خطبة عن (الحقوق: حق المسلم على المسلم )
مارس 10, 2016خطبة عن (الحقوق :إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ)
مارس 10, 2016الخطبة الأولى (فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي : ( قَالَ سَلْمَانُ : (إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتَيَا النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَا ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ « صَدَقَ سَلْمَانُ ».
إخوة الإسلام
( فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ ) هذا هو موضوعنا: وكان الحق الأول هو محبته صلى الله عليه وسلم.. أما الحق الثاني فهو الإيمانُ به والتّصديق برسالته والاعتقاد بأنه خاتمُ أنبياء الله ورسُله، وأنَّ من حادَ عن شريعته فهو كافِرٌ خالِد مخلَّد في النار، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ». والحق الثالث من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته أن نسمَعَ له ونطيع، فنسمَع له أمرَه، ونجتنِب نهيَه، ففي صحيح مسلم (أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ». ومِن حقِّ هذا النبي الكريم علينا أن نحكِّم سنّتَه.. ونتحاكم إليها.. ونقبَلَ حكمَه علينا بطمأنينةِ نفسٍ ورِضا.. قال تعالى: ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ). النساء 65. ومِن حقِّه علينا أن لا نختارَ غيرَ سنّتِه ..يقول الله جلّ وعلا: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) الاحزاب 36..ومِن حقِّه علينا أن يكون هوانا تبعًا لما جاء به وإن خَالَف أهواءَنا ومشتهياتِ نفوسنا، يقول صلى الله عليه وسلم (لا يؤمِن أحدُكم حتى يكونَ هواه تبعًا لما جِئتُ به) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَرْبَعِينِهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَيْنَاهُ فِي كتاب الْحجَّة بِإِسْنَاد صَحِيح، ومِن حقِّه علينا أن نحرصَ على الاقتداء به والتأسِّي بسنّته واتِّباع شريعته .. يقول الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الاحزاب 21.. ومِن حقِّه علينا أن ندافِعَ عن سنّته ونردَّ على كلِّ المغرضين والحاقدِين والحاسِدين وعلى كلِّ الجاهلين والمعرِضين عنها، فتعظيمُ سنَّتِه والذبُّ عنها جهادٌ في سبيل الله
إخوة الاسلام
ثم ننتقل إلى حق آخرألا وهو حق ولي الأمر على رعيته .. فولي الأمر له حقوق على رعيته أولها .السمع والطاعة في غير معصية الله عز وجل.. يقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) النساء 59 ،وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم قَالَ « السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ » وقال ( مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى ، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى) ،وعند البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِىٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ » ،فالولاء والوفاء على كتاب الله وسنة رسوله ، صدقًا من قلوبنا، وإخلاصًا من نفوسنا في العسر واليسر والمنشط والمكره. يقول سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى: “لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم”. فاعرفوا لولاتكم وعلمائكم قدرهم وحقهم ترشدوا وتسعدوا..ومن حق ولي الامر أن تدعو له بالصلاح والتوفيق والسداد، يقول الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى: “لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للإمام؛ لأن به صلاح الرعية، فإذا صلح أمنت البلاد والعباد”
اقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم ننتقل إلى حق آخر ألا وهو حق الوالدين على أولادهم.. وأول هذه الحقوق برهما والاحسان اليهما قال الله تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) الاسراء 23 .ومن حقوق الوالدين على أولادهم الطاعة في غير معصية والشكر ، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات مقرونات بثلاث: لا تقبل واحدة بغير قرينتها: (وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ) فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه. ( وَأَقِيمُواْ الصلاةَ وَاتُواْ الزكاةَ ). فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه. (وأن اشكر لي ولوالديك) فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.. ومن حقهما المحبة والتقدير، والطاعة والتوقير، والتأدب أمامهما، وصدق الحديث معهما، وتحقيق رغبتهما في المعروف، وتنفق عليهما ما استطعت :لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنت ومالك لأبيك).. ولا تحدثهما بغلظة أو خشونة أو رفع صوت. جنبهما كل ما يورث الضجر: ( فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا ) ولكن تواضع لهما، واخفض لهما جناح الذل رحمة وعطفاً وطاعة وحسن أدب ،قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن لي أماً بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حوائجها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟ قال: لا. لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وأنت تتمنى فراقها، ولكنك محسن، والله يثيب الكثير على القليل..أما عقوق الوالدين فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على اصحابه فقال: (يا معشر المسلمين إياكم وعقوق الوالدين، فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام، والله لا يجد ريحها عاق) ونستكمل الحقوق في لقاء قادم ان شاء الله
الدعاء