خطبة عن قوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)
نوفمبر 4, 2017خطبة عن الصحابي (خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ)
نوفمبر 4, 2017الخطبة الأولى (الثبات : أنواعه ، والأسباب المعينة عليه )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة ) إبراهيم 27 ، وقال الله تعالى :(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) النساء 66، وروى مسلم في صحيحه أن : (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ قُلُوبَ بَنِى آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ». وروى ابن ماجة : (النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلاَبِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ قَلْبٍ إِلاَّ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ ) وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ » . قَالَ « وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
إخوة الإسلام
الثبات : هو الاستمرار في طريق الهداية والاسلام ، والالتزام بمقتضيات هذا الطريق ، والمداومة على الخير ، والسعي الدائم للاستزادة منه، ومهما فتر المرء ، أو قصر في الطاعات، ولكن هنالك مستوى معين على طريق الهداية لا يقبل المسلم التنازل عنه أو التقصير فيه ، فإن زلت قدمه فلا يلبث أن يتوب ويرجع ، وربما كان بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها ، وذلك هو حال المتصف بخلق الثبات .والثبات على الدين الحق ،والتمسك به ،هو صفة من صفات المؤمنين الصادقين، قال تعالى : (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ) إبراهيم27 ، وقدوتنا في الثبات هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد لاقى ما لاقى ، ومع ذلك ، فقد ظل ثباتًا حتى بلغ رسالة ربه على أتم وجه ، وفارق الدنيا وهو كذلك . والثبات مظهر بارز من مظاهر الاستقامة ؛ لأن المتذبذب والمتقلب متغير الأحوال ، ولا يقدر على الثبات ، ولا يقوى على الاستقامة ، ولذلك سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وسائل الثبات ، فيقول أحدهم : (يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ فِي الإِسْلاَمِ لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَكَ. قَالَ « قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ ». وقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ شَيْءٍ أَتَّقِى قَالَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى لِسَانِهِ ) رواه أحمد . وهذا آخر يسأله صلى الله عليه وسلم ( يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي بِعَمَلٍ أَسْتَقِيمُ عَلَيْهِ وَأَعْمَلُهُ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَيْكَ بِالْهِجْرَةِ فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهَا » رواه النسائي. وكان من دقيق ملاحظة الصحابة لظاهرة الثبات في سلوك كل فرد أن بريدة بن الحصيب لقى سلمة بن الأكوع قادمـًا من البادية فظن أنه قطع هجرته إلى المدينة، فأراد أن يثبته، ففي مسند أحمد أنَّ سَلَمَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَهُ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحَصِيبِ فَقَالَ ارْتَدَدْتَ عَنْ هِجْرَتِكَ يَا سَلَمَةُ. فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنِّى فِى إِذْنٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « ابْدُوا يَا أَسْلَمُ فَتَنَسَّمُوا الرِّيَاحَ وَاسْكُنُوا الشِّعَابَ ». فَقَالُوا إِنَّا نَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَضُرَّنَا ذَلِكَ فِى هِجْرَتِنَا. قَالَ « أَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كُنْتُمْ ». فهذه صورة لحرص الصحابة على الثبات ، والتواصي به ، بل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لأصحابه بالثبات ، فيقول في دعائه صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ) متفق عليه
أيها المسلمون
ومن أنواع الثبات في حياة المسلم : أولا : ثبات القلب على الإيمان ، وعدم الزيغ والوقوع في الفتن : ففي صحيح مسلم (قَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَىُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ». ثانياً: ومن أنواع الثبات : الثبات في الجهاد ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ} [الأنفال: 45]. فمن الكبائر الفرار من الزحف ، ففي مسند أحمد : (يقول صلى الله عليه وسلم: (وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ ) ، ثالثاً: ومن أنواع الثبات : الثبات على المنهج ، قال الله تعالى : {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ،فالمؤمنون ثابتون على المنهج ، ومبادؤهم أغلى من أرواحهم، وإصرار لا يعرف التنازل. رابعاً: ومن أنواع الثبات : الثبات عند الممات: قال تعالى : (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) (27) ابراهيم ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) 30، 31 فصلت ، فأهل الصلاح يوفقهم الله تعالى للثبات عند الممات، فينطقون بالشهادتين، وقد يُرى من هؤلاء تهلل وجه ،أو طيب رائحة ،استبشارا عند خروج أرواحهم .
