنْ خاَلَفَهَا نَدِم؛ إِذْ هِيَ الحِصْنُ الحَصِينُ، وَالرُّكْنُ الرَّكِينُ، الذِي بَانَ فَضْلُهُ، وَمَتُنَ حَبْلُهُ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ سَادَ، وَمَنْ رَامَ خِلاَفَهُ بَادَ، فَالمُتَّعَلِّقُونَ بِهِ أَهْلُ السَّعَادَةِ فِي الآجِلِ، وَالمُغْبَطُونَ بَيْنَ الأَنَامِ فِي العَاجِلِ…. وعن أبي العالية قال: قال رجلٌ لأُبَيّ بنِ كعب-:أوْصني، قال: اتخذْ كتابَ الله إمامًا، وارضَ به قاضياً وحَكمًا، فإنّه الذي استخلف فيكم رسولكم، شفيع، مطاع وشاهد لا يتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكمُ ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم.
أيها المسلمون
ومن فوائد الاعتصام بالكتاب والسنة: – أن الاعتصام بالكتاب والسنة نجاة للعبد من مضلات الفتن. – والاعتصام بالكتاب والسنة عصمة للعبد من الوقوع في الشهوات المحرمة. – وفي الاعتصام بالكتاب والسنة عزة للأمة، وقوة لها. – والاعتصام بالكتاب والسنة يكشف حيل الشيطان ومداخله. – والاعتصام بالكتاب والسنة دليل على صحة العقل ، واستقامة الفطرة. – والاعتصام بالكتاب والسنة يثمر اطمئنان القلب، وراحة النفس. – والاعتصام بالكتاب والسنة عصمة من الوقوع في البدع ومحدثات الأمور.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( التمسك بالكتاب والسنة : معناه، وفوائده)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وبعد أن تعرفنا على معنى التمسك بالكتاب والسنة ، وفوائد الاعتصام بهما ، فما هي صفات أهل القرآن والسّنة؟ فمن صفات أهل القرآن والسنّة : أن أهل القرآن والسّنة هم الذين يقرؤون القرآن ويتلونه حقّ تلاوته، فحقّ التّلاوة والقراءة أن تتدبّر آيات القرآن الكريم دون أن تمرّ عليها مرور الكرام، قال الله تعالى 🙁أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) محمد (24) ، فالمسلم صاحب العقيدة السّليمة يحبّ قراءة القرآن وتدبّر آياته لأنّها تزيد إيمانه، كما أنّه يعلم أنّ فيها منهج الحياة السّعيدة التي ينشد. ومن صفات أهل القرآن والسنّة : أن أهل القرآن والسّنة هم الذين يستمعون إلى آيات القرآن فيخشعون لها وتوجل قلوبهم لربّهم، قال الله تعالى : (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) مريم (58) ، فآيات القرآن الكريم تثير في نفوسهم نوازع الإيمان والخشية على الدوام . ومن صفات أهل القرآن والسنّة : أن أهل القرآن الكريم والسّنّة هم الذين يطبّقون ما فيهما من أحكام وتوجيهات؛ فالمسلم حريصٌ في حياته على أن يستمع إلى آيات القرآن وأحاديث النّبوّة حتّى يتعلّم ما فيها من فقه وأحكام فيعمل بها في حياته، قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر (18) ، ومن صفات أهل القرآن والسنّة : أن أهل القرآن والسّنّة هم الّذين يتّخذونهما جميعًا مرجعًا ومنهاجًا، فمن علامات السّاعة ظهور من يسمّون بالقرآنيين الذين يأخذون بما ورد بالقرآن الكريم دون السنّة النّبويّة المطهّرة، وهذا خللٌ كبير في العقيدة، ففي مسند أحمد : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَاناً عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ) .
الدعاء