خطبة عن (الدروس المستلهمة من قصة سيدنا إبراهيم)
أبريل 7, 2016خطبة عن (الدروس المستفادة من قصة إبراهيم )
أبريل 7, 2016الخطبة الأولى (قصة سيدنا إبراهيم دروس وعبر)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (111) يوسف
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن الدروس المستفادة من قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام: فمن الدروس المستفادة – الفزع إلى الصلاة حال الخوف: ففي الصلاة راحة للنفس وطمأنينة للقلب ومناجاة للرب؛ فإن إبراهيم عليه السلام فزع إلى الصلاة ونصب قدميه بين يدي ربه حينما ذهبت زوجته سارة إلى جبار مصر.. قام يدعو الله عز وجل ولم يزل كذلك حتى عادت زوجته سالمة غانمة بفضل الله تعالى. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفزع إلى الصلاة إذا ألَمَّ به خطبٌ ما. فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: “كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى” (رواه أحمد وأبو داوود). ومن الدروس المستفادة – الاستغفار بعد الفراغ من العبادة: وهذا شأن الصالحين حيث تكون قلوبهم وجلة خائفة ألا يتقبل الله منهم أعمالهم؛ فإبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل قالا بعد الفراغ من بناء البيت الحرام: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:127، 128]. ومن الدروس المستفادة – من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه: فالله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين لا يتفضل عليه أحد من العالمين، فمن ترك من أجله شيئًا عوضه مثله وزيادة؛ فإن إبراهيم عليه السلام لم أيس من قومه قرر أن يعتزلهم ويبتعد عنهم فوهب الله سبحانه وتعالى له على الكبر إسماعيل وإسحاق. قال تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم:49]. وهناك الكثير الكثير من الدروس المستفادة من حياة أبينا إبراهيم عليه السلام سبق وأن أشرت إليها في خضم الحديث عنه عليه السلام، ومن ذلك:– إكرام الضيوف وآداب الضيافة؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» (رواه البخاري). – رد السلام بأحسن منه؛ قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء:86].
أيها المسلمون
ومن الدروس المستفادة من قصة ابراهيم عليه السلام : طلب الولد الصالح: فقد قال إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ). فَطَلَبَ مِنَ الله تعالى الْوَلَدَ, وَلَمْ يطلب أيَّ ولد؛ وإنما طلب ولدًا صالحًا؛ لأن من أفضل نعم الله تعالى على العبد أن يرزقه بالولد الصالح؛ ذكرًا كان أو أنثى؛ فينفع وَالِدَيْهِ في الدنيا والآخرة. فيَبِرُّ أبويه في الدنيا ولا يُغْضِبُهُمَا, وَيُلَبِّي أوامرهما؛ فيعيشان في راحة بالٍ, وسعادة, وينفعهما بعد مماتهما بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة, وهذا من أشد ما يحتاجه المرء بعد موته؛ كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”. وجميع الناس يتمنون من الله عز وجل الولد الصالح؛ إلا أن كثيرًا منهم لا يأخذون بالأسباب المؤدية إلى ذلك.فمن الأسباب المؤدية إلى الولد الصالح . أولًا: اختيار الزوجة الصالحة: وذلك لأنها هي التي ستربي ولدك؛ فإن كانت صالحة ربتهم على الصلاح, وإن كانت غير ذلك ربتهم على غير ذلك. ومن الأسباب المؤدية إلى الولد الصالح : الدعاء: فعلى المسلم أن يتضرع دائمًا وأبدًا إلى الله تعالى أن يرزقه الذرية الصالحة, كما فعل إبراهيم عليه السلام. وقال تعالى في صفة عباد الرحمن الصالحين: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. ومن الأسباب المؤدية إلى الولد الصالح أذكار الجماع: فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَرُزِقَا وَلَدًا لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ “. ومن الأسباب المؤدية إلى الولد الصالح : أمر الأولاد بالطاعات, ونهيهم عن المعاصي: أمرهم بالطاعات؛ كالصلاة والصيام والصدق والبر, وغير ذلك. ونهيهم عن المعاصي؛ كالكذب والغش والخداع, وغير ذلك. ومن الأسباب المؤدية إلى الولد الصالح : القدوة الحسنة: فلابد للوالد والوالدة أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهما؛ فلا يفعلون المعاصي والفواحش؛ بل يكونا دائمًا وأبدًا مراقبين لله تعالى في أقوالهم وأفعالهم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (قصة سيدنا إبراهيم دروس وعبر)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الدروس المستفادة من قصة نبي الله إبراهيم عليه السلام : التأدب في الدعاء: فلما قال إبراهيم عليه السلام: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) استجاب الله تعالى له على الفور, فقال: ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ).والفاء في قوله: (فبشرناه) تفيد الفورية. وإنما ذلك لأن إبراهيم عليه السلام تأدب بآداب الدعاء, فللدعاء آداب وشروط: فأما الشرط الأول: فهو إخلاص الدعاء لله تعالى فيتوجه العبد بدعائه إلى الله تعالى, لا لأحد سواه: الشرط الثاني: أن يكون الداعي طائعًا لله تعالى, مستجيبًا لأوامره, ومنتهيًا عما نهى عنه: قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}. الشرط الثالث: إطابة المطعم: ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51] وَقَالَ تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] ،ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ الشرط الرابع: عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رَحِمٍ: ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ: يَقُولُ: «قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ».الشرط الخامس: عدم العجلة في الدعاء: ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. الشرط السادس: العزم في المسألة: ففي صحيح البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ، وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لاَ مُكْرِهَ لَهُ”. الشرط السابع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ففي السنن عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ». الشرط الثامن: الإكثار من النوافل: فقد قال الله تعالى كما في الحديث القدسي عند البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) . وأخيرًا؛ فإن إجابة الدعاء تكون إما بإعطاء العبد ما أراد وتعجيل ذلك له في الدنيا, وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها, وإما بادخار ذلك له إلى يوم القيامة؛ إذا علم الله تعالى أن فيما طلبه العبدُ شرًا له. ففي مسند أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ [ص:214] يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا, قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ). ونواصل الحديث إن شاء الله
الدعاء