خطبة عن (الحج: حقائق وأسرار ومعاني)
يونيو 3, 2023خطبة عن (في مدرسة الحج نتعلم)
يونيو 3, 2023الخطبة الأولى الحج (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ،وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) (27 :28) الحج
إخوة الإسلام
الحج أحد أركان الإسلام الخمس، وهو فريضة على كل مسلم ومسلمة استطاع إليه سبيلا ، وفي هذه الآيات الكريمة التي استمعنا إليها بيان للحكمة والمقصد والغاية من فريضة الحج، فقال سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ،وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ)، فقوله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ )، فمن هذه المنافع التي ينالها الحاج: مغفرة الذنوب، ومحو السيئات والخطايا، والوعد بدخول الجنة، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، وفي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ »، وفي الصحيحين: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ»، وفي صحيح مسلم: (أن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ – قَالَ – فَقَبَضْتُ يَدِي. قَالَ « مَا لَكَ يَا عَمْرُو ». قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ « تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ». قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ »، وفي مسند أحمد: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ لاِبْنِ عُمَرَ مَا لِي لاَ أَرَاكَ تَسْتَلِمُ إلاَّ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ وَالْرُكْنَ الْيَمَانِيَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنْ أَفْعَلْ فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ اسْتِلامَهُمَا يَحُطُّ الْخَطَايَا ». قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « مَنْ طَافَ أُسْبُوعاً يُحْصِيهِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ ». قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « مَا رَفَعَ رَجُلٌ قَدَماً وَلاَ وَضَعَهَا إلا كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ». وفي مسند البزار: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (وَأَمَّا رَمْيُكَ الجِمَار؛ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاٍة رَمَيْتَهَا تَكْفِيرُ كَبِيرَةٍ مِنَ المُوبِقَاتِ)، ومن هذه المنافع التي ينالها الحاج :مضاعفة ثواب وأجر العبادات :ففي سنن ابن ماجه: (أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: وَصَلاَةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ ». وهذا يشمل صلاة الفرض وصلاة التطوع، وأما صلاة الزائر لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي بألف صلاة ،ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ » ،ومن منافع الحج أيضا: إجابة دعائهم، ورضا الله تعالى عنهم، وعتق رقابهم من النار ، ففي سنن ابن ماجة: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ». وفي صحيح مسلم: (قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ »، وفي صحيح ابن حبان : (عن ابنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا رَمَى الْجِمَارَ؛ لا يَدْرِي أَحَدٌ مَا لَهُ حَتَّى يُوَفَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، وقد أطلق الله سبحانه وتعالى المنافع، فقال تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ): ليدل على أن المقصود هو كل ما فيه نفع لهم ،في دينهم ودنياهم، في العلم أو في التجارة، أو في السياسة، أو في الاقتصاد، أو في كل ناحية من نواحي النفع والإصلاح، ومن أهمها تقوية وحدة المسلمين وأخوتهم، ووضع الخطط لتعاونهم وتناصرهم ومن هذه المنافع أيضا: صفاء النفوس ،وطهارة القلوب ،وتجديد التوبة ،والتمتع بالنظر إلى الكعبة ،واستلام الحجر الأسود ،والصلاة خلف مقام إبراهيم ، والسعي بين الصفا والمروة، والتضلع من ماء زمزم ،وغيرها وغيرها الكثير والكثير .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية الحج (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن مقاصد الحج كما بينته الآيات ،قوله تعالى :(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)، فمن مقاصد الحج: ذكر الله وتوحيده، والطاعة والاستسلام لأمره ،فالحاج يهل بالتلبية والتوحيد ، قائلا 🙁لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَك) ، وفي سنن أبي داود: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ ». وفي سنن الترمذي: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ إِلاَّ بِخَيْرٍ ». والحجاج يذكرون اسم الله عند ذبح الهدايا، شكرا لله على ما رزقهم منها، ويسرها لهم، ويكبرون الله تعالى في أيام معدودات ومعلومات، قال ابن عباس – رضي الله عنهما -:( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ (أَيَّامُ الْعَشْرِ)، وَالأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ)؛ فالحجاج يكبرون الله تعالى عند الخروج للحج، وعند الرجوع منه، وعند رمي الجمرات، وعند الصعود من منى إلى عرفات ،وعند الطواف ،وبالأخصّ عند إتيان الركن. ويكبرون عند ذبح الهدي. وقد ورد عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّه كان يُكبّر بمِنى إلى أن يسمع أهل المسجد صوته فيُكبّرون، وسار على ذلك ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ إذ كان يُكبّر بمِنى في تلك الأيّام عقب الصلوات، وفي الفراش، وأثناء جلوسه، ومسيره ،وفي هذا كله ذكر لله تعالى .
الدعاء