خطبة عن حديث (لاَ تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلاَّ مِنْ شَقِىٍّ)
سبتمبر 14, 2019خطبة عن الغيبة (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ. ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)
سبتمبر 14, 2019الخطبة الأولى ( ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في الأدب ، والترمذي في سننه وابن حبان وصححه الألباني : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ».
إخوة الإسلام
الدعاء عبادة من أجلِّ العبادات ،وأحبها إلى رب البريات، وهو سمة العبودية ،واستشعار الافتقار لله ، والانكسار بين يديه ، والذلة لكبريائه وعظمته . والدعاء عبادة لله وحده ، لا يجوز أبدًا صرفها إلي سواه ، فهو طاعة لله ،وامتثال لأمره عز وجل ، قال الله تعالى : [وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ] (غافر:60)، وبالدعاء تكبر النفس وتشرف، وتعلو الهمة وتتسامى؛ وذلك لأن الداعي يأوي إلى ركن شديد، فينزل به حاجاته، ويستعين به في كافة أموره، وبهذا يقطع الطمع مما في أيدي الخلق، فيتخلص من أسرهم، ويتحرر من رقهم، ويسلم من مِنَّتِهم؛ فالمنة تصدع قناة العزة، وتنال نيلها من الهمة. فبالدعاء يسلم من ذلك كله، فيظل مهيب الجناب، موفور الكرامة، وهذا رأس الفلاح، وأسُّ النجاح. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته لقضاء حاجته ودفع ضرورته_ قويت عبوديته له، وحريته مما سواه؛ فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له_ فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه ، والدعاء يفتح للعبد باب المناجاة ولذائذها : فقد يقوم العبد لمناجاة ربه، وإنزال حاجاته ببابه ، فَيُفْتَح على قلبه حال السؤال والدعاء من محبة الله، ومعرفته، والذل والخضوع له، والتملق بين يديه ما ينسيه حاجته، ويكون ما فتح له من ذلك أحبَّ إليه من حاجته . والدعاء ليس مجرد عبادة لإشباع الروح فقط ، بل هو وسيلة للتغيير من حال إلى حال، وسيلة للتغيير من البلاء إلى العافية، ومن الهزيمة إلى النصر، ومن الفقر إلى الغنى، ومن المنع إلى العطاء، ومن السخط إلى الرضا، ومن العجز إلى النشاط، ومن الفشل إلى النجاح
أيها المسلمون
وبين أيدينا اليوم إن شاء الله حديث نبوي كريم ، يبين لنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مجموعة من الدعوات المستجابات ، لعلنا نعمل بها ، فيقول صلى الله عليه وسلم :« ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ». أما عن : (دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ) ، فالمعنى : أنه إذا ظلمك أحد (فأخذ مالك أو غير ذلك) فهذا الظالم إذا دعوت الله عليه ، استجاب الله دعاءك، حتى ولو كان المظلوم كافرا ، وظلمته ثم دعا الله ،فإن الله يستجيب دعاءه، لا حبا للكافر ، ولكن تحقيقا للعدل، فالمظلوم لا بدَّ أن يُنصف له من الظالم ،ولهذا لما أرسل النبي ﷺ معاذا إلى اليمن قال له: « اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » رواه البخاري ومسلم فالمظلوم دعوته مستجابة إذا دعا على ظالمه بمثل ما ظلمه أو أقل ، إما إذا تجاوز فإنه يكون معتديا فلا يستجاب له أما عن : (دَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ) ، فالمسافر: هو الذي فارق وطنه ، فيكون مسافرا حتى يرجع إليه ،ودعوة المسافر دعوة محتاج في الغالب ،والإنسان إذا احتاج ودعا ربه ،أوشك أن يستجاب له ،لأن الله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المضطر ،ودعوة المحتاج ، أكثر مما يستجيب لغيرهما .فالمسافر إذا دعا الله عز وجل أن ييسر سفره ،أو يعينه عليه ،أو غير ذلك من الدعوات ، فإن الله تعالى يستجيب له ،ولذا ، فينبغي للمسافر أن يغتنم فرصة الدعاء في السفر ،وإذا كان السفر سفر طاعة كعمرة وحج ، فإنه يزداد ذلك قوة في إجابة الدعاء ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْعُمْرَةِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ :« يَا أَخِي لاَ تَنْسَنَا مِنْ دُعَائِكَ ». وَقَالَ بَعْدُ فِي الْمَدِينَةِ « يَا أَخِي أَشْرِكْنَا فِي دُعَائِكَ ». فَقَالَ عُمَرُ مَا أُحَبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لِقَوْلِهِ « يَا أَخِي »
ثم ننتقل إلى الدعوة الثالثة من الدعوات المستجابات كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي قوله : (وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ) ، فدعوة الوالد (لولده ،أو عليه ) مستجابة ، فدعوة الوالد لولده غالبا ما تكون شفقة ورحمة به ،والراحمون يرحمهم الله عز وجل ، وأما أن يدعو عليه : فإنه لا يمكن أن يدعو الوالد على ولده، إلا باستحقاق ،فإذا دعا عليه وهو مستحق لها ،استجاب الله دعوته ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالد أن يدعو على ولده إلا بخير، ففي صحيح مسلم : قال صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ » ،وروى البخاري في صحيحه : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ عِيسَى ، وَكَانَ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ ، كَانَ يُصَلِّى ، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ ، فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّى . فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ . وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى ، فَأَتَتْ رَاعِيًا ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلاَمًا ، فَقَالَتْ مِنْ جُرَيْجٍ . فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ ، وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلاَمَ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ قَالَ الرَّاعِي . قَالُوا نَبْنِى صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ . قَالَ لاَ إِلاَّ مِنْ طِينٍ . وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ ، فَقَالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهُ . فَتَرَكَ ثَدْيَهَا ، وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ – قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – يَمَصُّ إِصْبَعَهُ – ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَ هَذِهِ . فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا . فَقَالَتْ لِمَ ذَاكَ فَقَالَ الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ ، وَهَذِهِ الأَمَةُ يَقُولُونَ سَرَقْتِ زَنَيْتِ . وَلَمْ تَفْعَلْ » ، فمن سعادة الوالدين أن يريا أبناءهم بأفضل حال ، فليس من الحكمة أن يدعو الوالد أو الوالدة على أولادهم ، ولكن من المستحب الدعاء لهم بكل خير ،والمقصود بدعوة الوالد على ولده، وبالطبع هذا في البالغين، أما الأطفال فإن دعوة السوء من والديهم لا تستجب، ولو كان هذا يتحقق لما بقي طفل لكثرة ما تدعو به الأمهات ، والبالغ من الأولاد يجب أن يحذر من غضب والديه، لأن دعوتهم عليه مستجابة، فهم يحبونه ويحبون له الخير، ولا يمكن أن يدعوا عليه إلا إذا كان عاقاً لهما. فهذا الحديث النبوي الجميل يداعب رغبتنا في الحصول المؤكد على دعوة مستجابة، ولهذا حدّد لنا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث دعوات مستجابات ، لندعو بها
أيها المسلمون
وتعميما للفائدة ، واستجلابا للخير ، فقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الدعوات المستجابات ، والتي يجب على المسلم أن يفطن إليها ، ويدعو بها ، ليجني ثمارها ، ومن هذه الدعوات المستجابات : أولا : دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة : فعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ ». (رواه مسلم) . ثانيا : دعوة الصائم عند فطره، ودعوة الإمام العادل: فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ » (رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني) . ثالثا : دعوة الولد الصالح : لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ». (رواه مسلم) . وروى الإمام أحمد في مسنده : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ ». رابعا : دعوة المضطر : قال الله تعالى : ” أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ” [النمل : 62] . خامسا : من بات طاهرًا على ذكر الله : فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا فَيَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ». (رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني) . سادسا : دعوة من دعا بدعوة ذي النون : فعَنْ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ » ( رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الدعوات المستجابات : دعوة المستيقظ من النوم، ودعاؤه بالمأثور : فعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي . أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ » (رواه البخاري) ، ثامنا : دعوة الحاج والمعتمر والغازي في سبيل الله : لحديث ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللَّهِ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ » (رواه ابن ماجة وحسنه الألباني) . تاسعا : دعوة من أحبه الله ورضي عنه : فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ » (رواه البخاري) .
أيها المسلمون
ومن الفوائد والعبر التي يمكن أن نستلهمها ونستخلصها من هذا الحديث النبوي :على المسلم أن يسعى لتحقق دعائه وإجابته من الله تعالى. وعلى المسلم أن يبتعد عن ظلم الآخرين حتى لا تصيبه دعوتهم. وإن بر الوالدين فريضة، وعقوقهما من الكبائر، ودعاؤهما على أولادهما الكبار مستجاب، فليحذر الأبناء غضب الوالدين. وعلى المسافر أن يدعو ربه لأنه قد يفارق الأحباب وقد لا يعود إليهم، وأن يدعو لمن خلّفهم بالخير، فسفره الظاهري شبيه بالسفر من هذه الدنيا. وجواز السفر لقضاء الحاجات من عمل أو علاج أو تعليم. والظلم يرافق الحياة البشرية ولا يمكن أن ينتهي إلا عند الله تعالى ، قال الله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (17) غافر
إخوة الإسلام
فما أحوجنا إلى الدعاء المصحوب بالأمل لا باليأس ولا بالإحباط، ولا بالقنوط من رحمة الله، وإذا أردنا إجابة للدعاء فإن لذلك شروطًا وآدابًا من أهمها : الإيمان ،وحسن الظن بالله ،وطيب المطعم والمشرب والملبس، فلما سأل سيدنا سعد بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «يَا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ اللُّقْمَةَ الْحَرَامَ فِي جَوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَل أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنَ السُّحْتِ وَالرِّبَا فَالنَّارُ أَوْلَى بِه» رواه الطبراني
الدعاء