أيها المسلمون
وهناك وسائل وأسباب تعين المسلم على الثبات ، فمن وسائل وأسباب الثبات : أولاً: الإقبال على القرآن: فالقرآن العظيم هو وسيلة الثبات الأولى في حياة المسلم ، فهو حبل الله المتين، والنور المبين، ومن تمسك به عصمه الله وثبته ، ومن اتبعه أنجاه الله به ، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم. ثانياً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : التزام شرع الله والعمل الصالح: قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} [إبراهيم: 27]. قال قتادة: “أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر”. ثالثاً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : تدبر قصص الأنبياء ودراستها للتأسي والعمل بها : والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120]. رابعاً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : الدعاء: فمن صفات عباد الله المؤمنين أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء أن يثبتهم: كما في قوله تعالى : {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران:8]، وقوله تعالى :{…رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا..} [البقرة:285]،وفي سنن الترمذي (عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ « يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ « نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ». خامساً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : ذكر الله: وهو من أعظم أسباب التثبيت؛ وتأمل في هذا الاقتران بين الأمرين في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} [الأنفال: 45].فجعله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد. سادساً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : الحرص على أن يسلك المسلم طريقاً صحيحاً: والطريق الوحيد الصحيح الذي يجب على كل مسلم أن يسلكه هو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو طريق أهل السنة والجماعة، وطريق الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، أهل العقيدة الصافية والمنهج السليم سابعاً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : التربية: فالتربية الإيمانية العلمية الواعية المتدرجة عامل أساسي من عوامل الثبات
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الثبات : أنواعه ، وأسبابه ، وفوائده )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : الثقة بالطريق: فلا شك أنه كلما ازدادت الثقة بالطريق الذي يسلكه المسلم، كان ثباته عليه أكبر، فعليك بالطريق الذي سار فيه الأنبياء والصديقون والعلماء والشهداء والصالحون، فتزول غربتك، وتتبدل وحشتك أنساً، وكآبتك فرحاً وسروراً، لأنك تشعر بأن أولئك كلهم أخوة لك في الطريق والمنهج والهدف . تاسعاً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : ممارسة الدعوة إلى الله عز وجل: فالنفس البشرية إن لم تتحرك تأسن، وإن لم تنطلق تتعفن، ومن أعظم مجالات انطلاق النفس: الدعوة إلى الله، فهي وظيفة الرسل، وهي مخلصة النفس من العذاب؛ فيها تتفجر الطاقات، وتنجز المهمات، قال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [الشورى: 15]. عاشراً: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : الإلتفاف حول العناصر المثبتة: ففي سنن ابن ماجة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ». فالبحث عن العلماء والصالحين والدعاة المؤمنين، والالتفاف حولهم يعين على الثبات. الحادي عشر: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : الثقة بنصر الله وأن المستقبل للإسلام ،قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 146- 148]. وروى البخاري (عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ « كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ، مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ » الثاني عشر: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : معرفة حقيقة الباطل وعدم الاغترار به : قال الله تعالى: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ} [آل عمران: 196] وقال تعالى : {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء} [الرعد: 17] ،الثالث عشر: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : استجماع الأخلاق المعينة على الثبات: فقد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفُّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ » ، الرابع عشر: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات :وصية الرجل الصالح ونصيحته : فعندما يتعرض المسلم لفتنة ،أو يبتليه ربه ليمحصه، يكون من عوامل الثبات أن يقيض الله له رجلاً صالحاً يعظه ويثبته، بكلمات ينفع الله بها، ويسدد الخطى، وتكون هذه الكلمات مشحونة بالتذكير بالله، ولقائه، وجنته، وناره. الخامس عشر: ومن الأسباب التي تعين المسلم على الثبات : التأمل في نعيم الجنة وعذاب النار وتذكر الموت
أيها المسلمون
ومن فوائد الثبات وأهميته: أن الثبات دليل كمال الإيمان وحسن التوكل على الله- عز وجل- وأن الثبات دليل قوة النفس ورباطة الجأش، وهو أيضا من السبل الهادية إلى الجنة.وفي الثبات على الدين تأسٍ بالرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام -رضي الله عنهم-. وهو دليل على تمكن حب العقيدة ،والصبر عليها ،وعلى تكاليفها حتى الممات.
الدعاء