خطبة عن (مواقف ودروس من غزوة بدر الكبرى )
أبريل 14, 2016خطبة عن (دروس مستفادة من قصة نبي الله شعيب)
أبريل 16, 2016الخطبة الأولى ( دروس وعبر من قصة أهل مدين مع نبي الله شعيب )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) (87 ): (89) الاعراف
إخوة الإسلام
ومع الوقفات والأسرار المستنبطة من الآيات الواردة في قصة نبي الله شعيب مع قومه ومنها : الوسع الصادق، والوسع الكاذب: ففي قوله – عز من قائل -: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) {مَا اسْتَطَعْتُ}، هذه اللطيفة – التي جاءت عقب الإصلاح – فيها إقرارٌ بالضعْف؛ {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، وفيها إرشاد للدُّعاة والمصلحين لبَذْل المُسْتَطاع في حُدُود الوسع البشري؛ يقول تعالى: {وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ} [المؤمنون: 62]، هذه الآية الكريمة تضع القانون المطلق بالحق المطلق، {وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، يقول د. عدنان رضا النحوي: “فلا يأتي التكليف من عند الله إلا في حُدُود وسع الإنسان؛ فالله هو الخالِق، وهو أعلَمُ بوسْع الإنسان وطاقته وقدرته، والوسع الذي سيُحاسبه الله عليه يوم القيامة إنه الوسع الصادق، حتى نفرقه عن الوسع الكاذب، أما الوسع الذي يرسمه الهوى والأوهام، فهو الوسع الكاذب والذي يلتمس به الإنسان الأعْذار، ليسوغ به وهنه وعجزه وضعفه”؛ فكم من مسؤولية فرَّطْنا فيها! وكم من فرصة ضيَّعناها! وكم مِن مصْلحة لم نبذلْ في سَبيلها وسْعنا الصادق، فانقلبتْ إلى مفْسدة، وسنحاسب عليها غدًا يوم القيامة! فتأمَّل هذه البصائر الرَّبانيَّة.7– التوفيق منَ الله: ففي قوله تعالى: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِالله}، إرشاد آخر من العلِيِّ القدير لعبادِه المصلحين: أنَّ العمل مهما بذل فيه من جهد يبقَى التوفيقُ منه وحْده؛ حتى لا يتَّكِل الدَّاعيةُ على الأسباب، ويربط التوفيق بكدِّه وسَعْيِه، ومناسَبة النتائج للأسباب.ولهذا نرى نبي الله شعيبًا – عليه السلام – يضع حدودًا لنفْسه ويلتزم بها؛ {إِلاَّ بِاللهِ}، فما التوفيق في الدَّعْوة، واستجابة الخلق لها إلا من الله، فربَّما فَتَحَ الله عليك باب العمل، ولم يفتحْ عليك باب القبول، وربما فَتَحَ عليك بابَ العِلْم، ولم يفتحْ عليك بابَ الإخلاص، فاطرق أي باب شئْتَ، واسأل التوفيق منه وحْده.8- خمس بخمس: قوله تعالى: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}، جاءت الآية بهذه الصِّيغة بتقْديم المعمول على العامل؛ لتُفيد الحَصْر والقَصْر، وهذا غير قول القائل: توكَّلْتُ عليه؛ إذ هذه تُفيد التوكُّل على الله وعلى غيره، لكن الأُولَى فيها قصْر التوكُّل على الله وحده والتوكُّل مطْلوب في أُمُور الدُّنيا كلها، وخصوصًا في تحقيق مرادات الله من عباده؛ كالجهاد، والدعوة، وإقامة الخلق على مراد الخالق. فالتزام الداعية في دعْوته بهذا الرُّكن الركين من الدِّين، يفْتح عليه أبواب القَبول، وسُبُل الهداية، كما يُغلق عليه أبواب الوسواس، والالْتِجاء إلى غير الله، فالله – المقَدِّر لمقادير الأُمُور، ومُصَرِّف أسبابها – أَمَر العبْدَ بأمْرٍ، وضمن له ضمانًا،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (دروس وعبر من قصة أهل مدين مع نبي الله شعيب )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إنْ قامَ العبدُ بواجِب النُّصح والإصلاح، قامَ الله سبحانه له بما ضمن له منَ الرزق والكفاية والنصْر، فهو سبحانه ضمن خمسًا بخمس :1 – ضمن الرِّزق لِمَن عَبَدَهُ. 2 – والنصر لِمَن استنْصَره، وتوكَّل عليه. 3 – والكفاية لِمَنْ كان اللهُ هَمَّه ومُرادَه. 4 – والمغْفرة لِمَنِ استغْفَرَه. 5 – وقضاء الحوائج لِمَن صدقه في طلبها، وقوي رجاؤُه في ميسرها. 9- ومَن أَوْفَى بعهده من الله: ففي قوله – عز وجل -: {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}، فما دام التوفيقُ من الله، والتوكُّل عليه والإنابة إليه، فالمسالة محسومة إذًا، فنبيُّ الله شعيب – عليه السلام – على يقينٍ تامٍّ من أمْرِ دَعْوَتِه، متبصر بمنهج الله، مقبل عليه، واثق من نصره، وهذه هي المحدَّدات الأربعة الضرورية لنجاح أية دعوة، وهي دعامات العَمَل الإسلامي الراشد، وهي أساسُ كلِّ إصلاح، وهي في الأخير خُلاصة هذه القصَّة العظيمة؛ قصة شعيب – عليه السلام.
أيها المسلمون
يبقى أنْ نُشير إلى أنَّ أيَّة دعوة راشدة لا بد لها مِن جماعة تَحْتَضِنها، وتسير بها وتدعمها بالعلم والعمل؛ فمنَ المعلوم بالضرورة في أمْر الدعوات: أنَّ دعْوة الأنبياء يسددها الوحي، ودعوة المصلحين يدعمها الجهْد البَشَري، الذي يبْقى دائمًا ناقصًا، وقابلاً للتقويم، وهذا لا ينقص من أهمية هذا العمل الجليل؛ خاصة إذا استَحْضَرْنا فيه أجْر الهداية، ومع مَن نُتاجر، إنها تجارة تَرُوم الجنة، إنَّها تجارة مع الله؛ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111]. إخوة الاسلام : (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (88) هود
الدعاء